أزمة عاصفة تضرب أركان حكومة السراج في طرابلس
اتهامات بالفساد والتفرد بالسلطة والاستحواذ على القرارات
تفجرت أزمة عاصفة داخل المجلس الرئاسي لحكومة السراج، بين رئيس المجلس فايز السراج ونائبيه معيتيق وعبد السلام كاجمان، بسبب تفرد الأول بالسلطة واستحواذه على القرارات.
في خطوة رأى مراقبون أنها قد تكون “المسمار الأخير” في نعش المجلس الذي يشهد انشقاقات وخلافات داخلية منذ تشكيله عام 2015، جدد نائب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة السراج، أحمد معيتيق، الجمعة توجيه سهامه إلى من وصفها بـ “سلطة الفرد المطلقة” في إشارة إلى فايز السراج وفريقه في الحكومة، معتبرًا أنها سبب في الفساد.
وملمحا إلى عمليات فساد وهدر داخل حكومة السراج، دعا في بيان نشر على صفحته الجمعة الليبيين إلى التظاهر والمطالبة بفتح تحقيق في الأموال التي صرفت، وأوجه صرفها.
كما طالب وزير الداخلية، فتحي باشاغا، الذي يواجه بدوره مشاكل مع بعض الفصائل في العاصمة طرابلس بـ”اتخاذ ما يلزم لحماية المتظاهرين”.
وتداولت وسائل الإعلام المحلية سابقا رسائل وجهها النائبان بالمجلس معيتيق وكاجمان تستهدف السراج شخصيا، انتقدوا فيها تفرده بالقرارات وإصداره تعميمات وتعيينات دون الرجوع لبقية أعضاء المجلس.
وحاول معيتيق في رسالته تذكير السراج بأن اتفاق الصخيرات ينص على أن “رئاسة الوزراء تتمثل في مجلس رئاسة الوزراء وهذا المجلس يتشكل من رئيس مجلس الرئاسة ونوابه ووزيري دولة، وذكرّه بعدم امتلاكه صفة رئيس الوزراء وبأنه فقط رئيس لمجلس الرئاسة”.
كما قال إن رئيس المجلس الرئاسي لا يملك كامل صلاحيات رئيس مجلس الوزراء، موضحا أنّ الرئاسة تنعقد للرئاسي بأعضائه وبهيئتها المقررة في الاتفاق السياسي، مطالبا بوجوب حضور أعضاء الرئاسي ووزراء الدولة لاجتماعات مجلس الأمناء ممثلين لمجلس رئاسة مجلس الوزراء الحكومة الوفاق الوطني.
ويبدو أن المؤسسة الليبية للاستثمار، الصندوق السيادي لليبيا الذي يدير مليارات الدولارات، هي أحدث حلقات الخلافات والصراعات داخل المجلس الرئاسي، إذ يؤكد معيتيق أن “رئاسة مجلس أمناء مؤسسة الاستثمار وفق اتفاق الصخيرات هي لرئاسة مجلس الوزراء، وليس رئيسه منفردا والذي لا يمتلك لوحده هذا الاختصاص”، مشيرا إلى أن تأسيس المؤسسة “تم وفق قانون نص على تشكيله من مجلس الأمناء ويرأسه المجلس الرئاسي بكامله وليس السراج كرئيس للمجلس الرئاسي”.
من جانبه، انضم عضو المجلس الرئاسي عبد السلام كاجمان إلى جبهة معيتيق وأرسل بكتاب إلى السراج قبل يومين، انتقد فيه تفرده بالقرارات خاصة فيما يتعلق بمؤسسة الاستثمار، وأكد فيه أن رئيس مجلس أمناء المؤسسة الليبية للاستثمار هو مجلس رئاسة الوزراء مجتمعا وليس السراج بشخصه.
وأضاف أن الوضع الحالي “المتمثل في انفراد السراج بقرارات المؤسسة غير قانوني”، مطالبا بإيقاف العمل بقرار مجلس الوزراء رقم 12 لسنة 2017 لحين تعديله بما يتفق مع الاتفاق السياسي والإعلان الدستوري والقوانين ذات العلاقة، داعيا إلى إيقاف عقد اجتماعات مجلس أمناء مؤسسة الاستثمار لحين إجراء التعديلات اللازمة على القرار.
وتؤشر كل تلك المعطيات إلى تصاعد الخلاف داخل المجلس الرئاسي.
وفي السياق رأى المحلل السياسي الليبي محمد الرعيش، أن هذا الصراع “أشد وطأة وقد ينتهي بانهيار المجلس” الذي شهد سابقا استقالة عدد من أعضائه، نظرا لقيمة عبد السلام كاجمان وأحمد معيتيق اللذين يعدان من أهم حلفاء وأصدقاء السراج.
وتابع الرعيش، أن تحوّل كاجمان ومعيتيق من حلفاء للسراج إلى خصوم له، خاصة نائبه أحمد معيتيق الذي يمثل مدينة مصراتة ذات الثقل السياسي والعسكري غرب ليبيا الداعمة للسراج، من شأنه أن “يحدّ من سلطة السراج السياسية والتنفيذية داخل المجلس الرئاسي ويجعله ضعيف الصلاحيات”.
كما أضاف أن “انقسام المجلس إلى جبهتين متصارعتين واحدة يمثلها معيتيق وكاجمان والأخرى السراج المدعوم من العضوين بالمجلس محمد عماري وأحمد حمزة، سيضعف المجلس الرئاسي داخليا وكذلك خارجيا، حيث لا يزال المجتمع الدولي يراهن عليه”.
وتزيد هذه الخلافات من أزمة المجلس الذي شهد خلال السنوات الماضية، استقالة عدد من أعضائه وعلى رأسهم علي القطراني وفتحي المجبري، وعمر الأسود، وموسى الكوني.
الأوبزرفر العربي