يميني متطرف يلعب دوراً حاسماً في تشكيل الحكومة الإسرائيلية
إيتمار بن غفير لديه سجل حافل من التحريض على العنف والكراهية والإرهاب
أفضت نتائج انتخابات الكنيست الإسرائيلي، إلى صعود اليميني المتطرف إيتمار بن غفير على رأس قائمة انتخابية حصدت نتائج تضمن له لعب الدور الأهم في تشكيل الحكومة الإسرائيلية.
بن غافير الذي هتف أنصاره يوم أمس بشعار “الموت للعرب” كان يعتبر في وقت من الأوقات منبوذًا في الساحة السياسية الإسرائيلية، سيلعب اليوم دورًا حاسمًا في في تشكيل الحكومة المقبلة المنبثقة عن انتخابات الثلاثاء.
وينظر كثيرون إلى بن غفير البالغ من العمر 46 عامًا على أنه مشرّع مهووس بتفجير التوتر، معتبرين أن سياسته تهدّد بإشعال النار في البلاد.
انتُخب بن غفير الذي كان في صفوف حركة كاخ الإرهابية، لعضوية الكنيست في نيسان/أبريل 2021، وهو يرأس حزب “القوة اليهودية” المتطرف، وأمضى سنوات في حملة لصالح اليمين المتطرف.
ويدعم برنامجه ضمّ إسرائيل للضفة الغربية المحتلة التي يقطنها 2,8 مليون فلسطيني، ونقل بعض السكان العرب الإسرائيليين في البلاد.
في شبابه، وُجّهت إلى بن غفير أكثر من 50 لائحة اتهام بالتحريض على العنف أو خطاب الكراهية والإرهاب.
يتفاخر بأنه تخلّص من 46 اتهاماً، وكان درس القانون ليتعلّم كيف يدافع عن نفسه. ولسنوات، رفضت نقابة المحامين طلبه الانتساب إليها بسبب سجله الجنائي.
اليوم، هو أحد أبرز الشخصيات في السياسة الإسرائيلية، وهو أب لستة أطفال ويعيش في مستوطنة كريات أربع في مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة.
أزمة وجودية
وسيلعب بن غفير دورًا محوريًا في مساعدة نتنياهو على العودة إلى السلطة مع تحالف “الصهيونية الدينية” الذي يتزعمه، إذ تشير النتائج الأولية إلى حصوله على 14 مقعدًا.
وقال مخاطبًا مناصريه بعد صدور النتائج الأولية “صوّت الجمهور للهوية اليهودية … حان الوقت أن نعود لنكون أسياد بلدنا”.
وفسر صعود حزبه الكبير إلى غياب الأمن في إسرائيل، وأكد أنه “يريد للناس أن يسيروا بأمان في الشارع وألا تكون أيادي جنودنا وشرطيينا مقيدة” مجدِدًا النداء للسماح لعناصر القوى الأمنية باستخدام مزيد من القوة ضد الفلسطينيين.
قبل أسابيع فقط من الانتخابات، لوّح بن غفير بمسدس في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية المحتلة وسط مواجهات بين السكان الفلسطينيين من جهة والقوات الإسرائيلية ومؤيديه من جهة أخرى.
في اليوم التالي، نشر بن غفير صورته هو يقف بجانب اثنين من أطفاله حاملين مسدسات لعب. وكتب على تويتر “بعد أعمال الشغب… أقوم بتعليم الأطفال كيفية التعامل مع الإرهابيين”.
ويقصد بن غفير بشكل متكرّر المسجد الأقصى في القدس القديمة الذي تشهد باحاته بانتظام مواجهات بين القوات الإسرائيلية والفلسطينيين، ويزداد التوتر بين المسلمين واليهود عند كل زيارة لبن غفير.
ويقول بن غفير “أنا هنا لأنقذ البلاد، أنا في حرب مع الجهاديين وأولئك الذين يريدون مهاجمة البلاد”.
دافع بن غفير بصفته محاميًا عن موكلين مثل المستوطنين المتهمين بالإرهاب. وكان من بينهم ضالعون في عملية إحراق منزل عائلة دوابشه الفلسطينية في الضفة الغربية عام 2015، ما أسفر عن مقتل طفل رضيع ووالديه.
لا يوجد شيء اسمه شعب فلسطيني بالنسبة لبن غفير الذي يتحدث عن “أزمة وجودية من أجل بقاء الشعب اليهودي”. ويُكسبه خطابه مؤيدين في جميع أنحاء البلاد، فيما لوحظ أن نسبة الشباب من مؤيديه تتزايد.
الموت للعرب
ويقول الباحث في معهد شالوم هارتمان في القدس يوسي كلاين هاليفي إن بن غفير سيسعى للحصول على حقيبة وزارة العدل أو الأمن الداخلي في حال تشكيل اليمين الحكومة المقبلة.
ويضيف هاليفي أن وصل بن غفير إلى مثل هذا المنصب سيجعله “مسؤولاً عن حفظ القانون والنظام والتأكد من استمرار الاضطرابات والتوتر والكراهية في الشوارع”.
غير أن طموح بن غفير السياسي جعله يخفّف من حدة بعض آرائه، بدلا من “الموت للعرب”، صار يهتف “الموت للإرهابيين!”.
ولد بن غفير في ضواحي القدس لأبوين شرقيين، ويستلهم أفكاره من الحاخام المتشدد مئير كاهانا، زعيم حركة “كاخ” التي سعت لطرد العرب في إسرائيل. وكاهانا الذي دخل الكنيست في 1984، مُنع من الترشّح مرة أخرى في 1988 بسبب عنصرية حزبه.
وكان كاهانا الذي اغتيل في نيويورك العام 1990، مصدر إلهام أيديولوجي لباروخ غولدشتاين الذي قتل 29 مصليًا فلسطينياً في الخليل في 1994.
اعتاد بن غفير تعليق صورة لغولدشتاين في منزله، لكنه أزالها بعدما دخل عالم السياسة. وبحسب كلاين هاليفي، فإن زعيم اليمين المتطرف “يزيّف تحوله السياسي”.
ويقول الباحث الذي ألّف كتابًا عن انجذابه للتطرف اليهودي عندما كان مراهقًا، إن بن غفير “يحاول التظاهر الآن بأنه إن لم يكن معتدلًا، فعلى الأقل هو متشدد محترم”، ويضيف “لكن ليس كذلك هذه كذبة إنه ديماغوجي يتغذى على الخوف والإحباط والغضب”.