أبرز التحديات التي تواجهها حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا
بعد أدائها اليمين الدستورية في أعقاب حصولها على ثقة البرلمان الليبي، تنتظر حكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة عدة تحديات جوهرية.
ويرى محللون سياسيون ليبيون أن فرص نجاحها في أي منها مرهونة دائماً بـ “الدعم الدولي” لتحركاتها في الفترة المقبلة، لا سيما أن عدة تحديات مرتبطة ارتباطاً مباشرة بأطراف إقليمية، على سبيل المثال مسألة المرتزقة والميليشيات المسلحة.
وفي الوقت الذي يُعول فيه الليبيون على حكومة عبد الحميد دبيبة، الذي أدى اليمين الدستورية أمام البرلمان يوم الاثنين 15 مارس 2021 في مدينة طبرق (1300 كم شرق العاصمة طرابلس)، في تهيئة الأوضاع الداخلية لإجراء الانتخابات في ديسمبر المقبل، فضلاً عن العمل بملف المصالحة الوطنية بموازاة ذلك، فإن تلك المهام الجوهرية لا تنفصل عن جملة من التحديات التي تقف كمعوقات أساسية أمام الحكومة لإنجاز أهدافها الرئيسية.
وبخلاف ملفات الأمن والمرتزقة والميليشيات، كأبرز وأهم الملفات التي تمثل أولوية قصوى على الطاولة بالنسبة لليبيين، فثمة ملفات أخرى لا تقل أهمية، ليس أولها فقط مسألة الأوضاع المعيشية والتحديات الاقتصادية التي يواجهها كثير من الليبين في ظل تضرر الخدمات الرئيسية، ومنها الكهرباء والمياه، لكن الأمر يمتد أيضاً إلى ملفات مهمة أخرى مثل المهجرين والنازحين.
يحدد الباحث السياسي الليبي، عز الدين عقيل،خمسة تحديات رئيسية تواجه حكومة دبيبة، ووصفها بأنها “تهديدات تشكل جوهر الأزمة الليبية”.
وتأتي ضمت سلسلة التحديات وهي نزع السلاح وتفكيك الميليشيات وطرد المرتزقة وإعادة هيكلة وتنظيم الجيش والشرطة، وإعادة النازحين والمهجرين.
ويعتقد عقيل بأن تلك التحديات “ليست مهاماً محلية، إنما يتحمل المجتمع الدولي نفسه مسؤوليته الأخلاقية والقانونية بدعم الحكومة الليبية دعماً مباشراً حيال إنهاء هذه التهديدات التي ورط فيها الليبيون (..) وإلا فإن المصير الوحيد لهذه الحكومة هو الفشل الكامل كسابقاتها”.
ويضيف الباحث “يفترض ألا يكون هناك شيء اسمه العمر القصير للحكومة.. يفترض أن يوجه الاهتمام لجودة البنى التحتية لكيان الدولة، وليس لعمر الحكومة الذي يجب أن يكون ما يكون طالما أنها تنجز فعلاً بمجال إنهاء الفوضى الأمنية التي هي أولوية قصوى لدى الشعب، والتي هي أيضاً الأساس بإجراء الانتخابات المقبلة”.
وفي العاشر من شهر مارس الجاري، منح مجلس النواب الليبي الثقة لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة الدبيبة، بإجمالي أصوات 132 نائباً من أصل 188 نائباً. وتنتظر الحكومة جملة من الملفات الصعبة خلال فترة أقل من 10 أشهر قبل الموعد المحدد لإجراء الانتخابات في 24 ديسمبر المقبل.
المحلل السياسي الليبي حسين الشارف، يلخص أبرز التحديات التي تواجه الحكومة الليبية في عدة نقاط رئيسية، أولها ما يرتبط بأنه “إلى هذه اللحظة لم يتم تضمين ما تم الاتفاق عليه في جينف، وكذلك منح الثقة في الإعلان الدستوري”، علاوة على التحدي الأكبر المرتبط بوجود المرتزقة على الأرض في ليبيا، ذلك أن “تركيا إلى يومنا هذا لا تزال تأتي بالمرتزقة ولا تزال تؤسس لمعسكرات أجنبية داخل ليبيا، وكذلك سيطرتهم على مصراتة وميناء الخمس وطرابلس والغرب الليبي”.
التحدي الآخر في تقدير الشارف، مرتبط بالموقف من “الاتفاقية الأمنية مع الأتراك”، فضلاً عن التحديات الأمنية، لا سيما أن الحكومة أمام استحقاق حقيقي وهو أن الليبيين سوف ينتخبون يوم 24 ديسمبر المقبل، وهذا الاستحقاق يحتاج لظروف أمنية شاملة؛ بخاصة في ظل وجود مرتزقة وميليشيات خارج أجهزة الدولة، مع انتشار السلاح في إطار غير شرعي، بما يهدد الأمن والاستقرار داخل البلد. وذلك بالإضافة إلى التحدي الخاص بتوحيد المؤسسة العسكرية.
ويعتقد الشارف بأن من بين تلك التحديات ما يرتبط بضرورة “إعادة صياغة العلاقات الخارجية الليبية”، وبشكل خاص مع الدول التي دعمت الإرهاب في ليبيا.
ويرصد بموازاة ذلك تحديات داخلية أخرى من بينها وجود مجموعة من أنصار النظام السابق ممن حصلوا على أحكام بالبراءة وحتى اللحظة موجودون في السجون، فضلاً عن ملف مدينة تاورغاء، التي تم تهجير أهلها ولم يعودوا إلى بلادهم.
ويختتم المحلل السياسي الليبي تصريحاته قائلاً: “نحن نتمنى لهذه الحكومة التوفيق”، مشدداً على أن توحيد مؤسسات الدولة هو الأمر الرئيسي، ونتمنى أن تدعم الحكومة مفوضية الانتخابات ولجنة إعداد وصياغة الدستور، لكي يذهب الليبيون للانتخابات وفق قاعدة تصويتية حقيقة مستفتى عليها من كل الليبيين. ويلفت إلى أن “هذه تحديات كبيرة جداً، خاصة أن رئيس مفوضية الانتخابات ألمح إلى عدم الجاهزية ومن ثم عدم الالتزام بموعد 24 ديسمبر، بما قد يعني أن هذه الحكومة قد تكون مؤقتة لمدة قد تطولا لأربع أو خمس سنوات أخرى.
تتألف الحكومة الليبية من 26 وزيراً ووزيرة، ونائبين لرئيس الوزراء، وستة وزراء دولة. وتتولى إدارة مسؤولية البلد في فترة مؤقتة تشرف خلالها على العملية الانتقالية إلى حين إجراء الانتخابات في ديسمبر.
وبدوره، يلفت المحلل الليبي سراج التاورغي، إلى عددٍ آخر من التحديات إضافة إلى التحديات المرتبطة بوجود الميلشيات في ليبيا، وما ترتكبه من أعمال “تنبئ بأنها مستمرة في طغيانها وظلمها للشعب الليبي، وإرهاق الخزينة الليبية”، فضلاً عن التحديات المرتبطة بوجود المرتزقة وما سماه بـ “قواعد الاحتلال التركية غرب ليبيا، وآلاف المرتزقة السوريين.
ومن بين أبرز تلك التحديات ما يرتبط بالمشكلات الحياتية التي يعاني منها المواطن الليبي، من انقطاع للكهرباء والخدمات المختلفة، وشح السيولة، ضمن المشكلات الاقتصادية الهائلة التي يعاني منها الشعب الليبي منذ عشر سنوات كاملة، وفق التاورغي، الذي يردف قائلاً: “لا أعتقد بأن هذه المشاكل يمكن حلها في عهد الحكومة الحالية، لا سيما أنها موجودة لفترة قصيرة”.
وأضاف لتلك التحديات ما يتعلق أيضاً بوجود شخصيات، وصفها بـ “الجدلية” ضمن التشكيلة الحكومية الجديدة، وهي شخصيات “مرفوضة بالنسبة للشعب الليبي، وترسخت بالأذهان على أنها تدعو للفتنة وهدم مؤسسات الدولة”.