واشتطن تقرر تقليص قدراتها العسكرية في الشرق الأوسط
قررت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، تقليص قدراتها العسكرية في الشرق الأوسط، وسحب مئات القوات والمنظومات المضادة للصواريخ، في إطار إعادة تنظيم لوجودها العسكري بالمنطقة، وإعادة التركيز على التحديات التي تشكلها الصين وروسيا، بحسب ما ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال”، الجمعة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين لم تُسمهم، أن وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) قررت سحب نحو 8 بطاريات باتريوت مضادة للصواريخ من دول، بينها العراق والكويت والأردن والمملكة العربية السعودية.
وقال المسؤولون، إن منظومة أخرى مضادة للصواريخ تُعرف باسم “منظومة الدفاع في المناطق ذات الارتفاعات العالية الطرفية” (ثاد)، سيتم سحبها من السعودية، إلى جانب تقليص أسراب الطائرات المقاتلة المخصصة في المنطقة.
اتصال أوستن – سلمان
ووفقاً للصحيفة، فإن عملية إعادة الانتشار تشمل مئات الجنود من الوحدات التي تشغل أو تدعم تلك الأنظمة الصاروخية.
وتأتي الخطوة وفي وقت يخطط فيه الجيش الأميركي لانسحاب كامل من أفغانستان بحلول الصيف الحالي، بعد أن خفضت الولايات المتحدة في الخريف الماضي قوام قوتها في العراق بمقدار النصف، أو 2500 جندي، لأنها قالت إن القوات العراقية يمكنها تأمين البلاد.
وأضاف المسؤولون أن الخفض الأخير، الذي لم يتم الإبلاغ عنه من قبل، بدأ في وقت سابق هذا الشهر، بعد اتصال هاتفي في 2 يونيو الجاري، أبلغ فيه وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بالتغييرات.
وأشار المسؤولون إلى أن معظم المعدات العسكرية التي يجرى سحبها تأتي من المملكة العربية السعودية.
تضاؤل خطر التصعيد مع إيران
واعتبرت “واشنطن بوست” أن قرار سحب بعض المنظومات الدفاعية يعكس وجهة نظر البنتاغون بأن خطر تصعيد الأعمال العدائية بين الولايات المتحدة وإيران قد تضاءل، مع استمرار إدارة بايدن في المحادثات النووية مع طهران، ويشير إلى نيتها لتخفيف العقوبات في حال استعادة الاتفاق النووي المبرم عام 2015.
وعلى الرغم من ذلك، فإن الفصائل المسلحة المدعومة من إيران والمجهزة بطائرات مسيرة، لا تزال تشكل تهديداً للقوات الأميركية وقوات التحالف في العراق. كما أنها اتُهمت بالوقوف وراء سلسلة من الهجمات بطائرات مسيرة في الأسابيع الأخيرة في بغداد وشمال العراق، إلى جانب أكثر من 100 هجوم على السعودية هذا العام.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول كبير في وزارة الدفاع، القول إن “عمليات سحب المعدات ترقى إلى العودة إلى مستوى تقليدي أكثر للدفاع في المنطقة”.
ولفت المسؤولون إلى أن المعدات لم تردع إيران أو وكلائها عن الأعمال المزعزعة للاستقرار، كما أن السعودية طورت أيضا قدراتها الدفاعية، وهي التي اعترضت معظم الهجمات الصاروخية على المملكة بمفردها.
قواعد في دول الشركاء
وقال المسؤولون، إن “المنظومات المضادة للصواريخ الأميركية، استخدمت بكثافة في السنوات العديدة الماضية، وتحتاج إلى إعادتها إلى الولايات المتحدة للصيانة والتجديد”.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول دفاعي كبير، أن “ما نشهده هو إعادة ترتيب للموارد مع الأولويات الاستراتيجية”، مشدداً على أن الموارد الآتية من المنطقة ليست سوى جزءاً مما تنشره الولايات المتحدة هناك”.
وأضاف المسؤول: “ما زلنا نحتفظ بعشرات الآلاف من القوات في المنطقة، ولا يزال لدينا قوات في العراق وسوريا، وتلك القوات لن تغادر. لا يزال لدينا قواعدنا في دول شركائنا الخليجيين، ولن يتم إغلاقها، ولا يزال هناك وجود كبير، وقوام كبير (للقوات) في المنطقة”.
في المقابل، قال مسؤول في البيت الأبيض، إن بعض الجنود والمعدات من أفغانستان، يجرى نقلها إلى الشرق الأوسط للرد على بعض التهديدات في المنطقة.
من جهتها، رفضت القيادة المركزية الأميركية “سينتكوم”، التي تشرف على القوات في الشرق الأوسط وأفغانستان، التعليق على التغييرات. ولم يرد المسؤولون الذين يمثلون الدول المستضيفة لتلك القوات على الفور على طلبات التعليق.
وقال مسؤولون سابقون شاركوا في قرارات تعزيز الدفاعات الأميركية في المنطقة، إن الظروف تغيرت منذ ذلك الحين، في كل من الشرق الأوسط وخارجه.
مزيج متنوع
ولفتت الصحيفة إلى أن هذه هي المرة الثانية هذا العام التي تسحب فيها الولايات المتحدة بطاريات باتريوت المضادة للصواريخ من الشرق الأوسط. ففي ربيع هذا العام، سحب الجيش الأميركي ما لا يقل عن 3 صواريخ باتريوت من السعودية، وفكر في إخراج صاروخ “ثاد”.
وقال مسؤولون إن الانسحاب يمكن أن تنظر إليه روسيا والصين، اللتان توسعان نفوذهما العسكري والاقتصادي في الشرق الأوسط، على أنه “فرصة لتعزيز أهدافهما”.
لكن مسؤولي دفاع يشيرون إلى “مزيج متنوع” من مشاركة الولايات المتحدة في المنطقة، ويشمل ذلك المبيعات العسكرية الخارجية والتعاون الأمني والمناورات العسكرية المشتركة والإبقاء على القوات البرية الأميركية.
وفي هذا السياق، قال مسؤول كبير في وزارة الدفاع: “بالطبع، ستحاول روسيا والصين الاستفادة من التعديلات في قوام القوات لإرسال رسالة مفادها أنه لا يمكن الاعتماد على الولايات المتحدة”، مضيفاً: “والواقع أنه لن يحل أي منهما محل الولايات المتحدة، وما نقدمه”.
البنتاغون
قالت المتحدثة باسم البنتاغون، جيسيكا ماكنولتي، إن “وزير الدفاع لويد أوستن، أمر قائد القيادة المركزية الأميركية (الجنرال كينيث ماكينزي) بسحب بعض القوات والقدرات العسكرية من المنطقة هذا الصيف، خصوصاً معدات الدفاع الجوي، لافتة إلى أنه ستجرى إعادة بعض هذه المعدات إلى الولايات المتحدة لإجراء عمليات صيانة وإصلاح تمس الحاجة إليها. وسيجرى إعادة نشر بعضها في مناطق أخرى. ولن نقدم تفاصيل محددة”.
وأضافت ماكنولتي، أن القرار “اُتخذ بالتنسيق على نحو وثيق مع الدول المضيفة، وبرؤية واضحة للحفاظ على قدرتنا على الوفاء بالتزاماتنا الأمنية. ويتعلق الأمر بالحفاظ على بعض المعدات ذات الكثافة المنخفضة التي يرتفع الطلب عليها حتى تكون جاهزة للاحتياجات المستقبلية في حالة الطوارئ”.
وتابعت: “نحافظ على قوام (عدد) قوي للقوات في المنطقة يتناسب مع التهديد، ونشعر بالارتياح لأن هذه التغييرات لا تؤثر سلباً على مصالح أمننا القومي. كما أننا نحافظ على المرونة لتدفق القوات بسرعة إلى الشرق الأوسط حسب ما تقتضيه الظروف”.
وأوضحت أن “التزامنا الدائم في المنطقة واضح للغاية، من النطاق الهائل لأنشطة الشراكة والمشاورات الدفاعية الوثيقة التي نجريها، إلى وجودنا البري والجوي والبحري الكبير المتبقي. لقد كنا شريكاً وثيقاً للعديد من هذه البلدان منذ عقود، ولا توجد دولة أخرى تقدم الدعم والالتزام بأمن واستقرار الشرق الأوسط كما تفعل الولايات المتحدة”.
وأكدت المتحدثة باسم البنتاغون، أن “وزارة الدفاع تحتفظ بعشرات الآلاف من القوات في الشرق الأوسط، التي تمثل بعضاً من أكثر قدراتنا الجوية والبحرية تقدماً، لدعم المصالح الوطنية للولايات المتحدة وشراكاتنا الإقليمية”، لافتة إلى أن هذه التحركات تجرى بالتنسيق مع شركائنا. واحتراماً لهم ولأمن العمليات، لن نكشف عن المواقع أو الترتيبات أو الجداول الزمنية”.