أول فشل لحركة النهضة الإخونجية في البرلمان التونسي الجديد
سقوط مدوٍّ لأول اختبار لرئيس حركة النهضة الإخونجية راشد الغنوشي على رأس البرلمان التونسي، طاويا هزائم سياسية متتالية تفرعت بين عجز عن تشكيل الحكومة في الشهر الأول للانتخابات، وفشل في تمرير قانون للزكاة وتعويض أنصاره ماديا.
وفشل الإخوان في تونس في تمرير مقترح قانون لإنشاء “صندوق زكاة”، اعتبره خصومه مجرد دعاية حزبية لخلط الدين بالسياسة، من أجل استمالة الرأي العام المحافظ.
وعند التصويت عليه لم يحظ المقترح سوى بموافقة 74 نائبا من بين الحاضرين، بينما رفضه 93 نائبا، وامتنع 17 نائبا عن التصويت.
الاختبار الأول للغنوشي داخل البرلمان يفتح أمام حركة النهضة سيناريوهات عديدة حول مدى قدرة الحركة على التماسك ومدى قدرة الغنوشي على الحفاظ على مركزه في رئاسة مجلس نواب الشعب، خاصة أنه يواجه أغلبية برلمانية معارضة لحركته تصل إلى 150 نائبا رغم اختلاف توجهاتهم السياسية.
الباحث في علم الاجتماع السياسي جهاد العيدودي يصف، وضع الغنوشي بالعزلة البرلمانية، وبالرجل العاجز عن إدارة المجلس وإثبات وجوده فعليا وسياسيا.
وغاب الغنوشي عن كل جلسات البرلمان، وكان حضوره حسب عديد الملاحظين مقتصرا على بعض الدقائق، خوفا من إثبات عجزه على إدارة الجلسات العامة للبرلمان. وتابع العيدودي أن الغنوشي يواجه معارضة أغلبية النواب، وحتى فوزه بخطة رئاسة البرلمان كانت بأغلبية ضعيفة لم تتجاوز 123 نائبا من مجمل 217، مما يطرح أسئلة حول قدرته السياسية على تذليل الصعوبات في ظل عزلته السياسية وعدم تمتعه بـ”المهارات السياسية” القادرة على تهدئة الأجواء بين مختلف الخصوم السياسيين.
بسقوط المقترح الإخواني في قانون الموازنة العامة للدولة التونسية بإحداث صندوق للزكاة، يكون راشد الغنوشي أمام أسئلة كبرى حول مدى جدوى وجوده على رأس البرلمان.
وإضافة إلى هذا القانون المسقط سيواجه مقترحا من قبل الحزب الدستوري الحر، بفتح ملف تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر الإرهابي في كل من سوريا والعراق خلال حكم الإخوان.
القيادي بالحزب الدستوري الحر منجي المناعي يؤكد، أن كتلة الحزب البرلمانية طالبت وفق صلاحياتها الدستورية إعادة التحقيق في تورط حكومات الإخوان برئاسة حمادي الجبالي وعلي العريض طيلة سنتي 2012 و2013 في تسهيل سفر الشباب التونسي إلى تركيا ومنها إلى جبهات القتال في سوريا.
وأكد وزير الداخلية التونسي الأسبق الهادي المجدوب سنة 2016، خلال ندوة صحفية، وجود قرابة 3000 تونسي توجهوا في السنوات الأولى لسقوط نظام زين العابدين بن علي إلى التنظيم الإرهابي داعش.
بخطوات متثاقلة وخطاب سياسي يتضمن الكثير من الإنكار المبطن يرفض رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي ربط اسمه وحكومته لحركة النهضة الإخوانية.
وأكد مقربون من الفريق العامل مع الحبيب الجملي، أنه أصبح يجد إحراجا كبيرا في إقناع أحزاب ومنظمات سياسية في الدخول في حكومة تقودها حركة النهضة الإخوانية.
وترفض حركة الشعب القومية (18 نائبا) وحزب التيار الديمقراطي (22 نائبا) وحزب تحيا تونس (14 نائبا) وكتلة الإصلاح الوطني البرلمانية (15 نائبا) والحزب الدستوري الحر (17 نائبا) مواصلة التشاور الحكومي مع حركة النهضة الإخونجية.
وتابعت المصادر أن الحبيب الجملي يعيش مأزقا حقيقيا في تشكيل حكومته، وهو مستاء من التعاطي السلبي لقيادة الإخوان مع التعنت السياسي والتشبث بوزارتي الداخلية والعدل.
وعن التبعثر في المشهد السياسي التونسي، قال الباحث التونسي في العلوم السياسية فوزي الحمداوي، إن الذهاب إلى انتخابات مبكرة تظل فرضية قائمة الذات، في ظل المؤشرات الأولية لصعوبة التعايش السياسي بين منظومة الإخوان والتيارات السياسية المعارضة لها.
وشدد على أنه رغم اختلاف القوى الحداثية وتصدع المواقف بينها إلا أنها تتحد في الخيارات الكبرى للدولة والمجتمع بشكل لا واع ولا مصلحي، قد يكون بداية للتساقط التدريجي لحركة النهضة.
ويقف رئيس الحكومة المكلف عاجزا لقرابة شهر منذ تكليفه بانطلاق المشاورات الحكومية، مما يعسر فرص التحالفات الحزبية في الأيام المقبلة.