إخونجية تونس ينصبون المكائد لحكومة الفخفاخ
تضع حركة النهضة الإخونجية وحلفاؤها حكومة إلياس الفخفاخ بين خياري السقوط أو الإذعان لرغابتها، بعد قرابة أربعة أشهر من توليه رئاسة الحكومة في البلاد.
الفخفاخ الذي حصل على ثقة البرلمان في 27 فبراير/شباط 2020، يواجه تهم “التربح” من أسهمه في شركات خاصة وهو على رأس الحكومة، الشيء الذي يتناقض مع القانون التونسي.
ويرى سياسيون أن القضايا التي يواجهها الفخفاخ مفتعلة سياسيًا من أجل استهدافه ومن ورائه الرئيس التونسي، قيس سعيد، الذي اقترحه، خاصة وأن الخلاف بين الأخير والإخوان وصل ذروته في الفترة الأخيرة.
ووفق مصادر مطلعة فإن قيس سعيد بدأ مشاورات مع الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية) للتباحث حول وضعية الفخفاخ والسيناريوهات الممكنة التي قد يكون من بينها اختيار بديل نقابي.
وكشفت عن اتفاق ثنائي بين رئاسة الجمهورية واتحاد الشغل على ضرورة غلق المنافذ أمام المؤامرات الإخوانية التي تريد سحب المبادرة السياسية من قيس سعيد واستعادتها بعد سقوط حكومتهم برئاسة الحبيب الجملي في 10يناير/كانون الثاني 2020.
وأمام الاتهامات التي يواجهها، قال الفخفاخ في حوار له، الخميس، على موقع “نواة” التونسي، إنه سيبقى في منصبه إلى آخر عهدته التي تنتهي سنة 2024، وأنه يتعرض لعملية “شيطنة” مجانية من بعض الأطراف السياسية.
وأكد على أنه غير مطالب بكشف أسهمه في الشركات الخاصة التي يمتلكها للرأي العام، وهي شركات خدمات بيئية أبرمت صفقات مع الدولة التونسية في شهر ديسمبر/كانون الأول 2019.
كما اعترف الفخفاخ بتنامي الخلاف بينه وبين زعيم إخونجية تونس، راشد الغنوشي، حول مسألة توسيع الحكومة التي تضم أربعة أطراف (حركة النهضة الإخونجية وحزب التيار الديمقراطي وحركة الشعب القومية وحزب تحيا تونس).
وحسب سياسيين تونسيين فإن الإخونجية يضغطون على الفخفاخ من أجل تشريك ذراعهم العنيف “ائتلاف الكرامة ” وحزب “قلب تونس ” داخل الحكومة، لغايات مرتبطة بتقاسم الغنائم والمواقع في الوزارات الحساسة.
معركة قيس سعيد المفتوحة مع إخوان تونس لم تنته حيث تأخذ أشكالًا محلية أحيانا ودولية في أحيان أخرى متعلقة بالتباين الواضح في المواقف من التدخل العسكري في ليبيا.
سعيد فتح النار في أكثر من مناسبة على الخطاب الإخونجي وزيفه المتواصل في كل الاتجاهات، حيث إن القطيعة بينه والغنوشي أصبحت ثابتة في ظل التقارب بينه والمنظمة النقابية.
وأمام زيف الإخونجية، دعا الرئيس التونسي عقب لقائه الأمين العام للمنظمة النقابية، نور الدين الطبوبي، إلى ضرورة مقارعة الحجة بالحجة عند الاختلاف، مؤكدا استعداده الدائم للتضحية في سبيل الوطن وتحقيق إرادة الشعب وكرامته قائلا: “لن تخيفنا التهديدات ولن يخيفنا الموت”.
وقد تذهب اتجاهات قيس سعيد الى اختيار شخصية ذات بعد نقابي وقريبة من الاتحاد؛ لضمان استقلاليتها عن الأحزاب السياسية.
كما أن السيناريوهات الدستورية قد تجعله يفرض على الفخفاخ الاستقالة من أجل قطع الطريق أمام حركة النهضة التي تحفز تحالفات برلمانية (حزب قلب تونس وائتلاف الكرامة )؛ لسحب الثقة منه واستعادة المبادرة السياسية.
وترى الباحثة في العلوم السياسية، نرجس بن قمرة، أن الاحتمالات الأقرب في الفترة القادمة هي اقتراح سعيد لشخصية جديدة تعوض الياس الفخفاخ مع المحافظة على نفس التحالفات التي تضم “تحيا تونس “(14مقعدا) ، وحركة الشعب القومية (18مقعدا) ، وحزب التيار الديمقراطي (22مقعدا) وكتلة الإصلاح (15مقعدا) ، مع إسناد خارجي من الدستوري الحر (17مقعدا).
وتؤكد بن قمرة أن المعركة بين رئاسة البرلمان ورئاسة الجمهورية قد تشهد في الأيام القادمة أزمة سياسية مفتوحة، لا تقف فقط عند خروج إلياس الفخفاخ وإنما قد تمتد اجتماعيا إلى اتساع دائرة الاحتجاجات التي طالت بالخصوص محافظة تطاوين الحدودية.
والأسبوع الماضي، كشف ياسين العياري، النائب المستقل في برلمان تونس، أن شركة خدمات خاصة يملكها رئيس الحكومة تمتعت بعقود عمل مع الدولة خلال فترة الحجر الصحي بمبلغ قدره 46 مليون دينار (نحو 15 مليون دولار).
واعتبر النائب، في رسالة على صفحته الرسمية على شبكة التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أن هذه العقود غير قانونية وهي تمثل تضاربا للمصالح يرتقي إلى جريمة الفساد المالي؛ لأن القانون التونسي يحرم على رؤساء الحكومات إبرام صفقات لحسابهم الخاص.
وأشار العياري إلى أن الفخفاخ يملك 66 بالمائة من شركة خدمات تحمل اسم (فيفيان)، ولم يتخل عن أسهمه في الشركة منذ توليه رئاسة الحكومة في أواخر شهر فبراير/شباط 2020 .
ووأوضح أنه قام برفع دعوى قضائية ضد الفخفاخ، بتهمة استغلال النفوذ لتحصيل منفعة شخصية، وهي قضية يحاسب عليها القانون الجزائي التونسي.