استئناف العلاقات السعودية الإيرانية من أجل أمن واستقرار المنطقة
محمد علي الحسيني
عندما صدرت دعوة إيجابية من السعودية لإيران، كانت دعوة تتسم بالصدق والواقعية وبروح الجدية، وإيجابية هذه الدعوة تكمن في أن المملکة العربية السعودية ما زالت کدأبها تٶمن بأن الحوار والتفاهم وتبادل الأفکار والآراء، هو الطريق الأفضل والأکثر صوابا للتصدي للخلافات بين دول المنطقة والعالم، أما جديتها فإنها تنبع من أن الدعوة حرصت على الواقعية والجدية لأنها رکزت على أصل وأساس المسائل التي تثير القلق والتوجس لدى بلدان المنطقة والعالم من إيران وسياساتها.
عندما يدعو ولي العهد السعودي سمو الأمير محمد بن سلمان، إيران للتعاون وعدم التدخل في شؤون دول المنطقة، وعندما يقول وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، بأن يد المملكة ممدودة للجارة إيران للوصول إلى علاقات طبيعية، ويشير إلى أن الحوار والدبلوماسية هما الحل الوحيد لبرنامج إيران النووي، فإن ذلك يعني بأن السعودية لا تميل أبدا لإجراء حوار على أساس نقاط غير واقعية وإبرام اتفاقيات شکلية أو مرحلية مٶقتة لا يمکن لها أن تدوم، وهذا يعني بالضرورة مصداقية السعودية وجديتها الکاملة من أجل التوصل إلى اتفاق عملي يجسد واقع وأساس الخلافات القائمة مع إيران، وليس الاتفاق من أجل أهداف تکتيکية يمکن تشبيهها بالمهدئات والمسکنات المٶقتة للآلام!
إن الدعوة السعودية الصادقة والمخلصة الموجهة لإيران، والتي تتضمن بصورة واضحة تأکيد ولي العهد السعودي من أنه بإمکان إيران أن تكون جارة جيدة للعرب، إذا التزمت بالقوانين والأعراف والمواثيق الدولية لحسن الجوار، وأهمها عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى واحترام سيادتها وخصوصياتها وكذلك الالتزام بسلمية برنامجها النووي بإشراف وكالة الطاقة الذرية والمجتمع الدولي، هي دعوة في منتهى الصدق والواقعية وليست مجرد دعوة عرضية أو مرحلية أو وقتية.
رغبة صادقة
لا شك أن الأمير محمد بن سلمان قد سمى بحكمة وشجاعة الأشياء بأسمائها، ووضع النقاط على الأحرف، وبين بکل صراحة نقاط الخلاف والتناقض مع إيران، وهذا يعني بأن سموه قد ألقى الکرة في الملعب الإيراني، ومطلوب منها رد منطقي وواضح يتسم بالواقعية والصدق وليس مجرد کلام نظري غير عملي لايقدم ولايٶخر.
وإذا تمعنا بدقة في العقود المنصرمة وما حفلت به من أحداث وتطورات انعکست معظمها سلبا على الأوضاع في مختلف بلدان المنطقة بما فيها إيران نفسها، ولم تجن بلدان المنطقة من وراء حالة الاختلاف والتناقض مع إيران غير المصائب ومختلف أنواع البلاء، وحتى أن الشعب الإيراني نفسه قد عانى الأمرين من جراء ذلك، فإن الحقيقة التي يجب على جميع بلدان المنطقة الإقرار بها هي أن حالة الاختلاف والتناقض تلك کانت سلبية وانعکست آثارها الضارة على الجميع.
واليوم، أكدت المملكة بالفعل رغبتها الصادقة بترجمة كل المبادئ وأسس علاقات حسن الجوار التي حددها سمو ولي العهد في ما خص إيران، ووقعت السعودية اتفاقا صادقا وحقيقيا معها يتم بموجبه إعادة العلاقات الدبلوماسية معها وإعادة فتح السفارات، وفي المقابل، لا بد أن تخطو إيران خطوات إيجابية ضرورية وملحة اتجاه المملكة العربية السعودية، وتتعلم من الماضي وتأخذ منه التجارب، وتضع حدا لسياسة غير مناسبة ونهج غير بناء في ما بين الجيران، لأنه يدخل الجميع في نفق نهايته المصائب والويلات.
إننا أمام مرحلة جديدة في العلاقات السعودية الإيرانية وننتظر من إيران أفعالا وتغييرا للسلوك يتحلى بالحكمة والعقلنة يقطع تماما المرحلة الماضية، من أجل المستقبل ولنعيش معا بسلام في قدرنا المكتوب مثالا للجيرة الحسنة، وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون.