إطلالة على أبرز القضايا التي يتضمنها مشروع التعديل الدستوري الجزائري
بدأت الرئاسة الجزائرية منذ أمس الخميس، في توزيع المشروع التمهيدي للتعديل الدستوري الذي وعد به الرئيس عبد المجيد تبون، على الأحزاب السياسية والصحافة ومنظمات المجتمع المدني وجمعيات الطلبة وشخصيات وطنية عديدة بهدف إثرائه ومناقشته.
فيما أوضحت نفس المصالح في بيان نشرته على صفحة فيس بوك التابعة للرئاسة الجزائرية أن هذا المشروع هو “مجرد مشروع قابل للتغيير والحذف والزيادة” داعية إلى فتح نقاش واسع في “إطار الاحترام التام لإجراءات الوقاية من انتشار جائحة كورونا”.
وكان عبد المجيد تبون، الذي انتخب رئيسا جديدا للجزائر في 12 ديسمبر/كانون الأول 2019، قد عين في 7 يناير/كانون الثاني 2020 اللجنة المختصة بإعداد مسودة الدستور الجديد تحت إشراف أحمد لعرابة الذي عمل لسنوات أستاذا في القانون في الجامعة الجزائرية.
ويرى بعض المتتبعين للشؤون الجزائرية أن مبادرة تبون بتعديل الدستور تأتي كاستجابة لمطالب الحراك الجزائري المتعلقة بإجراء تغييرات عميقة في المنظومة السياسية والاقتصادية للبلاد، وفي مقدمتها الاعتماد على دستور عصري يفتح أفاقا جديدة للجزائريين ويطوي نهائيا صفحة عبد العزيز بوتفليقة التي دامت 20 سنة (1991-2019).
ففي مجال الحقوق الأساسية والحريات العامة مثلا، تم إدراج حقوق جديدة لم تكن موجودة في الدستور السابق كالحق في الحياة والحق في التعويض عن التوقيف والحبس المؤقت بشكل تعسفي فضلا عن حماية المرأة من جميع أشكال العنف.
كما تقترح أيضا المسودة الجديدة دسترة حرية الصحافة ومنع الرقابة عليها وإقرار مبدأ ممارسة حرية الاجتماع والتظاهر والتصريح فقط لإنشاء الجمعيات مع عدم حلها إلا بقرار قضائي.
في مجال الحريات، كشفت المسودة عن إلغاء المادة المدرجة سابقا في الدستور من قبل عبد العزيز بوتفليقة والتي تمنع أي جزائري يملك جنسية ثانية أن يشغل مناصب عليا وحساسة في الدولة.
وفي المحور المتعلق بالفصل بين السلطات، عرضت اللجنة المكلفة بتعديل الدستور منح الإمكانية لرئيس البلاد أن يعين نائبا له. فيما اقترحت تحديد عدد العهدات الرئاسية بعهدتين متتاليتين أو منفصلتين. نفس الشيء أيضا بالنسبة لنواب البرلمان إذ تم تحديد عدد العهدات بعهدتين. كما نصت على تعزيز مركز رئيس الحكومة ليكون المسؤول الأول أمام النواب بشأن برنامجه الحكومي.
وبشأن السلطة القضائية، نفس المسودة نصحت بإبعاد وزير العدل والنائب العام لدى المحكمة العليا من تشكيلة المجلس الأعلى للقضاء. الهدف من هذه الخطوة هو منع ممارسة أي ضغوط على القضاة أثناء ممارسة مهامهم وتكريس مبدأ العدالة الحقيقية بين جميع المواطنين.
ودعت اللجنة إلى تبديل اسم المجلس الدستوري بالمحكمة الدستورية مع تغيير طريقة تعيين الأفراد المكونة لها وتوسيع مجالها الرقابي. نفس الشيء بالنسبة لـ”السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات”، إذ اقترح المشروع دسترة هذه الهيئة وتعزيز مهامها وصلاحياتها بهدف وضع حد نهائي لعمليات التزوير التي شابت غالبية الانتخابات في الجزائر منذ استقلالها.
ومن بين المقترحات البارزة، تلك التي تسمح للقوات العسكرية الجزائرية بالمشاركة في عمليات حفظ السلام في الخارج تحت راية الأمم المتحدة.
وفي حال تمت المصادقة على هذه المادة، فسيشكل سابقة في التاريخ السياسي والعسكري الجزائري لكون الدساتير الجزائرية السابقة كانت تمنع أن تقاتل القوات الجزائرية خارج حدودها باعتبارها قوات دفاعية وليست هجومية.
وفي انتظار موقف الحراك الشعبي الذي توقف في فبراير/شباط الماضي بسبب فيروس كورونا من المقترحات الدستورية الجديدة، صدرت بعض ردود فعل على مواقع التواصل الاجتماعي.
فاعتبر الصحافي الجزائري القاضي إحسان، الذي يشغل أيضا منصب مدير الموقع الإلكتروني المحظور “المغرب الناشئ”, في تغريده على حسابه على توتير أن مشروع الدستور الجديد الذي اقترحه الرئيس تبون “لا يقلل من صلاحيات الرئيس مقارنة مع الصلاحيات التي تملكها سلطات أخرى”، معتبرا أن “باقي المقترحات الأخرى، بما فيها تعيين نائب رئيس، ما هي إلا ذر غبار على الأعين وعملية تجميل سطحية”.
إلى ذلك، وعد الرئيس الجزائري بالمصادقة على الدستور الجديد قبل نهاية العام الجاري. فبعد انتهاء مرحلة النقاشات، والتي سيتم بموجبها إثراء المشروع أو حذف بعض المواد، سيتم إحالته إلى البرلمان الجزائري بغرفتيه من أجل المصادقة عليه قبل أن يطرح للاستفتاء من قبل الشعب.
الجزائر- الأوبزرفر العربي