أضخم إضراب لعمال السكك الحديدية يشل الحركة في بريطانيا
التحذير من ركود تضخمي لم يشهد العالم مثله منذ عقود
وسط تحذيرات من ركود تضخمي لم يشهد العالم مثله منذ الفترة الواقعة بين عامي 1976 و1979 بحسب تقارير البنك الدولي”، تأثراً بالحرب الروسية الأوكرانية، شهدت بريطانيا اليوم الثلاثاء، أضخم إضراب لعمال السكك الحديدية منذ 30 عاماً، بسبب مطالب بشأن الأجور والوظائف، مما قد يمهد الطريق لإضرابات واسعة النطاق في مجال الصناعة في أنحاء البلاد.
واحتشد منذ الصباح ما يزيد عن 40 ألفاً من عمال السكك الحديدية، الذين يعتزمون الإضراب أيام الثلاثاء والخميس والسبت، عند حواجز أقاموها مما أصاب شبكة السكك الحديدية بالشلل وترك المحطات الرئيسية خالية من الرواد. كما أغلق مترو أنفاق لندن في أغلبه بسبب إضراب منفصل.
وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، الذي يتعرض لضغوط من أجل عمل المزيد للأسر التي تواجه أصعب الظروف الاقتصادية في عقود، إن الإضرابات ستضر بالأعمال التي تحاول التعافي من جائحة كورونا.
إضراب قطاعات أخرى
وقالت نقابات عمالية بريطانية، إن إضرابات عمال السكك الحديدية ربما تشكل بداية “صيف السخط” حين يتحرك مدرسون وعاملون في المجالين الطبي والتخلص من النفايات وحتى المحامون لتنظيم إضرابات مع اقتراب وصول التضخم إلى 10% بسبب ارتفاع أسعار الغذاء والوقود.
وقال مايك لينتش، الأمين العام لعمال السكك الحديدية والبحرية والنقل، لشبكة “سكاي نيوز” البريطانية، إن “العمال البريطانيين بحاجة لزيادة في الأجور.. يحتاجون أماناً وظيفياً وظروفاً مواتية واتفاقاًَ شاملاً بوجه عام”.
ويوجه نواب المعارضة انتقاداً للحكومة بسبب رفضها الاشتراك في المحادثات لتسوية الخلاف.
وانتعش الاقتصاد البريطاني في البداية بقوة بعد جائحة كورونا، لكن مزيجاً من نقص العمالة وخلل في سلاسل التوريد والتضخم ومشكلات في التجارة بعد خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي أدت إلى تحذيرات من حدوث ركود.
الحكومة ترفض التدخل
ورفضت نقابة عمال السكك الحديدية والبحرية والنقل عرضاً مقدماً من مدير شبكة السكك الحديدية الجمعة، كما رفضت عرضاً آخر الاثنين من الاتحاد الوطني للسكك الحديدية حسبما ذكرت وكالة “بلومبرغ”.
ورفضت حكومة جونسون التدخل قائلة، إن “النزاع بين الشركات وعمالها”، لكن مايك لينتش الأمين العام لعمال السكك الحديدية والبحرية والنقل، ألقى باللوم على الحكومة قائلاً إن أساس المشكلة في اقتطاع الحكومة 4 مليارات جنيه إسترليني من الموازنة، مليارين من موازنة هيئة النقل في لندن، ومليارين من هيئة السكك الحديدية.
وقال لينتش: “هذا يشل القطاع ويجبر الشركات على تنفيذ سياسية تقشف واقتطاعات ضخمة من نظام النقل”.
سوء فهم
لكن وزير النقل البريطاني جرانت شابس، رفض هذا التحليل أمام مجلس العموم، واصفاً إياه بأنه “سوء فهم كبير”، وقال إن الأموال المقتطعة من ميزانية السكك الحديدية تعود إلى انخفاض عدد المسافرين في مرحلة ما بعد جائحة كورونا.
وأظهرت أرقام هيئة الطرق والسكك الحديدية، الخميس الماضي، أن عدد الرحلات الحالية يشكل ما نسبته 62% من عدد الرحلات في مرحلة ما قبل الجائحة في الربع الأول من العام الجاري.
حذّر الملياردير الأميركي إيلون ماسك، والخبير الاقتصادي نورييل روبيني، ومجموعة “جولدمان ساكس” للخدمات المصرفية، من تزايد احتمالات انزلاق الاقتصاد الأميركي إلى مرحلة من الكساد.
هبوط حاد لأكبر اقتصاد في العالم
وذكرت “بلومبرغ” في تقرير، الثلاثاء، أنّ هذه التوقعات تثير مخاوف من حدوث هبوط حاد لأكبر اقتصاد في العالم، في الوقت الذي يرفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي (المركزي الأميركي) أسعار الفائدة لمواجهة أسرع وتيرة تضخم منذ عقود.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة “تسلا” إيلون ماسك، الثلاثاء، في مداخلة عبر الفيديو مع رئيس تحرير وكالة “بلومبرغ” على هامش “منتدى قطر الاقتصادي” في الدوحة”، إن حدوث كساد في الولايات المتحدة يبدو مرجحاً في المستقبل القريب.
وأضاف: “حدوث ركود مسألة حتمية في مرحلة ما، وفيما يتعلق بما إذا كان هناك ركود في المدى القريب، لست واثقاً من هذا”، لافتاً إلى أنّ “هذا ليس أمراً مؤكداً، لكنه يبدو محتملاً”.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، أخطر أغنى رجل في العالم المديرين التنفيذيين لشركة “تسلا” أنه يراوده “شعور سيء للغاية” بشأن الاقتصاد، وفقاً لرسالة بريد إلكتروني داخلية اطلعت عليها وكالة “رويترز”.
مخاطر الركود
وخفض خبراء الاقتصاد في “جولدمان ساكس”، توقعاتهم للنمو في الولايات المتحدة، وحذّروا في مذكرة بحثية أصدروها، الاثنين، من أن مخاطر الركود آخذة في الارتفاع.
وتوقع فريق البنك أن ثمة احتمال بنسبة 30٪ للدخول في مرحلة ركود خلال العام المقبل، ارتفاعاً من 15٪ سابقاً، واحتمالاً مشروطاً بنسبة 25٪ للدخول في ركود في العام الثاني في حال تجنبه في العام الأول، وهذا يعني وجود احتمال تراكمي بنسبة 48٪ في العامين المقبلين مقابل 35٪ سابقاً.
وكتب الاقتصاديون بقيادة يان هاتزيوس: “نحن نرى الآن مخاطر حدوث ركود أعلى، الأسباب الرئيسة هي أن مسار النمو الأساسي لدينا الآن أقل، ونحن قلقون بشكل متزايد من أن الاحتياطي الفيدرالي سيضطر إلى الاستجابة بقوة لمعدل التضخم الإجمالي المرتفع، وتوقعات تضخم الأسعار الاستهلاكية إذا ارتفعت أسعار الطاقة أكثر، حتى لو تباطأ النشاط بشكل حاد”.
ركود في الولايات المتحدة
وتوقع الرئيس التنفيذي لشركة “روبيني ماركو وشركاه” نورييل روبيني، حدوث ركود في الولايات المتحدة بحلول نهاية العام.
وأوضح في تصريحات لتلفزيون “بلومبرغ”، أنّ مقاييس ثقة المستهلك، ومبيعات التجزئة ونشاط التصنيع والإسكان تتباطأ جميعها بشكل حاد في حين أن التضخم مرتفع، مضيفاً: “أصبحا قريبين للغاية”.
وبهدف التخفيف من ارتفاع تكاليف المعيشة، سرّع الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع الماضي، وتيرة حملته لتشديد السياسة النقدية بأكبر زيادة في أسعار الفائدة منذ عام 1994.
وأدى ذلك إلى خسائر جديدة في بورصة “وول ستريت”، وزاد من احتمالات حدوث ركود، ما زاد الضغط على الرئيس الأميركي جو بايدن.
والاثنين، قال بايدن إنّ الركود الاقتصادي في الولايات المتحدة ليس “أمراً حتمياً” بعد محادثة مع وزير الخزانة الأميركي السابق لاري سمرز، الذي يرى أن هناك احتمالاً كبيراً بأن تجد البلاد نفسها تعاني الركود التضخمي.
مناقشة اقتراح أميركي
وأعربت ألمانيا عن استعدادها لمناقشة اقتراح أميركي للحدّ من سعر النفط الروسي، محذرة في الوقت ذاته من أن هذا الإجراء قد يكون معقداً جداً بحيث يتعذّر تنفيذه، كما أفادت “بلومبرغ”.
ونقلت الوكالة عن مسؤول حكومي ألماني إن فكرة وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، لربط سقف لأسعار النفط بعقوبات التأمين، هو “اقتراح مثير للاهتمام”، مضيفاً أن مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى تجري مناقشات مكثفة بشأن كيفية إنجاح هذا الاقتراح.
واستدرك أن الخطة الأميركية تتطلّب إعادة صوغ العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي هذا الشهر، وتحظّر التأمين على شحنات النفط الروسية. وتابع أن هذه العملية يمكن أن تكون معقدة جداً.
وزاد المسؤول أن ألمانيا، التي تتولى الآن رئاسة مجموعة السبع وتستضيف قمتها هذا الشهر، أبلغت الولايات المتحدة وحلفاءها أنها لا تعارض بشكل قاطع فرض آلية أسعار. واستدرك أن ربط سقف لأسعار النفط بعقوبات التأمين، سيكون مسألة معقدة جداً.
ويتطلّب فرض عقوبات في الاتحاد الأوروبي، إجماع دوله، واستغرق تبنّي حزمة الإجراءات الأخيرة التي استهدفت روسيا بعد غزوها لأوكرانيا، أسابيع للتغلّب على اعتراضات قادتها المجر. وأبدت عدة دول أعضاء تحفظاً على بدء العمل بشأن فرض عقوبات جديدة، بحسب “بلومبرغ”.
ونقلت عن مسؤول حكومي آخر قوله إن قادة مجموعة السبع سيناقشون اقتراح يلين خلال قمتهم، مستبعداً التوصّل إلى اتفاق قريباً في هذا الصدد.
مقترح إيطالي
إلى ذلك، أعلن وزير الطاقة الإيطالي روبرتو سينجولاني أن اقتراحاً قدّمته بلاده للحدّ من أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا، يكتسب زخماً في كل أنحاء المنطقة، إذ ترى دول بشكل متزايد أنه “الحلّ الوحيد” لارتفاع التكاليف.
وأوصت إيطاليا بأن تفرض دول الاتحاد الأوروبي سقفاً لسعر واردات الغاز من روسيا، للمساهمة في كبح التضخم بالتكتل، لكن دولاً أبدت شكوكاً في هذا الصدد، بما في ذلك ألمانيا. وقال سينجولاني: “أسعار الغاز ترتفع، ليس لسبب مادي. السعر يرتفع لأن شخصاً ما في مكان ما قرر ذلك من لوحة مفاتيح” للكومبيوتر.
ومع ذلك، ساهم تقليل عمليات التسليم من روسيا في رفع الأسعار بالأيام الأخيرة، مع تقلّص الشحنات عبر خط أنابيب “نورد ستريم” بنحو 40% من سعته. وارتفعت العقود الآجلة للغاز في أوروبا بنسبة 4% تقريباً عن يوم الجمعة، ويتم تداولها بأكثر من أربعة أضعاف مستواها قبل سنة، بحسب “بلومبرغ”.
واعتبر سينجولاني أن فرض سقف للسعر “يبدو الحلّ الوحيد المستدام”، لافتاً إلى أن هذه الخطوة تتيح تجنّب خطر أن يفرض “شخص ما مستوى مجنوناً لسعر الغاز”.
وأشار إلى أن الإجراءات الإضافية يمكن أن تشمل فصل أسعار الطاقة التي تعمل بالغاز، عن أسعار الطاقة المتجددة، وتعزيز إنتاج الكهرباء من المحطات التي تعمل بالفحم. وأضاف: “إن قراراً بزيادة إنتاج الفحم مؤقتاً من المصانع الحالية، لن يمسّ أهداف التخلّي عن الكربون في إيطاليا، وسيتيح طريقة أرخص لتعزيز مخزونات الطاقة”.