احتجاجات شعبية مناهضة لاجتماع المجلس المركزي الفلسطيني في رام الله
الفلسطينيون يعتبرون الاجتماع استمرار لحالة التفرد والتغطية على "المشاريع المشبوهة"
شارك مئات الفلسطينيين اليوم الأحد، في وقفات احتجاجية على دوار المنارة في مدينتي رام الله وغزة، رفضا لانعقاد المجلس المركزي، معتبرين أن عقده في هذه الظروف استكمال لحالة التفرد والهيمنة على منظمة التحرير والقرار الفلسطيني.
ورفع المشاركون شعارات طالبت بإجراء الانتخابات، ووقف حالة التفرد، وعدم التغطية على المشاريع المشبوهة التي يقف على رأسها مبدأ السلام الاقتصادي، الذي تروّج له الإدارة الأمريكية الحالية وحكومة الاحتلال الإسرائيلي.
وحذر المشاركون من نزع القرار الفلسطيني من يد المجلس الوطني لصالح المجلس المركزي، واستخدامه كديكور للتغطية على ما تقوم به السلطة غير الشرعية.
الفصائل تقاطع الاجتماع
وتقاطع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ثاني أكبر فصائل منظمة التحرير الفلسطينية بعد حركة “فتح”، اجتماع المجلس المركزي، وكذلك حركتا “حماس” و”الجهاد الإسلامي” وحركة “المبادرة الوطنية” وشخصيات مستقلة وازنة، أبرزها الدكتورة حنان عشراوي، وفيحاء عبد الهادي، والدكتور أحمد جميل عزم، والدكتور حسن خريشة، والدكتور جورج جقمان، مع توقعات بعدم حضور عدد آخر من المستقلين الاجتماع مساء اليوم.
ورفضت قيادات تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح ، انعقاد جلسة المجلس المركزي في هذا التوقيت الصعب، في ظل الانقسام وحالة التفرد والهيمنة وتجاهل المجلس الوطني الذي يعتبر السلطة الأعلى والمجلس الجامع للفصائل الفلسطينية.
وأكد تيار الإصلاح الديمقراطي خلال بيان صحفي صدر اليوم، أن الفريق الذي يقوده محمود عباس يواصل مشروعه القائم على تعميق التفرد بالقرار الوطني، واختطاف المؤسسات التمثيلية للشعب الفلسطيني، عبر بوابة عقد اجتماع المجلس المركزي بدلاً من المجلس الوطني، وبجدول أعمالٍ ليس من اختصاصات هذا المجلس.
يعزز من يريد التساوق مع الطرح الإسرائيلي
من جانبه، دعا القيادي الفتحاوي ناصر القدوة، رئيس الملتقى الوطني الفلسطيني، خلال ندوة استضافها “مركز كيمبريدج لدراسات فلسطين” مساء أمس، “إلى نزع أي سمة للشرعية عن اجتماع المركزي 6 شباط”.
وقال القدوة: “ما يحصل يعزز من يريد التساوق مع الطرح الإسرائيلي، هذه لحظة تاريخية ولحظة فرز، ويجب أن يحاسب الجميع على مواقفهم، نحن ندعو لتشكيل مجلس وطني جديد على قاعدة الانتخابات والتوافق، وطرحنا تصوراً متكاملاً في هذا المجال، ونتمسك بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني، وندعو أعضاء إلى عدم المشاركة في هذا الاجتماع حفاظاً على المنظمة”.
لا يوجد نصاب سياسي
بدوره، قال عضو المجلس المركزي حسن خريشة، الذي يقاطع الاجتماع،: “لا يوجد نصاب سياسي للمجلس المركزي الذي سيُعقَد مساء اليوم، في ظل مقاطعة الجبهة الشعبية وحركتي حماس والجهاد الإسلامي وحركة المبادرة، والشخصيات المستقلة، والشخصيات الداعمة لنهج المقاومة، والذين سيحضرون الاجتماع هم أصحاب نهج التسوية والفصائل التي تدور في فلك حركة فتح”.
وتابع خريشة: “سيكون هناك نصاب عددي، أي حضور 141، ولا سيما أن القيادة تقوم حالياً بتنسيب بعض الأفراد الذين تريدهم للانضمام إلى اجتماع المجلس المركزي الليلة، رغم أنهم لم يكونوا أعضاء، وذلك للتغطية على انسحاب المستقلين”.
وأكد أنه “لم تُدعَ رئاسة مكتب المجلس التشريعي، ورؤساء الدوائر فيه، رغم أنهم أعضاء في المجلس المركزي، وذلك لتأكيد قرار عباس بإلغاء المجلس التشريعي، وسيُستعاض عنهم بآخرين لتحقيق النصاب العددي”.
ويرى خريشة “أن الهدف من عقد المجلس المركزي حالياً هو ترتيب الأوضاع الداخلية للسلطة الفلسطينية دون أي أفق سياسي، وذلك بعد تأكيدات رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينت، أكثر من مرة، أنه لن يكون هناك أي حل سياسي مع الفلسطينيين، ولن تكون هناك دولة فلسطينية”. وقال خريشة: “كان الأجدر بالرئيس أبو مازن أن يذهب باتجاه انتخابات المجلس الوطني للحفاظ على منظمة التحرير وميثاقها”.
وقال المتحدث باسم حركة “فتح” منير الجاغوب: “تاريخياً، الفصائل الفلسطينية غير متفقة على منظمة التحرير، وتحديداً حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وتاريخياً حركة حماس تقوم بمناكفة منظمة التحرير في كل مناسبة وحدث”.
وأضاف الجاغوب: “من يُرِد أن يُعلي صوته، فليقله على الطاولة، وليقل ما يريد”.
وتابع الجاغوب: “ما تطالب به الفصائل هو أيضاً مطالب حركة فتح، والاختلاف على شكل وطريقة التنفيذ، كيف ننفذ هذه البنود التي اتفقنا عليها”.
العوار القانوني
من جانبه، أكد الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني بسام الصالحي، مشاركة الحزب في الجلسة الافتتاحية للمجلس المركزي التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وقال الصالحي إن الحزب سيطرح رؤيته التي تدعو إلى إصلاح ما وصفه بـ”العوار القانوني” الذي يشوب الاجتماع. وأضاف الصالحي: “سنطرح وجهة نظرنا في الجلسة الافتتاحية للمجلس، ونتصرف على أساسها”، مؤكدا أن الخيارات متاحة بناءً على رد القائمين على الاجتماع.
وفور قرار الحزب بالمشاركة، أعلنت عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني عفاف غطاشة، مساء اليوم الأحد، استقالتها من الهيئات القيادية للحزب، على خلفية قرار المشاركة في افتتاحية المجلس المركزي.
وأوضحت: أجد اليوم نفسي غير قادرة على الدفاع عن أنصاف مواقف اتخذها الحزب في محاولة بائسة للموازنة بين مصالح بعض المتنفذين ومبادئ الحزب الأصيلة.
وقالت غطاشة في بيان صادر عنها، إنها التزمت منذ التحاقها بالحزب بقرارات الأغلبية التي اتخذتها قيادة الحزب، بصرف النظر عن اتفاقها معها أو معارضتها لها حفاظا على وحدة الحزب، “وبمسؤولية وطنية طالما راهنت على التغيير عبر ديمقراطية شفافة انتهجها الحزب أثناء كفاحه الطويل في نضاله الوطني والاجتماعي”.
وأضافت: “دافعت بشجاعة عن قرارات الحزب ونهجه وسياساته في المراحل النضالية المفصلية التي عاشها شعبنا الفلسطيني للتمسك بحقوقه المشروعة في التحرر والعدالة والمساواة وطالما كان انتمائي لحزبي مدعاة فخر واعتزاز لي ولعائلتي وأصدقائي”.
وحول تقديم قيادات وازنة في الحزب استقالتهم ردا على حضور الجلسة الافتتاحية، قال الصالحي “هذا مؤسف”، من دون إبداء المزيد من التوضيحات.
وكشفت مصادر، أنه جرى التصويت على المشاركة بجلسات المجلس المركزي الفلسطيني بشكل سري لأعضاء اللجنة المركزية في حزب الشعب.
وبحسب ذات المصادر، فقد صوت نحو 35 من أعضاء الحزب من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت والهاتف، في كل أماكن وجود الحزب.
استقالة متحدث عسكري من الجبهة الديمقراطية
وعلى خلفية قرار الجبهة الديمقراطية بالمشاركة في جلسات المجلس المركزي، أعلن المتحدث باسم كتائب المقاومة الوطنية، الذراع العسكري للجبهة، أبو خالد، تقديم استقالته من كل الهيئات الحزبية والتنظيمية.
وأضاف أبو خالد، أن استقالته جاءت بعد عدم التفات قيادة الديمقراطية لمطالب القاعدة الحزبية والجماهيرية، التي دعت وطالبت وأجمعت على عدم المشاركة في جلسات المجلس المركزي.
وأوضح، أن “قيادة الديمقراطية قررت المشاركة من أجل امتيازات خاصة وشخصية لأفراد لا يتعدون العشرة أشخاص، وقلبت موازين الطاولة ولم تعمل بالنظام الداخلي المتعارف عليه، ومشاركتها جاءت دون رغبة من الرفاق في القواعد الجماهيرية والحزبية”.
وأشار، إلى أن عددا كبيرا من كوادر الديمقراطية أعلنوا استقالاتهم مؤخرا، للضغط على قيادة الديمقراطية لتغيير البوصلة واللجوء للإجماع الوطني الرافض للمشاركة.
وأكد، أن مشاركة الديمقراطية في اجتماعات الوطني، ستفقدها ثقتها أمام الفصائل الأخرى، وستخسر قاعدة كبيرة من شعبيتها وأعضائها. مردفا: المشاركة ضرب للجهود المبذولة لتحقيق المصالحة واللحمة الفلسطينية، على خلاف ما يروجون له.
انتخاب هيئة جديدة
وبدأ المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية جلسته في السادسة والنصف من مساء اليوم، في مقر الرئاسة الفلسطينية “المقاطعة” بمدينة رام الله، ويتضمن جدول الأعمال الذي وُزِّع: التصديق على مشروع جدول الأعمال، والتحقق من النصاب القانوني، وكلمة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وانتخاب هيئة جديدة لرئاسة المجلس الوطني الفلسطيني.
وتعاني الساحة الفلسطينية من انقسام سياسي وجغرافي منذ عام 2007، حيث تسيطر “حماس” على قطاع غزة، في حين تدير الحكومة الفلسطينية التي شكلتها حركة “فتح” بزعامة الرئيس عباس الضفة الغربية.
ومن المقرر أن ينتخب “المركزي” أعضاءً في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير خلفا لشخصيات توفيت أو استقالت، ورئيسا جديدا للمجلس الوطني، بدلا عن سليم الزعنون الذي قدم استقالته مؤخرا.