أنقرة تعيد حسابتها مع الخليج العربي
من التنقيب في المتوسط إلى التنقيب عن علاقات تنقذ النظام التركي من ورطته مع العالم
من التنقيب في مياه البحر المتوسط التي أثارت موقفاً عالمياً ضد النظام التركي، مروراً بالغزوات الحربية على شمال سوريا والعراق وفي العمق الليبي، تعيد أنقرة حساباتها مع الخليج العربي بحثاً عن علاقات تنقذها من ورطتها الدولية، في ظل عقوبات فرضتها أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية ووضعت الاقتصاد التركي على حافة الإنهيار، وبالتزامن مع تولي إظدارة أمريكية جديدة لها موقف مختلف عن سابقتها مع نظام أردوغان.
فقد أجرى وزير خارجية النظام التركي مولود جاويش أوغلو، أمس الأربعاء مباحثات في سلطة عمان ثاني محطة في جولته الخارجية بعد الكويت ومنها سينتقل إلى الدوحة ضمن جهود لتهدئة التوتر مع الشركاء الخليجيين.
ونقلت وكالة الأنباء العمانية عن الوزير التركي قوله إن المباحثات مع نظيره العماني بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي، كانت مثمرة، مشيدا بالسياسة الخارجية للسلطنة التي وصفها بأنها “متزنة وصوت للعقلانية والحكمة”.
وبحسب المصدر ذاته قال جاويش أوغلو إن بلاده “تدعم كافة الجهود التي تبذلها السلطنة من أجل تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة”، مؤكدا استعداد تركيا للعمل بشكل موسع مع السلطنة وبقية دول مجلس التعاون الخليجي في مختلف الملفات ومجالات التعاون المشترك وما يتصل بالقضايا الإقليمية.
تصريحات الوزير التركي تعتبر مناورة تهدئة لإنهاء أنقرة للتوترات مع السعودية والإمارات بعد سنوات من التصعيد وحملات ممنهجة لتشويه دور المملكة الإقليمي والدولي، في إطار تنافس إقليمي سعى خلاله رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان لزعامة واهية حين هاجم الرياض موظفا قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول في أكتوبر 2018 وحين دفع بقوة لعقد مؤتمر إسلامي في كاولامبور على أمل تشكيل كيان مواز لمنظمة التعاون الإسلامي التي تتخذ من جدة مقرا لها.
ويسعى النظام التركي على ما يبدو إلى تشكيل حزام دعم خليجي لضمان إرساء مصالحة مع السعودية تحديدا وإعادة الدفء للعلاقات بين البلدين في وقت تبدو فيه أنقرة في أمس الحاجة لإنعاش اقتصادها واستقطاب الاستثمارات الأجنبية ومن ضمنها الاستثمارات الخليجية وأيضا إعادة تنشيط القطاع السياحي وفتح منافذ أوسع للمنتجات التركية في الخليج.
ونقلت وكالة الأنباء العمانية الرسمية عن جاويش أوغلو قوله إن بلاده ترغب في تطوير أوجه التعاون الثنائي المشترك في مختلف المجالات السياسية و الاقتصادية والتجارية. وأوضح أن محادثاته مع نظيره العماني تركزت على أكثر من ملف من بينها التطورات التي شهدتها المنطقة بعد قمة العُلا بالسعودية، معتبرا أن تركيا ” شريك استراتيجي لدول الخليج العربية”.
الملفات الخلافية بين النظام التركي ومجلس التعاون كثيرة ويحتاج حلها إلى إرادة تركية جادة بعيدا عن المناورات والتكتيكات البراغماتية ومن ضمن السلوكيات التي وترت العلاقات بين الجانبين، التدخلات التركية في شؤون المنطقة والدفع نحو إحداث شرخ بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي إضافة إلى احتضان تركيا قادة من تنظيم الإخونجية المصنفة كجماعة إرهابية في دول خليجية وفي مصر.
وأي مصالحة مع دول الخليج تمر حتما عبر تسوية هذه الملفات الخلافية وهو أمر إن صح يحتاج وقتا ويحتاج من تركيا أفعالا لا أقوالا.
ومن المقرر أن يحط رحال الوزير التركي لاحقا في الدوحة آخر محطة في جولته الخليجية، وسط توقعات بأن تستثمر أنقرة علاقاتها وتحالفها مع قطر لتهيئة المناخ لمصالحة مع الرياض بعد عودة الدفء للعلاقات القطرية السعودية على اثر القمة الخليجية الأخيرة في مدينة العلا في شمال المملكة.