أزمة اقتصادية طاحنة في تركيا وانهيارات متتالية للعملة الوطنية
تواجه الحكومة التركية أزمة اقتصادية طاحنة في ظل الانهيارات المتتالية لقيمة العملة الوطنية (الليرة) وارتفاع قياسي في معدل التضخم وانهيار القدرة الشرائية للأتراك.
وترسم تقديرات تركية وأخرى مستقلة، صورة قاتمة للوضع الاقتصادي الذي تسعى الحكومة لتجميله عبر بيانات حكومية رسمية لا تعكس في الحقيقة واقع أزمة طاحنة.
وأظهرت تقديرات حكومية نُشرت اليوم الأحد، أن تركيا تتوقع تراجع معدل التضخم السنوي إلى 65 بالمئة بحلول نهاية 2022، مقابل نحو 80 بالمئة في يوليو الماضي، فيما تتوقع ارتفاع عجز حساب المعاملات الجارية إلى 47.3 مليار دولار هذا العام.
وفي حين تشير البيانات الرسمية إلى أن معدل التضخم تجاوز عتبة 80 بالمئة، تقول مجموعة خبراء مستقلين إنه يبلغ نحو 175 بالمئة، مشككة في صحة البيانات الرسمية لحسابات انتخابية.
وعد أردوغان
ويواجه رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان وحزبه العدالة والتنمية الحاكم منذ العام 2002، وضعا صعبا قبل نحو 10 أشهر من انتخابات تشريعية ورئاسية ستكون حاسمة لمستقبلهما السياسي.
فقد وعد أردوغان الأتراك بأنهم سيرون تغييرات ملموسة وتحسنا في الوضع المعيشي في وعود وصفها محللون بأنها مجرد ذر رماد في العيون ومجرد دعاية انتخابية وأن الوضع العام في تركيا أكبر من تعالجه ‘سياسة بيع الأوهام’.
ويعطى النموذج الاقتصادي الجديد الذي يتبعه أردوغان أولوية للنمو والتصدير والتوظيف والاستثمار مع السعي لخفض أسعار الفائدة.
وأدت دورة التيسير النقدي التي اتبعها البنك المركزي العام الماضي بضغط من أردوغان، إلى انخفاض الليرة 44 بالمئة مقابل الدولار بنهاية ديسمبر 2021 وتراجعها بأكثر من 27 بالمئة مرة أخرى هذا العام.
وتسبب انخفاض الليرة وارتفاع أسعار الطاقة والسلع على مستوى العالم إلى زيادة التضخم، الذي بلغ قرابة 80 بالمئة في يوليو ومن المتوقع أن يسجل مزيدا من الارتفاع قبل أن يتراجع.
وتتوقع أنقرة انخفاض التضخم إلى 65 بالمئة بنهاية عام 2022 قبل أن ينخفض بشدة إلى 24.9 بالمئة بنهاية عام 2023، وفقا لما يسمى ببرنامج المدى المتوسط.
ورغم هذه التوقعات المتفائلة فإنه حتى مع انخفاض محتمل لنسبة التضخم وفق المعلن، يبقى المعدل مرتفع بشكل كبير، بينما الأجور أدنى بكثير ولا تواكب غلاء الأسعار.
عجز الميزان التجاري
ويهدف نموذج أردوغان إلى تحويل العجز المزمن في حساب المعاملات الجارية التركي إلى فائض، لكن ارتفاع الأسعار العالمية جعل تحقيق هذا الهدف صعبا.
ووصل عجز الميزان التجاري لعام 2022 إلى 105 مليارات دولار، أي أكثر من ضعف مبلغ العام الماضي. وتشير التوقعات إلى تراجعه إلى 80 مليار دولار في عام 2023.
وكان من المتوقع أن يبلغ عجز حساب المعاملات الجارية 47.3 مليار دولار في عام 2022، أي بما يتجاوز ثلاثة أمثال مستواه في عام 2021 ليسجل أعلى مستوى سنوي له منذ عام 2013. وهناك توقعات بأن يتراجع إلى 22 مليار دولار في عام 2023.
وسجل عجز الموازنة ارتفاعا حادا عند 461.2 مليار ليرة (25.4 مليار دولار) في 2022 على الرغم من تقديم موازنة تكميلية هذا العام. وتشير التوقعات إلى ارتفاعه إلى 659.4 مليار ليرة في عام 2023.
وباستثناء الدخل والتدفقات المالية الناتجة عن الفوائد وبعض العوامل الأخرى، كان من المتوقع أن يصل العجز إلى 294.3 مليار ليرة في عام 2022 وإلى 323.6 مليار ليرة في عام 2023.
وتشير التوقعات إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي خمسة بالمئة في عامي 2022 و2023 قبل أن يرتفع إلى 5.5 بالمئة في العامين التاليين.