أزمة طاحنة تضرب شبكة إعلام الإخونجية
تتعرض شبكة إعلام الإخونجية للمزيد من الأزمات الطاحنة، هي الأبرز من بين الإزمات التي ضربتها على مدار السنوات الماضية، وبلغت ذروتها الشهر الماضي بعد إعلان النظام التركي وقف التغطية السياسية المحرضة ضد مصر لكافة القنوات التي تتخذ من إسطنبول مقراً لها منذ عام 2013، وذلك في إطار حرص أنقرة على التقارب مع القاهرة.
حواضن آمنة
ويرى مراقبون أن القنوات الفضائية التابعة لتنظيم الإخونجية ستبحث عن حواضن آمنة جديدة، لمواصلة الهجوم على مصر خاصة بعد أن جاء رد القاهرة قاطعا ورافضا تماما لأي حديث عن المصالحة مع التنظيم، مؤكدة أن التنظيم يعمل من خلال الإعلام المعادي والكتائب الإلكترونية لمحاولة الضغط على الدولة في مصر بشكل أساسي.
وأكد أحد الصحفيين العاملين بقناة “الشرق”، أن أيمن نور، مدير القناة، أبلغهم بنقل المكتب الرئيسي إلى لندن بدلا من إسطنبول، وأن القناة استأجرت مجموعة استديوهات في العاصمة البريطانية وبدأت العمل بها جزئيا، استعدادا للانتقال الكامل في يونيو المقبل.
قرارات صادمة
وأوضح المصدر أن القرارات التركية بشأن التقارب مع مصر كانت مفاجئة وصادمة للتنظيم، وأحدثت حالة من الارتباك الشديد لدى قياداته، موضحا، وفق معلوماته التي حصل عليها من مصادر داخلية، أن التنظيم ناقش ملف الإعلام في اجتماعات متتالية أعقبت القرار التركي، وقرر نقل المنابر الإعلامية والمواقع الصحفية إلى خارج البلاد وتحديدا إلى بريطانيا، لممارسة أجندته السياسية بشكل يتوافق مع أهدافه بعيدا عن ملاحقة السلطات التركية.
ومنذ 20 مارس الماضي اضطرت قنوات الإخونجية الثلاث “الشرق” و”مكملين” و”وطن”، إلى تغيير خريطة برامجها، وإلغاء بث بعض البرامج السياسية التي تتسم بحدة الخطاب تجاه الحكومة المصرية، بعد قرارات من الحكومة التركية تستهدف التقارب مع مصر.
هجرة خارج تركيا
من جانبه، يرى الباحث المصري المنشق عن الإخونجية، إبراهيم ربيع، أن الجماعة قد تضطر بالفعل لنقل كافة المنابر الإعلامية التابعة لها خارج تركيا، مع الاحتفاظ بمكاتب ممثلة للقنوات الفضائية في الداخل، ولكن يبقى الأمر مشروط بمدى جدية الحكومة التركية في تنفيذ قرارتها بشأن وقف الخطاب التحريضي الذي تبثه هذه القنوات من أراضيها ضد مصر.
وبحسب ربيع، يستخدم رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، الإخونجية كورقة ضغط في مفاوضاته مع مصر، مشيرا إلى أن المنصات الإعلامية توقفت عن الهجوم والتحريض لمدة نحو 10 أيام، بعد إعلان تركيا رغبتها في التقارب مع مصر لكنها عادت مؤخرا لخطابها التحريضي.
احتمالات العودة للتحريض
وعبر ربيع عن اعتقاده بأن قنوات التنظيم ستعود للهجوم على مصر من تركيا في حال أعلنت القاهرة رفض التفاهمات مع أنقرة، مشيرا إلى أنه أمر وارد، واصفا الإعلام الإخونجي بأنه أداة وظيفية يتم استخدامها وتوجيهها وفقا لأغراض سياسية محددة.
وأشار ربيع إلى أن لندن تمثل ملاذا آمنا للإخونجية، خاصة أنها تحتضن مكتب الإرشاد في الوقت الحالي بقيادة إبراهيم منير، ويحظى الإخونجية في بريطانيا بنفوذ كبير بدعم المخابرات البريطانية على مدار السنوات الماضية.
وحول مسارات التقارب المصري التركي باعتبارها القوة المحورية في صياغة مستقبل الإعلام الإخونجي يقول الدكتور كرم سعيد الخبير في الشأن التركي، إن ملف التنظيم الإخونجي لم يعد ضاغطا على القاهرة، وليس ورقة رابحة للأتراك، لأن هناك العديد من الملفات الأخرى ذات الأولوية للبلدين، أهمها ما يتعلق بمناطق التنقيب عن الغاز في البحر المتوسط، والانخراط التركي في صراعات الإقليم وفي ليبيا تحديدا.
بادرة طيبة
ويؤكد الخبير المصري أن المصالح المشتركة ستكون المحور الأول في التفاهم مع مصر، مشيرا إلى أن بلاده اعتبرت قرار وقف الخطاب التحريضي لقنوات الجماعة بادرة طيبة من تركيا.
وينبه سعيد إلى أنه في ضوء الأولويات بين البلدين يمكن فهم الخطوة التركية بسحب مئات المرتزقة التابعين لها من ليبيا مؤخرا وكذلك مسألة التواجد التركي في مناطق ذات نفوذ مصري مثل غرب إفريقيا وهى ملفات ذات أهمية قصوى إذا ما تم مقارنتها بملف الإيواء التركي للتنظيم.
ويشير إلى أن أنقرة ستقوم حتما بترحيل العناصر التنظيمية المتورطة في تنفيذ عمليات إرهابية أو من صدر ضدهم أحكام قضائية في مصر، حيث يرتبط ترحيل عناصر الجماعة باتفاقيات أمنية ويلزمه اتفاقات مشتركة لتسليم المطلوبين.