آلاف الأتراك يتظاهرون ضد اعتقال منافس أردوغان القوي “أكرم إمام أوغلو”
أردوغان ينتقم لهزيمة حزبه الانتخابية في بلدية اسطنبول 2019
شارك آلاف الأتراك في مدينة إسطنبول، الخميس، في مظاهرات متفرقة للتنديد بالحكم الذي أصدره قضاء النظام التركي ضد أكرم إمام أوغلو، عمدة إسطنبول الذي ينظر إليه على أنه من بين أبرز المنافسين لرئيس النظام رجب طيب أردوغان في الانتخابات الرئاسية الحاسمة التي ستنظم في يونيو/حزيران 2023، فيما عقد زعماء أحزاب اجتماعاً في إسطنبول لإظهار دعمهم لإمام أوغلو.
وكانت محكمة تركية قد أصدرت الأربعاء الماضي، على إمام أوغلو المنافس القوي المحتمل لأردوغان، حكما بالسجن لمدة سنتين وسبعة أشهر في حق أكرم إمام أوغلو بتهمة “إهانة مسؤولين رسميين” حيث أثار الحكم انتقادات واسعة في الداخل والخارج بوصفه انتهاكا للديمقراطية.
عمدة إسطنبول اتهم بأنه وصف أعضاء المجلس الأعلى للانتخابات في تركيا بـ “الحمقى” بعد أن صوتوا لإلغاء فوزه بأغلبية بسيطة في الانتخابات المحلية التي جرت في مارس/آذار 2019 أمام منافسه بن علي يلدريم من حزب العدالة والتنمية.
لكن بعض المتتبعين للسياسة التركية يرون أن القرار الأهم الذي يتضمنه هذا الحكم القضائي، هو إمكانية حظر أكرم إمام أوغلو من ممارسة أي نشاط سياسي مستقبلا، وذلك في حال أكدت محكمة الاستئناف العقوبة المسلطة ضده.
أردوغان لم يهضم الهزيمة
وشرح ليدوفيك دو فوكو، مراسل فرانس24 في تركيا أن الأسباب التي أدت إلى ملاحقة عمدة إسطنبول قضائيا تتعلق بشكل كبير بالهزيمة التي مني بها حزب العدالة والتنمية خلال الانتخابات المحلية التي جرت في 2019، والتي فقد على إثرها العاصمة الاقتصادية لتركيا.
وقال: “أردوغان لم يهضم بعد الهزيمة التي لحقت به خلال الانتخابات المحلية. لقد شارك شخصيا في الحملة الانتخابية ورمى بكل وزنه وثقله السياسيين من أجل فوز مرشح حزب التنمية والعدالة، لكن دون جدوى”.
وأضاف: “بعد الإعلان عن النتائج، أردوغان لم يتقبلها بحجة أن فارق الأصوات بين المرشح الفائز (وهو أكرم إمام أوغلو) والذي حل في المرتبة الثانية (بن علي يلدريم، مرشح حزب لتنمية والعدالة الحاكم) لم يتجاوز 13000 صوتا. فطالب بإعادة انتخابات جديدة.
لكن رغم ذلك حزبه مني بهزيمة أخرى وأكبر من الأولى، إذ فقد أكثر من 800 ألف صوت. فمنذ ذلك الحين، لم تكف الصحافة الحكومية وتلك الموالية لأردوغان وحزب العدالة والتنمية بمهاجمته بقساوة”.
زعماء المعارضة
احتشد زعماء المعارضة التركية المختلفين سويا، لأول مرة، الخميس، بسبب حالة من الغضب بعد الحكم بسجن المنافس السياسي الأكثر شراسة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وأفادت وكالة “بلومبرغ” للأنباء اليوم الخميس بأن الزعماء الستة اجتمعوا في إسطنبول لإظهار دعمهم لرئيس بلدية اسطنبول، أكرم إمام أوغلو، الذي تمت إدانته أمس الأربعاء بإهانة مسؤولي الانتخابات، وذلك قبل ستة أشهر من إجراء انتخابات حاسمة.
جدير بالذكر أن أكبر منافس لأردوغان يواجه الحظر السياسي بعد صدور الحكم القضائي بحقّه.
واجتمعت هذه الأحزاب لمعارضة أردوغان، ولكنها واجهت رد فعل عنيفاً من جانب المؤيدين بسبب فشلهم في تقديم موقف موحد، أو حتى طرح مرشح واحد لمواجهة أردوغان، الزعيم صاحب أطول فترة حكم في تركيا.
نجم سياسي صاعد
يعتبر أكرم إمام أوغلو من بين النجوم السياسية الصاعدة في تركيا. ينحدر من مدينة طرابزون قرب البحر الأسود شمال البلاد. تمكن من انتزاع في 2019 مدينة إسطنبول، التي تعتبر الشريان الاقتصادي لتركيا من الإسلامين الذين استولوا عليها منذ 1994. ينحدر من أسرة محافظة ومتدينة، لكنه أصبح أكثر تحرراً وتبنيا للقيم الديمقراطية الاجتماعية، ما جعله يحصل على دعم سياسي من قبل عواصم غربية عديدة، بما فيها واشنطن التي استنكرت الحكم بالسجن الذي صدر ضده الأربعاء الماضي.
تنامت شعبيته بعد فوزه ببلدية إسطنبول حيث غير بشكل كامل طريقة الحكم فيها، معتمدا أساسا على مبدأ الشفافية في تسيير المشاريع الاقتصادية والاجتماعية وفي صرف ضرائب سكان المدينة. عكس الرئيس السابق الذي كان غامضا في سياساته وفي خططه التنموية للمدينة.
فعلى سبيل المثال يضيف لودفيك دو فوكو ” أكرم أوغلو يبث على المباشر جميع الاجتماعات التي تنظم في البلدية لكي يتمكن كل شخص من معرفة طبيعة المشاريع التي تطلقها البلدية والميزانية المخصصة لكل مشروع”.
قادر على زعزعة حكم أردوغان
وتابع: “لقد قام بعمليات تدقيق في حسابات البلدية خلال عهدة الرئيس السابق، تم الكشف من خلالها عن أخطاء كثيرة في التسيير. كما قرر أيضا تجديد مسارات التراموي وبناء أخرى جديدة لتحسين عملية تنقل سكان إسطنبول. كل هذه العمليات جعلته محبوبا من الناس “.
وبالرغم من أن عمدة إسطنبول لم يعلن بعد عن ترشحه في الانتخابات الرئاسية المقبلة، إلا أن جميع استطلاعات الرأي تشير إلى أنه الشخصية السياسية التركية القادرة على زعزعة حكم أردوغان وإزاحته من السلطة.