إخونجية تونس يستخدمون “جبهة الخلاص” واجهة للإفلات من المحاسبة
شبكة من 86 شخصية سياسية واقتصادية واعلامية متورطة في التخطيط للانقلاب
أكدت السلطات التونسية مُضيها قدما في طريقها نحو فتح الملفات الإرهاب والفساد المؤجلة، التي ستنتهي بسجن عناصر وقيادات إخونجية متورطين فيها، فيما سارع الإخونجية وحلفائهم إلى ترويج الشائعات والادعاءات بشأن حملة الاعتقالات التي تشنها السلطات بحق قيادات الإخونجية المتورطين في جرائم فساد مالي وإداري والتآمر على البلد الإفريقي، إضافة إلى ملفي الاغتيالات والتسفير.
تلك الملفات التي زجت بالعديد من القيادات الإخونجية في السجون التونسية دفعت جبهة الخلاص التي يحركها تنظيم الإخونجية، إلى إطلاق حملة لمساندة الموقوفين والمعتقلين في قضية التآمر على أمن الدولة.
وبدلا من محاولة الدفع بالحجج القانونية لتبرئة المتورطين، انتهجت جبهة الخلاص سبيل الاعتصام المفتوح، الذي بدأته يوم الإثنين، للمطالبة بإطلاق سراح الموقوفين في قضية التآمر على أمن الدولة.
وتجاهل رئيس جبهة الخلاص أحمد نجيب الشابي التهم الجنائية التي وجهت إلى قيادات حركة النهضة الإخونجية، مطالبا باعتبار الموقوفين سجناء سياسيين، في محاولة منه لإضفاء صبغة سياسية على موقف تلك العناصر المتورطة في جرائم قد تودي بها إلى الإعدام.
الواجهة السياسية للإخونجية
وقال المحلل السياسي التونسي عبد المجيد العدواني إن جبهة الخلاص وهي الواجهة السياسية لتنظيم الإخونجية تبحث عن إثارة أزمة، مشيرا إلى أن هناك أطرافا تسعى لتحويل الملفات إلى قضايا إعلامية لكسب التعاطف الشعبي وتأليب الرأي العام الدولي، وللإيهام بأن ملفات القضية “فارغة”، في حين أن كل المعطيات تؤكد تورطهم في قضية التآمر على أمن الدولة.
وقال العدواني إن جبهة الخلاص تحاول إنقاذ الإخونجية من عمليات المحاسبة، مشيرا إلى أن الجبهة أجرت اتصالات مع منظمات دولية خاصة بحقوق الإنسان، في خطوة تشير إلى نوع من الاستقواء بالمنظمات الحقوقية الدولية، والسماح لها بالتدخل في شؤون تونس، لإطلاق سراح موقوفين كانوا يظنون أنفسهم فوق المحاسبة.
وأوضح المحلل التونسي، “بعد أن باءت عمليات الاستقواء بالخارج والمظاهرات والمسيرات بالفشل، لجأت إلى الاعتصامات المفتوحة، لإيهام العالم بأن عناصرها ضحايا إلا أنهم متورطون بالأدلة والبراهين القاطعة في قضية التآمر”.
محاكمات علنية
بدوره، قال المتحدث باسم حراك 25 يوليو محمود بن مبروك، إن الاعتقالات الأخيرة في قضية التآمر على أمن الدولة كانت وفقا لأوامر قضائية، مشيرا إلى أنها أجريت بعد عمليات تنصت كشفت عن وجود مخطط لإسقاط الرئيس قيس سعيد.
وطالب بن مبروك وزارة العدل بضرورة أن تكون المحاكمات التي تطال العديد من الموقوفين علنية، تنقلها القنوات الداخلية والخارجية، “حتى لا تفسر على أنها اعتقالات سياسية بهدف تصفية الخصوم السياسيين لرئيس الجمهورية”.
وأشار إلى أن ملفات القضية “تضمنت تهما خطيرة وجرائم في حق الشعب التونسي، خاصة فيما يتعلق بملف “الإرهاب الغذائي”، واصفا المعتقلين والمدافعين عنهم بـ”العملاء”، حسب قوله.
شبكة الانقلاب
وكانت “شبكة متشعبة” الأطراف في تونس حاولت في 27 يناير/كانون الثاني الماضي، الانقلاب على الحكم في البلاد عن طريق تأجيج الوضع الاجتماعي وإثارة الفوضى ليلا، مستغلة بعض الأطراف داخل القصر الرئاسي.
إلا أن قوات الأمن والاستخبارات التونسية تمكنت من إفشال هذا المخطط عن طريق تتبع اتصالاتهم وخطواتهم، ليتبين أن الناشط السياسي ومرشح الإخونجية للحكومة سنة 2019 خيام التركي كان حلقة الوصل فيها.
والتقت قيادات إخونجية في منزل خيام التركي، الشخصية التي أجمع عليها التنظيم لخلافة قيس سعيد، رفقة رجل الأعمال المعروف بـ”رجل الدسائس” كمال اللطيف ودبلوماسيين ورجال أعمال آخرين، بالضاحية الشمالية بسيدي بوسعيد.
وتورط في هذه القضية 86 شخصا سياسيا ورجال أعمال وإعلاميون ودبلوماسيون، كما تم ضبط مكالمات هاتفية بين أفرادها والقصر الرئاسي بقرطاج من أجل إسقاط النظام.
وثبت تورط المتهمين بعلاقات مع استخبارات وجهات أجنبية للإطاحة بالحكم وإلغاء دستور 2022 والإبقاء على دستور الإخوان لسنة 2014 مع تعيين حكومة جديدة.
وبعد تحريات السلطات التونسية المختصة تمكنت من تتبع تحركات الإخونجي ووزير العدل الأسبق نور الدين البحيري، حتى ألقي عليه القبض في 20 فبراير/شباط الماضي، بحوزته وثائق “مهمة” وهواتف ومخطط كتابي يشتمل على دراسة مفصلة في كيفية “رفع الأسعار وحجب المواد الأساسية من السوق”.
وشملت قائمة الاعتقالات سمير كمون، أحد موردي الزيوت النباتية، المتهم بالمضاربة والاحتكار، وسامي الهيشري، المدير العام السابق للأمن الوطني، والأمين العام للحزب الجمهوري، عصام الشابي، والناشطة السياسية بجبهة الخلاص شيماء عيسى، والإخواني رياض بالطيب وغيرهم.
وكان الرئيس التونسي قيس سعيد أكد أن حرية التعبير مضمونة، مشيرا إلى أن هذه الاعتقالات جاءت للمحاسبة على جرائم التآمر والفساد، وأنه لا علاقة بينها وحرية التعبير.
وأكد الرئيس التونسي أن “من يدّعي أن حرية التعبير مهدّدة فإمّا أنه لا يعلم حقيقة الملفات، أو يتجاهلها للإساءة لبلده ووطنه ويرفض المحاسبة التي ينادي بها الشعب”.