إطلالة على المنتدى الدولي لقوى الإرهاب في كوالالمبور
فرض حضور شخصيات معروفة بانتمائها لجماعة الإخوان المسلمين، أو تأييدها للجماعات الإرهابية في القمة الإسلامية المصغرة، التي دعا إليها الرئيس الماليزي مهاتير محمد وحضرها كل من الرئيس الإيراني حسن روحاني، ورئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، وبالإضافة إلى الرئيس القطري الأمير تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، فرض السؤال التالي، وهو ما وجه الشبه بين هذا التجمع في كوالالمبور، وتجمع آخر حدث في سنة 2000 جمع قيادات لتنظيم القاعدة في العاصمة الماليزية؟
وقبل الحديث عن “قمة القاعدة” في “كوالالمبور“، والتي بحسب ما كشفته أجهزة المخابرات الأميركية، كانت قد جمعت مخططي ومنفذي تفجيرات برجي التجارة العالمي، نرصد حيثيات تأسيس القمة الإسلامية المصغرة، ومجلس إدارتها والشخصيات الفاعلة في هذه المؤسسة حديثة المولد.
في العام 2014 وبعد سقوط حكم جماعة الإخوان المسلمين في مصر، أسس “مهاتير محمد”، وقبل أن يتولى منصبه الحالي، ما عرف بـ“منتدى كوالالمبور للفكر والحضارة”، يتولى هو شخصياً رئاسته، على أن تكون استضافة المنتدى في دول مختلفة تتحالف حكوماتها مع جماعة الإخوان المسلمين، فعقدت نسخة من المنتدى في تركيا وأخرى في السودان، وتونس، بحضور لمختلف التنظيمات والحركات الإسلامية وقياداتها، وبالطبع إلى جانب كافة فروع جماعة الإخوان.
وتم تعيين 3 نواب للرئيس من بينهم الموريتاني “محمد ولد الددو الشنقيطي”، عضو مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في قطر، ومفتي الجماعات “الإرهابية” المسلحة، و”أمر الله إشلر” نائب رئيس الوزراء التركي في حكومة رجب طيب أردوغان، و”علي عثمان طه”، نائب الرئيس السوداني السابق “عمر البشير”، وتولى “عبد الرزاق مقري”، مرشد جماعة الإخوان في الجزائر، منصب الأمين العام للمنتدى.
وبحسب الترويج الدعائي لمنتدى كوالالمبور، نشر في موقع المنتدى الرسمي عبر موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أشار إلى تنظيمه 4 مؤتمرات وقمم جمعت “خيرة العلماء والمفكرين الذين تدارسوا مواضيع في الفكر السياسي وآليات انتقال الفكرة الإسلامية من الصحوة إلى الدولة إلى النهضة إلى الحضارة “، إلى جانب إطلاق المنتدى جائزة سنوية للباحثين المشاركين.
وأضاف الإعلان الترويجي أنه وبعد تولي “مهاتير محمد” رئاسة وزراء ماليزيا، قرر إعطاء المنتدى بعداً حضارياً رسمياً، ومنحى وحدوياً بين دول كبرى في العالم الإسلامي وبين الدول وقادة الفكر والرأي من مختلف القوى الشعبية في مختلف أنحاء العالم.
ومن هذا المنطلق جاء تدشين قمة كوالالمبور المنعقدة من 18 – 21 ديسمبر 2019، بحضور رؤساء 5 دول وهي (تركيا – قطر – إندونيسيا – باكستان) ومن دون الإشارة إلى مشاركة إيران في القمة، قبل أن تقرر كل من “إندونيسيا وباكستان” التراجع عن المشاركة في القمة الإسلامية المصغرة.
ويتبين أن الحضور والمشاركة الإيرانية، فيما وصف بالقمة الاسلامية المصغرة، جاء رداً على الانسحاب الإندونيسي واعتذار الرئيس الباكستاني “عمر خان” عن المشاركة، خلافاً لما كان متفقا عليه. كما يتبين عدم استجابة معظم دول منظمة التعاون الإسلامي البالغ عددها 56 دولة للمشاركة في القمة الإسلامية الماليزية باستثناء الدول الأربع، رغم إرسال الدعوات لها، بحسب تصريح الرئيس الماليزي “مهاتير محمد”.
بالرغم من أن التحالف السياسي والاقتصادي والمعلن بين كل من قطر وتركيا وماليزيا من جهة، وإيران من جهة أخرى، إلا أن المصلحة كانت تقتضي تأجيل المشاركة الإيرانية استقطاباً لمشاركة عدد من الدول الإسلامية والخليجية.
وعودة إلى التعريف بالقمة الإسلامية الثلاثية، فإنه وبحسب رئيس الوزراء الماليزي “مهاتير محمد”، وفقاً لما نشره الموقع الرسمي لـ” قمة كوالالمبور”، ستعرف بدءاً من العام 2020 باسم “مؤسسة بيردانا لحوار الحضارات”، The Perdana Foundation for Civilisational Dialouge واختصارها ” حوار بيردانا” (Perdana Dialouge)، برئاسة رئيس الوزراء الماليزي، و5 نواب للرئيس. وهم كل من: “أحمد سرجي” الأمين العام للحكومة الماليزية، و”الشيخة موزة بنت ناصر المسند”، زوجة أمير قطر السابق “حمد بن خليفة آل ثاني”، ورئيسة مؤسسة قطر للتربية والعلوم Qatar Foundation، و الموريتاني “محمد ولد الددو الشنقيطي” عضو مجلس الأمناء للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في قطر، وصهر رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان “بيرات البيرق”، و”محمد عزمين” وزير الشؤون الاقتصادية بماليزيا، وتولى مرشد الإخوان في الجزائر رئاسة مجلس أمناء قمة كوالالمبور “عبد الرزاق مقري”، والماليزي “شمس الدين”.
ويتكشف من خلال أسماء المنتسبين لرئاسة المؤسسة الماليزية Perdana Foundation ارتباطها بمؤسسة قطر Qatar Foundation، بما في ذلك ما ورد من أسماء المشاركين في جلسات منتدى حوار الحضارات منذ العام 2014، والتي اشتملت على المدير العام لقناة الجزيرة سابقاً “وضاح خنفر”، والباحث الإخواني الموريتاني “محمد المختار الشنقيطي”، المحاضر في جامعة حمد بن خليفة في قطر، وهو أحد أعضاء لجنة التحكيم لجائزة منتدى كوالالمبور للفكر والحضارة، إلى جانب رئيس لجنة التحكيم “سيف الدين عبد الفتاح” عضو جماعة الإخوان، والباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ومقره قطر، والذي يرأسه “عزمي بشارة”.
المنتدى الماليزي المشغول بما وصفه تحقيق “الحكم الرشيد” في العالم الإسلامي، والوصول إلى “الخلافة الراشدة ” عبر “الربيع العربي”، كما جاء في أحد بحوثه والذي حمل عنوان “ثورات الربيع العربي إلى أين؟ وهل تصل إلى الخلافة الراشدة”، يأتي منسجماً مع المنهج الحركي الإسلامي المتطرف، والذي يتبناه الموريتاني “ولد الددو الشنقيطي” نائب رئيس قمة كوالالمبور، ومفتي ومنظر الجماعات “الإرهابية”، وفي مقدمتها تنظيم “القاعدة” في سوريا وليبيا واليمن وغيرها، والذي خصص مشاركته عبر قناة “فور شباب” الإخوانية منذ العام 2013، وتحديداً في برنامج “مفاهيم”، للإفتاء فيما يطرأ على الجماعات المسلحة الراديكالية من وقائع وأحداث.
ومن فتاويه التي جاءت في الحلقة الـ5، مجيبا على أسئلة مقدم البرنامج “عادل باناعمة” في رمضان 1434، اعتبر قطع الرؤوس وحملها “محكوم بالتعليل والمصالح”، كما وجاء من جملة فتاويه إباحة “تترس” المقاتلين بالضعفة والأسرى لحماية أنفسهم على حد وصفه، ودون أن يبدي الشنقيطي أي مبالاة بشأن مقتل الضعفاء والمدنيين، ومكتفياً بالقول: “هؤلاء يبعثون على نياتهم”، كما وأجاز الشنقيطي “الغدر بالعهود” من قبل مقاتلي الفصائل المسلحة إذا استدعى الأمر.
واستكمالا لمفاهيم “ولد الددو الشنقيطي” في مسائل “الجهاد”، أجاز للفصائل المسلحة المتطرفة تنفيذ العمليات الانتحارية، متى ما كانت “لإعلاء كلمة الله ونصرة دينه”.
يشار إلى أن الموريتاني “محمد ولد الددو الشنقيطي” أحد الموقعين على “بيان علماء المسلمين” بشأن الأحداث في سوريا، والداعي إلى: “وجوب النفرة والجهاد لنصرة إخواننا في سوريا بالنفس والمال والسلاح وكل أنواع الجهاد والنصرة”، كان قد صدر من محل إقامة موقعي البيان من “إسطنبول”.
هذا واشتمل مجلس الأمناء للمؤسسة الماليزية، الجزائري “عبد الرزاق مرقي” ، وهو القيادي في جماعة الإخوان المسلمين في الجزائر ومرشحها الرئاسي، ويتولى “مرقي” رئاسة أكبر الأحزاب السياسية التابعة للإخوان وهي “حركة حمس”، ومؤسس مركز دراسات التشريع الإسلامي والأخلاق في قطر ولبنان والأردن وسوريا في العام 2012.
وكان عضو مجلس الأمناء للقمة المنعقدة في كوالالمبو أحد المشاركين فيما عرف بـ”أسطول الحرية”، التابعة لإحدى المؤسسات الإغاثية التركية في 2010، بذريعة فك الحصار عن غزة، وسبق أن وصف القيادي في جماعة الإخوان مشاركته على سفينة “مافي مرمرة” ، عبر حسابه الخاص في موقع التواصل الاجتماعي تويتر بـ”غزوة أسطول الحرية”.
وفي مقال مطول من 4 أجزاء، حمل عنوان “الأزمة الخليجية خلفياتها وأبعادها ومآلاتها” خصصه “مقري” لمهاجمة القرار الخليجي (السعودي – الإماراتي – البحريني)، بمقاطعة دولة قطر، والذي دعا في الجزء “الرابع” من مقاله إلى محاربة الحكام ونزعهم قائلاً: “أما الحكام الذين ثبتت عمالتهم للأجنبي وتآمرهم على بلدانهم أو بلدان الأوطان فإن مسؤولية كشفهم ومحاربتهم ونزعهم هي كذلك مسؤولية شخصية لكل من يعلم عن هذا داخل أي نظام من أنظمة الحكم”.
وتربط “عبد الرزاق مقري” رئيس حركة “حمس” علاقات وثيقة بـ”جبهة الإنقاذ الجزائرية المنحلة” وقياداتها، الجبهة المتورطة فيما عرف بـ”العشرية السوداء” وهي الحرب التي أدت إلى مقتل وفقدان وهجرة الآلاف من الجزائريين .
وسبق أن دافع “مقري” عن استضافته لنائب رئيس الجبهة “علي بن حاج “، في إطار تجمع شعبي نظمته الحركة في 2014، قائلا: “إن الشيخ محفوظ نحناح برّأ علي بن حاج وعباس مدني من دماء الجزائريين، ونحن سائرون على خطى الشيخ محفوظ، فكيف لنا أن نقصي جزائريا من أن يحضر لقاءاتنا”.
وكان من بين الحضور الداعية “السوداني”، عضو جماعة الإخوان المسلمين “عبد الحي يوسف “وذلك بحسب ما أعلنه عبر حسابه الخاص في موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، حيث أكد مشاركته بالقمة الإسلامية الماليزية.
واشتهر “عبد الحي” بتطرفه وتأييده لتنظيم القاعدة وداعش، عبر خطبه المسجلة على موقع “اليوتيوب”، وفي إحداها وصف فيها زعيم تنظيم القاعدة “أسامة ابن لادن” بـ” أخونا ومولانا”، إضافة إلى أدائه صلاة الغائب عليه بعد مقتله، وكذلك إفتائه بوجوب “الجهاد” في أرتيريا في العام 2009 ووصفه بأنه “فرض عين”.
وكان الناطق الرسمي باسم الجيش الليبي العقيد أحمد المسماري اتهم “عبد الحي يوسف” بارتباطه بتنظيم داعش، ومبايعته لتنظيم القاعدة وزعيمها في وقت سابق، مضيفاً في مؤتمر صحافي وخلال تقديمه أدلة على تورط عبد الحي يوسف في تمويل تنظيم داعش في ليبيا، وتعدد زياراته إلى ليبيا وإلقائه المحاضرات للدواعش لتعبئتهم على قتال الجيش الليبي.
كذلك من بين الضيوف الدائمين لمنتدى “كوالالمبور”، الليبي “علي محمد الصلابي”، المصنف على قائمة الإرهاب من قبل الرباعية العربية، والمنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، والمرتبط بعناصر وقيادات الجماعة الليبية المقاتلة وتنظيم القاعدة، وعضو اتحاد علماء المسلمين.
ومن بين المدعوين لحضور قمة ماليزيا وفداً كبيراً من حركة حماس برئاسة “موسى أبو مرزوق”، وأعضاء من المكتب السياسي، وهم: “خليل الحية”، و”عزت الرشق”، و”حسام بدران”، بالإضافة إلى القيادي في حركة حماس “خالد مشعل”، ومسؤولين آخرين في الحركة من بينهم “أسامة حمدان” و”سامي أبو زهري” ، و”جمال عيسى”.
يشار إلى أنه وبعد قرار الرباعية العربية بمقاطعة دول قطر، اتخذت جماعة الإخوان المسلمين قراراً بنقل عدد من عناصر الصف الثاني للجماعة من الدوحة والانتقال إلى العاصمة الماليزية كوالالمبور وتركيا، كخطوة لتخفيف الضغط عن الحكومة القطرية.
وكان “أحمد زاهد حميدي”، نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية الماليزي، قد صرح أن بلاده لا تمانع من استضافة قيادات من حركة حماس على أراضيها، وجاء ذلك على خلفية زيارة قام بها القيادي بالجناح العسكري لحركة حماس “صلاح العاروري” إلى ماليزيا وتركيا.
عقدت “قمة القاعدة” في كوالالمبور، وتحديداً في ضاحية “سوبانج سيلانغور”، ما بين 5 إلى 8 يناير 2000 ، لمجموعة من أعضاء تنظيم القاعدة رفيعي المستوى من تنظيم القاعدة، في شقة بأحد العمائر السكنية، والتي كانت محل إقامة “يزيد شفاعة”، وهو نقيب سابق في الجيش الماليزي ورجل أعمال انضم إلى الجماعة الإسلامية بماليزيا فيما بعد، وكان الغرض من القمة هو التخطيط لتنفيذ عدة هجمات إرهابية، شملت عملية تفجير المدمرة الأميركية “يو إس إس كول” في أكتوبر 2000 وإعداد اللمسات الأخيرة لتنفيذ تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر.
وكانت السلطات الماليزية قد سجلت الاجتماع على شريط فيديو بطلب من وكالة المخابرات المركزية، ولكن دون تسجيل الصوت، ووثقت كاميرات المخابرات الماليزية لحظة خروج قيادات تنظيم القاعدة من الفندق عقب انتهاء الاجتماع
الاجتماع ترأسه الكويتي من أصل باكستاني “خالد شيخ محمد”، مدبر تفجيرات 11 سبتمبر (عضو سابق في جماعة الإخوان المسلمين في الكويت)، وكان من بين الحضور “رمزي بن الشيبة”، و”نواف الحازمي” و”خالد المحضار”، و”توفيق عطاش” و”محمد عطا” و”صلاح سعيد محمد يوسف” الذي صمم الهجمات التي استهدفت المدمرة الحربية بميناء عدن والفرنسي من أصول مغربية “زكريا الموسوي” الذي أشرف على تدريب الطيارين في الولايات المتحدة، وهو من اقترح كوالالمبور كنقطة عبور ومجال تغطية للعملية.
كانت التعليمات بأن يشارك “الموسوي” مع “رضوان عصام الدين”، والمعروف بـ”الحنبلي”، القائد العسكري للجماعة الإسلامية في جنوب شرق آسيا، وإمام سامودرا و”يزيد شفاعة”، التنسيق مع باقي المجموعات الموزعة بين باكستان وأفغانستان للإعداد لهجمات 11 سبتمبر.
“موسوي” الذي كان حلقة الوصل بين “خالد شيخ محمد” ومجموعة جنوب شرق آسيا، طلب من “حنبلي” و”يزيد شفاعة”، شراء وإعداد المتفجرات التي ستستخدم في العملية، فتم شراء أربعة أطنان من نترات الأمونيوم بسعر ثمانية آلاف رينجت ماليزي في يوليو عام 2000.
أعطى يزيد شفاعة الذي كان يمتلك شركة “إنفوكس” المتخصصة في مجال الكمبيوتر خطاب تزكية لـ”زكريا الموسوي” قبل مغادرته كوالالمبور يفيد بأن الأخير كان يعمل موظفا بشركته، بغرض تسهيل التحاقه بأكاديمية للطيران وللتغطية على النشاطات الحقيقية لـ”موسوي”.
استغرقت زيارة “زكريا موسوي”، إلى ماليزيا ثلاثة أسابيع، وأقام 5 أيام في “جاكرتا”، والذي كان بهدف البحث عن أكاديمية مناسبة للطيران، وكان من ضمن مهامه تدريب الطيار المكلف بمهاجمة مبنى مركز التجارة العالمي، وفي كوالالمبور أشرف “موسوي” على تدريب مجموعة القاعدة المقيمة هناك.
حصلت المجموعة التي ضمت “زياد الجراح” و”رمزي بن الشيبة” و”مروان الشحي” و”محمد عطا”، على تدريبات في “كوالالمبور”، قبل أن يخضعوا لتدريبات نهائية في أفغانستان على يد “أبي تراب” صهر “أيمن الظواهري”، حول طريقة قيادة طائرة مختطفة وكيفية استخدام المتفجرات على متن الطائرة والسيطرة على طاقمها وركابها.