أوبك: العقوبات على روسيا تخلق أسوأ صدمة نفطية على الإطلاق
قالت منظمة منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، على لسان أمينها العام محمد باركيندو، “إن العقوبات الحالية والمستقبلية على روسيا قد تخلق واحدة من أسوأ صدمات المعروض النفطي على الإطلاق”، مضيفة “إنه سيكون من المتعذر استبدال الكميات المفقودة المحتملة في إمدادات النفط الروسي”.
بذلك تكون قد قطعت المنظمة الطريق على مساع غربية لمطالبتها بزيادة الإنتاج لتعويض النفط الروسي في حال مضت أوروبا والولايات المتحدة في خيار إضافة النفط إلى قائمة العقوبات.
واعتبر مراقبون أن أوبك تحمّل الغرب المسؤولية بشكل مباشر، وترفض أن يتم خنق النفط الروسي بتحركات سياسية ثم يلقى اللوم على الدول الأعضاء فيها لأنها لا تستجيب لتوفير الكميات المطلوبة لتعويض المعروض الروسي الذي هو في حدود عشرة ملايين برميل يوميا ما يجعل عملية التعويض مستحيلة.
ومن اللافت أن التنبيه جاء من أوبك وليس من تحالف أوبك+ لنزع البعد السياسي عنه باعتبار أن روسيا أصبحت الركن الثاني في المجموعة إلى جانب السعودية، وقد يفهم رفضها على أنه انحياز إلى موسكو. غير أن أوبك تضم دولا مختلفة وبمواقف سياسية متعارضة في قضايا كثيرة لكن ما يجمعها هو المصالح، ومن غير الوارد أن تقبل بزيادة المعروض وضرب الأسعار الحالية التي تخدم مصالحها بشكل مباشر.
محادثات فيينا
وأجرى مسؤولو الاتحاد الأوروبي الاثنين محادثات في فيينا مع ممثلين عن أوبك وسط تعالي الأصوات التي تدعو المنظمة إلى زيادة الإنتاج، وذلك في الوقت الذي يدرس فيه الاتحاد مسألة فرض عقوبات محتملة على النفط الروسي.
وقال مسؤول في المفوضية الأوروبية إن الاتحاد الأوروبي كرر الاثنين دعوته أثناء الاجتماع لأن تدرس الدول المنتجة للنفط مسألة ما إذا كان بإمكانها أن تزيد الإمدادات لتهدئة زيادات حادة في أسعار الخام.
وأضاف المسؤول أن ممثلي الاتحاد الأوروبي في الاجتماع، الذي عقد في فيينا مع منظمة البلدان المصدرة للبترول، أوضحوا أيضا أن أوبك مسؤولة عن ضمان حالة التوازن في أسواق النفط.
وقال جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي إن فرض التكتل مزيدا من العقوبات على روسيا خيار مطروح.
وصرح للصحافيين لدى وصوله لحضور اجتماع مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ بأن “العقوبات دائما مطروحة على الطاولة”. وأضاف أن “الوزراء سيناقشون مسألة الخطوات الأخرى” التي يمكن اتخاذها.
وتقاوم أوبك دعوات من الولايات المتحدة ووكالة الطاقة الدولية إلى ضخ المزيد من الخام لتهدئة الأسعار التي بلغت ذروة 14 عاما الشهر الماضي بعد أن فرضت واشنطن والاتحاد الأوروبي عقوبات على موسكو في أعقاب غزوها لأوكرانيا.
وسترفع أوبك+، التي تتألف من أوبك ومنتجين آخرين منهم روسيا، الإنتاج بنحو 432 ألف برميل يوميا في مايو القادم.
الابتعاد عن السياسة
وأشار المراقبون إلى أن أوبك انضمت إلى موقف أعضاء بارزين في أوبك+ مثل السعودية والإمارات اللتين رفضتا دخول السياسة إلى ملف النفط، مثلما جاء في تصريح سابق لوزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي حين أكد مؤخرا أنه يتوجب دوما “الابتعاد عن السياسة”.
وقال المزروعي إن “روسيا عضو مهم، وبغض النظر عن السياسة، فإن هذا الحجم (…) مطلوب اليوم، وما لم يكن أحدهم مستعدا للقدوم وإحضار عشرة ملايين برميل، فإننا لا نرى أن أحدهم بإمكانه أن يحل مكان روسيا”.
وأضاف “نحن كدولة نحاول بذل ما في وسعنا. نستثمر ونزيد طاقتنا الإنتاجية إلى خمسة ملايين برميل”. وتابع “لكن هذا لا يعني أننا سنترك أوبك+ أو أن نقوم بعمل فردي. سنعمل مع المجموعة لضمان استقرار السوق”.
من جانبه قال وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان إن تحالف أوبك+ ينحّي السياسة جانبًا حتى يستطيع التعامل مع الكثير من الدول المختلفة في أوقات مختلفة.
العقوبات لا تشمل النفط الروسي
ولم تشمل عقوبات الاتحاد الأوروبي حتى الآن النفط الروسي. لكن بعد أن وافق التكتل المكون من 27 دولة قبل أيام على فرض عقوبات على قطاع الفحم الروسي، في أول إجراء يستهدف إمدادات الطاقة، قال بعض كبار المسؤولين في الاتحاد الأوروبي إن النفط قد يكون القطاع التالي.
وقال وزراء خارجية أيرلندا وليتوانيا وهولندا إن المفوضية الأوروبية تعد مقترحات بشأن فرض حظر على النفط الروسي، وذلك لدى وصولهم إلى لوكسمبورغ لحضور اجتماع مع نظرائهم في الاتحاد الأوروبي.
وحظرت أستراليا وكندا والولايات المتحدة -وهي أقل اعتمادا من أوروبا على الإمدادات الروسية- بالفعل مشتريات النفط الروسي.
وتنقسم دول الاتحاد الأوروبي حول ما إذا كانت ستحذو حذو تلك الدول نظرا لاعتمادها الأشد على النفط الروسي واحتمال أن يتسبب مثل هذا القرار في رفع أسعار الطاقة التي زادت بالفعل في أوروبا.
ويتوقع الاتحاد الأوروبي أن ينخفض استخدامه للنفط بنسبة 30 في المئة بحلول عام 2030، مقارنة بمستويات عام 2015، وفقا لأهداف سياساته لمكافحة تغير المناخ، غير أن الحظر من شأنه أن يؤدي -على المدى القصير- إلى اندفاع لاستبدال النفط الروسي بإمدادات بديلة.