أردوغان يواصل مسار الهيمنة والاستبداد
قانون تركي يعزز قبضة الحكومة على منظمات المجتمع المدني
يواصل رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، مسار الهيمنة والاستبداد والتضييق على الحريات العامة والأنشطة السياسية والنقابية والحقوقية داخل المجتمع التركي، حيث دفع بالبرلمان التركي، الأحد، لإقرار على قانون يعزز قبضة الحكومة على منظمات المجتمع المدني، ويسمح لوزارة الداخلية بتغيير أعضاء الجمعيات الملاحقين في قضايا الإرهاب، ويعطي الحق للوزارة مطالبة المحاكم بوقف أنشطة الجمعيات.
كما يفرض غرامات تصل إلى نحو 26 ألف دولار على أي منظمة ترى الحكومة أنها متورطة في حملات تبرع غير قانونية.
ويسمح القانون لحكام الأقاليم أو وزير الداخلية بوقف أي حملة تبرعات على الإنترنت لمنع تمويل الإرهاب وغسل الأموال.
وبموجب القانون، يفتش موظفون مدنيون المنظمات كل عام وبإمكانهم الاطلاع على أي مستندات.
وستخضع المنظمات الدولية أيضا لهذا القانون والعقوبات التي يفرضها، الأمر الذي اعتبرته المعارضة تقييدا جديدا لحريات مؤسسات المجتمع المدني.
بينما رأت منظمات حقوقية دولية في بيان لها، أن اتهامات الإرهاب في تركيا تعسفية، وأن القانون ينتهك “مبدأ براءة المتهم حتى تثبت إدانته”، ويعاقب من لم تُستكمل محاكماتهم بعد.
وطالبت منظمة هيومن رايتس ووتش في وقت سابق النظام التركي بسحب مشروع القانون وشددت على أن القانون المقترح يمكن أن ينتهك الحق في حرية تشكيل الجمعيات والانضمام إليها.
وأشارت إلى أن مشروع القانون يمكن أن “يقيّد بشكل تعسفي أنشطة المنظمات غير الحكومية”.
وقال رئيس فرع إسطنبول لمنظمة حقوق الإنسان إن “اقتراح مشروع قانون لتوفير المزيد من السيطرة للدولة على المنظمات غير الحكومية سيشكل خطورة على الحريات الفردية”.
وأضاف جولسيرين يوليري لموقع “بيانت” الإخباري، أنه “في حالة إقراره، فإن التشريع الجديد سيجعل المنظمات غير الحكومية التي تنتقد الحكومة تقع تحت سيطرة أنقرة، مما يحد من معارضة سياساتها بشكل أكبر”.
وتابع يوليري لـ”بيانت”، “في ظل الوضع الحالي في تركيا وفي بيئة وضعت فيها وسائل الإعلام والقضاء تحت وصاية مطلقة وتتصرف الأحزاب السياسية وبعض منظمات المجتمع المدني وفقًا للحكومة، فإن الهدف من القانون على ما يبدو هو وقف أنشطة بعض منظمات المجتمع المدني التي يمكنها رفع أصوات معارضة”.
وتمت صياغة مشروع القانون للمساعدة في السيطرة على التمويل ومنع انتشار الأسلحة، إلا أن جزءا كبيرا من أحكامه يمنح السلطات صلاحيات متزايدة لتعزيز التدقيق والسيطرة على منظمات المجتمع المدني المستقلة، بما في ذلك جمع المساعدات.
ومن خلال إجراء تعديلات على المادة المضافة إلى قانون الجمعيات مع الاقتراح، لا يمكن عقد الجمعية العامة للمنظمة خارج نطاق “قانون منع تمويل الإرهاب” وإنتاج وتجارة المخدرات أو المنشطات في قانون العقوبات التركي أو غسل الأصول الناشئة عن الجريمة.
وفي حالة “المقاضاة”، ليس في حالة “التحقيق”، يجوز لوزير الداخلية إيقاف هؤلاء الأشخاص أو الأجهزة التي يعملون فيها عن العمل كإجراء مؤقت.
وطالت تدخلات النظام التركي قبل ذلك قطاعات أخرى أبرزها النقابات المهنية وعلى رأسها نقابة المحامين، في مسعى لتطويعها والتدخل في آليات عملها.
وفي يوليو الماضي تظاهر الآلاف من المحامين في إسطنبول وأنقرة ضد مشروع قانون تقدم به الحزب الحاكم بحيث يسمح مشروع القانون الجديد للمحامين الجدد بالتسجيل في أي نقابة في الإقليم، لكن تمت المصادقة عليه رغم حدة الانتقادات.
ويسمح القانون بتشكيل نقابات محامين متعددة في المحافظة الواحدة. كما يتخلص من التمثيل النسبي للنقابات في المنظمة الوطنية الشاملة، ما يقلل في الواقع عدد المندوبين من المدن الكبرى في تركيا، مما قد يقلل من تمويلهم.
وقالت الحكومة إن التشريع الجديد سيخلق نظاماً “أكثر ديمقراطية وتعددية”. لكن المنتقدين يقولون إن الإجراء يهدف إلى تقليل تأثير نقابات المحامين الرئيسية التي كانت منتقدة صريحة لحكومة أردوغان ووثقت انتهاكات الحقوق.
وأكد نائب رئيس المجموعة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري بالبرلمان، إنجين أوزكوتش، أن “حزب العدالة والتنمية لا يقبل بوجود أي منظمة في البلاد لا يستطيع أن يتسرب إليها”.
وتثير نقابات المحامين غضب الحكومة بسبب تقاريرها حول أوضاع المعتقلين، التي تتضمن معلومات حول أوضاع المعتقلين والسجناء، وتشير إلى وجود تعذيب خلال الاستجواب وداخل السجون.
ويقول معارضون إن حكومة أردوغان استخدمت محاولة الانقلاب التي وقعت في 2016 ذريعة لسحق المعارضة، بينما تقول الحكومة إن هذه التدابير ضرورية في ضوء التهديدات الأمنية التي تواجهها تركيا.
الأوبزرفر العربي