أسباب التحفظ التركي على انضمام فنلندا والسويد لحلف الناتو
أعلن رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، تحفظ بلاده انضمام السويد وفنلندا إلى حلف الناتو، وتعهّد بعدم تكرار خطأ أنقرة السابق عندما وافقت قبل عقود على عضوية اليونان في حلف شمال الأطلسي، إلا أن المتحدّث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالن قال لاحقاً إن أنقرة لن تغلق الباب أمام عضوية ستوكهولم، وإنها ستثير هذه المسألة من منطلق “الأمن القومي” لأنقرة.
ومع أن أردوغان اتّهم ستوكهولم وهلسنكي بدعم حزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمرّداً مسلّحاً ضد أنقرة منذ العام 1984، وجماعة فتح الله غولن الذي يتّهمه أردوغان بالوقوف خلف المحاولة الانقلابية الفاشلة على حكمه والتي حصلت في منتصف شهر يوليو من العام 2016، إلا أن خبراء في الشؤون التركية نفوا أن يكون سبب الرفض التركي لانضمام كلتا الدولتين إلى الناتو متعلّقاً بالعمال الكردستاني وغولن.
أربعة أسباب
وقال خبير الشؤون التركية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، كرم سعيد، إنه “وفقا لميثاق حلف الناتو يحق لكل دولة استخدام حق الفيتو ضد انضمام أي دولة بالحلف، وبالتالي من حق أنقرة التحفظ على عضوية فنلندا والسويد، وفي حال حدث ذلك فإن البلدين لن يتمكنا من الانضمام للناتو”.
فيما اعتبر سعيد، أن هناك 4 أسباب وراء هذا التحفظ التركي وسيناريوهان محتملان للأزمة الحالية.
وأوضح أن السبب الأول هو ضريبة التحالف التركي الروسي، لافتا إلى أن التحالف بين الجانبين يفرض خيارات محدودة على أنقرة يتبعها رفض توسع الناتو على الحدود القريبة من موسكو وبالتالي ترى تركيا أن دخول البلدين قد يؤدي إلى توتر مع موسكو خاصة في ظل تهديدات روسيا ومن ثم أي حدوث أي اختلالات ستحمل ارتدادات سلبية على تركيا.
أما الأمر الثاني، وفق سعيد، فهو مرتبط بفكرة “إرباك الحسابات” حيث إن دخول البلدين إلى الحلف سيؤدي إلى إرباك حسابات تركيا ومصالحها الإقليمية خاصة في مناطق القوقاز شرق أوروبا، فرغم أن فنلندا والسويد تتبنيان ظاهريا سياسة الحياد إلا أنهما دأبا على انتقاد انقرة خاصة في الشأن الحقوقي وكان آخرها أكتوبر 2021 وأزمة طرد السفراء العشرة بعد إدانة حبس الناشط التركي عثمان كافالا.
وتابع: “ومن ثم تخشى تركيا من أن تزداد مواقف البلدين تجاهها بعد الانضمام وتكرار ما حدث مع اليونان، حيث عملت أثينا على تحشيد الحلف ضد المصالح التركية”.
وأوضح أن السبب الثالث يتمثل في المواقف المضادة للبلدين خاصة في “رعاية الخصوم” وهو ما أشار إليه الرئيس التركي بشكل مباشر بأنهما باتا بيوت ضيافة للمنظمات الإرهابية في إشارة لاستضافتهم عناصر من حزب العمال الكردستاني ومنظمة غولن التي تصنفهم أنقرة منظمات إرهابية.
مكاسب وحسم الملفات
ولفت سعيد إلى أن الأمر الرابع يرجع إلى “توظيف الأزمة لتحقيق مكاسب وحسم الملفات الشائكة” حيث ستعمل أنقرة على الضغط على البلدين والغرب والدول المعادية لمصالح تركيا لإجبارهم على حل القضايا الخلافية سواء الحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي ومع أميركا مثلا حل أزمة منظومة الصواريخ الروسية “إس 400″، والطائرات الأميركية المقاتلة “إف 16” و”إف 35″، وغيرها ووقف التحشيد الغربي المضاد في منطقة شرق المتوسط.
وحول مستقبل الأزمة، قال سعيد إننا أمام سيناريوهان، الأول أن يستمر التصعيد التركي خلال الفترة المقبلة أو تراجع أنقرة مع الحصول على وعود وضمانات تعزز مكاسبها وهو الأقرب للواقع خاصة أن تركيا لديها مخاوف من أن تقود الممانعة لإظهارها كدولة موالية لروسيا داخل حلف شمال الأطلسي.
وحلف شمال الأطلسي (الناتو) هو تحالف عسكري دفاعي شكلته 12 دولة عام 1949، من بينها: الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وفرنسا، لمواجهة تهديد التوسع السوفياتي في أوروبا بعد الحرب، وعلى مر العقود منذ ذاك الحين، نما الحلف ليشمل إجمالي 30 عضوا.
طلب فنلندا
وكانت فنلندا قد طلبت رسمياً يوم أمس الأحد الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وذلك بعد عقود من عدم الانحياز العسكري. لكن تركيا أعلنت قبل ذلك أنها ترفض عضوية فنلندا والسويد التي تستعد للانضمام للتحالف العسكري الذي تأسس في العام 1949.
والأسبوع الماضي قال الأمين العام للناتو ينس ستولتبرغ إنه يتوقع قبول عضوية كلتا الدولتين الاسكندنافيتين في الناتو.
وعلاوة على تركيا، تعارض روسيا انضمام فنلندا التي تشترك معها بحدود تمتد لنحو 1300 كيلومتر، إلى حلف شمال الأطلسي.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد اعتبر أول أمس السبت خلال اتصال هاتفي مع نظيره الفنلندي سولي نينيستو أنه “من الخطأ إنهاء الحياد العسكري لهلسنكي، حيث لا يوجد ما يهدد أمنها”.