إسرائيل على خط الانتخابات الفلسطينية
دحلان والبرغوثي والقدوة ثلاثي المعارضة الفتحاوية يربكون حسابات عباس
تطورات متسارعة على الخارطة الانتخابية الفلسطينية في الساعات الأخيرة قبل الموعد النهائي لتسجيل قوائم المرشحين عند منتصف ليل الأربعاء، دفعت إسرائيل أكثر من مرة لتحاول انقاذ رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس من خسارة انتخابية مؤكدة.
فقد أبلغت إسرائيل، الأربعاء، الاتحاد الأوروبي بأنها لن تسمح بدخول مراقبين للإشراف على الانتخابات الفلسطينية في القدس بسبب قيود كورونا، الموقف الإسرائيلي يتزامن مع تصريحات لرئيس السلطة الفلسطينية وعدد من المسؤولين بأن الانتخابات دون مشاركة القدس سيتم إلغائها، الأمر الذي يشكل طوق نجاة لرئيس السلطة الفلسطينية وعدد من القوى السياسية المتوقع خسارتها في الانتخابات.
ومع إعلان الأسير مروان البرغوثي، عضو اللجنة المركزية لحركة “فتح”، عن قراره تشكيل قائمة مستقلة لخوض الانتخابات، جرى عقد لقاء عاجل بين ممثلين عن قائمته، وممثلين عن قائمة الدكتور ناصر القدوة، العضو السابق في اللجنة المركزية لحركة “فتح”، استمر حتى الرابعة فجراً، جرى خلاله الاتفاق على خوض الانتخابات في قائمة مشتركة.
وأعلن ممثلون عن القائمتين ، إنهما سيعقدان، الأربعاء، لقاءاً ثانياً لتشكيل القائمة المشتركة، وتقديمها إلى لجنة الانتخابات المركزية في ساعات المساء، مشيرين إلى وجود بعض الخلافات حول مواقع بعض المرشحين من المعسكرين في القائمة.
وتعتبر خطوة تسجيل قائمة المستقبل التي يقف خلفها زعيم التيار الاصلاحي في حركة فتح محمد دحلان، اضافة لقائمة البرغوثي والقدوة، وهما من أبرز قيادات حركة “فتح”، تحد كبير للرئيس محمود عباس والحركة، نظراً لما يتمتع به ثلاثتهم من شعبية انتخابية كبيرة، وفق استطلاعات الرأي العام التي ترجّح أن تحقق أية قائمة يقفون على رأسها أو يدعمونها فوزاً كبيراً.
عشرات القوائم الانتخابية أبرزها قائمة دحلان
ويقترب عدد القوائم التي تعتزم خوض الانتخابات التشريعية من الثلاثين قائمة ما يشكل تحدياً آخر لحركة “فتح”، ذلك أن الغالبية العظمى من هذه القوائم قريبة من معسكر “منظمة التحرير”، الذي تقوده الحركة، أبرزها القائمة التي تقدم بها تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح الذي يتزعمه محمد دحلان غريم عباس .
وباتت الأجواء السياسية ملبدة بغيوم كثيرة يمكن أن تؤثر على إتمام الاستحقاق بسلام، حيث اشتعلت حرب التصريحات المتبادلة.
صراع الترتيب داخل القوائم
وحظيت حركة فتح بالجزء الأكبر من الصراع على ترتيب المرشحين داخل قائمتها الانتخابية، في ظل خلافات تعصف بها، حيث ترددت معلومات تفيد بأن هناك شخصيات رفضت وضع أسمائها في مرتبة متأخرة بالقائمة المقترحة، وهدد آخرون بالانسحاب من الترشح ضمن صفوف الحركة إذا لم يتم تعديل ترتيبهم، ما يزيد الجراح السياسية ويفسر تأخير تقديم القائمة إلى لجنة الانتخابات.
أحد مساعدي الرئيس محمود عباس قال: “كثرة القوائم تشكل أخباراً سيئة جداً لحركة فتح، لأن هذه القوائم ستحرق الكثير من الأصوات في المعسكر الوطني، بينما يتوحد أنصار المعسكر الاسلامي المنافس في قائمة واحدة”.
وأوضحت مصادر في حركة “فتح” أن هناك جهوداً لمحاولة إحتواء الأزمة وثني مروان البرغوثي عن تشكيل قائمة انتخابية مستقلة، وضمان دعمه للقائمة الرسمية للحركة، قبيل إغلاق موعد تسجيل القوائم. لكن ممثلين عن البرغوثي قالوا ، إن “هذه الجهود متأخرة جداً”.
وأثارت الانقسامات في حركة “فتح” شكوكاً في إمكانية إجراء الانتخابات، خاصة مع تحذيرات إقليمية ودولية للرئيس محمود عباس، من إمكانية خسارته الانتخابات لصالح حركة “حماس” التي تحكم قطاع غزة.
وظهر في الساعات الأخيرة، تحد ثان يتمثل في توجه إسرائيلي لمنع سكان القدس المحتلة من المشاركة في الانتخابات، وفق البروتوكول الخاص بالقدس في اتفاق أوسلو، الذي نص على مشاركتهم ترشيحاً وتصويتاً في مراكز البريد الإسرائيلي في المدينة.
وصرح عدد من المسؤولين الفلسطينيين، بأنه “لا يمكن إجراء الانتخابات من دون مشاركة أهل القدس”، ما أثار الكثير من الشكوك حول إمكانية إجراء هذه الانتخابات.
عباس يحاول التأجيل
وأشارت مصادر إعلامية فلسطينية إلى أن الرئيس عباس أرسل مبعوثين (غير رسميين) إلى واشنطن اليومين الماضيين لاستطلاع رأيها في تأجيل الانتخابات والتعرف على موقف إدارة الرئيس جو بايدن من إقدام السلطة على إعلان ذلك.
ويقول متابعون إن قبول محمود عباس بإجراء انتخابات تشريعية قد تتعرض فيها فتح لهزيمة منكرة سوف يعيق إجراء انتخابات رئاسية في ظروف تتزايد فيها حظوظ مروان البرغوثي في الفوز، ما يعني نهاية سياسية غير مستحبة لرئيس السلطة الفلسطينية.
وإذا كان رئيس السلطة توقع الدخول في مناوشات مع قيادات فتحاوية مثل البرغوثي ومحمد دحلان قائد تيار الإصلاح، فإنه لم يحسب جيدا تبعات اندلاع أزمة مع ناصر القدوة الذي أعلن تشكيل قائمة والترشح لانتخابات المجلس التشريعي، وهو ما يضعف فرص قائمة فتح الرئيسية، لأن التشكيك في دوافع الأخير صعب.