استجابة لضغوط أمريكية وإسرائيلية… عباس يلغي المخصصات المالية لعائلات الشهداء والأسرى الفلسطينيين

استقالة رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين احتجاجاً على القرار

أثار مرسوم رئاسي أصدره رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، الاثنين، يلغي قوانين وأنظمة تتعلق بدفع مخصصات لعائلات الشهداء والأسرى الفلسطينيين في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي، خلافات واسعة بين الفلسطينيين، فيما رحبت الولايات المتحدة الأمريكية بهذا المرسوم.

ورفضت المؤسسة الحكومية التي تعنى بشؤون الأسرى “هيئة شؤون الأسرى والمحررين” المرسوم، رغم صدوره عن رأس النظام السياسي إضافة لقطاعات واسعة من الفلسطينيين باعتباره مساساً بحقوق مناضلين فلسطينيين ورضوخاً لمطالب إسرائيلية وأمريكية.

وطالب رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين، الوزير قدورة فارس، الرئيس محمود عباس، في مؤتمر صحافي عقده الثلاثاء، بـ”التراجع عن القرار”، محملاً المسؤولية لمستشاري الرئيس الذين وصفهم بـ”المضللين والضالين”.

وقال: “أناشد سيادة الرئيس محمود عباس أن يستمع إلى صوت الغالبية الساحقة من أبناء الشعب الفلسطيني”.

وأفادت مصادر، بأن قدورة فارس، قرّر تقديم استقالته من منصبه احتجاجاً على المرسوم.

تأثيراته القرار السياسية والاجتماعية والنفسية

وذكر فارس في المؤتمر الصحافي: “إن موضوعاً بهذا الحجم، كان يستدعي انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني”، مشيراً إلى تأثيراته السياسية والاجتماعية والنفسية على من قام بعمل وطني تطبيقاً لتعليمات القوى الوطنية، ومنها حركة “فتح” التي تقود السلطة الفلسطينية.

وقال إن نقل ملف مخصصات الأسرى إلى “مؤسسة أهلية”، لتقوم هذه المؤسسة بالتحقق من حاجة عائلات الأسرى والشهداء والجرحى الشديدة للمال لتقوم في نهاية المطاف بدفع مبلغ متواضع لا يزيد عن 200 دولار، “أمر غير مقبول للشعب الفلسطيني الذي يواجه حكومة إسرائيلية”، وصفها بـ”الفاشية”.

حماس تستنكر

واستنكرت حركة حماس المرسوم الرئاسي بشأن عائلات الشهداء والأسرى الفلسطينيين في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي.

وقالت حماس، في بيان، “نستنكر قرار رئيس السلطة محمود عباس إلغاء دفع المخصصات المالية لعائلات الأسرى والشهداء والجرحى”.

واعتبرت الحركة القرار تخليا عن قضيتهم الوطنية، “في الوقت الذي يعمل شعبنا وقوى المقاومة على حفظ حقوق الشهداء وتحرير الأسرى، وتوفير حياة كريمة للمحررين”.

وأكدت حماس أن هذا “التصرف غير وطني ويمثل انفضاضا عن أحد الثوابت الوطنية”، داعية السلطة الفلسطينية “للتراجع الفوري عنه، وعدم الرضوخ لضغوط الاحتلال الصهيوني والإدارة الأميركية”.

وقالت الحركة “إنّ تحويل هذه الفئة الوطنية المجاهدة والتي قدمت أغلى ما تملك من أجل شعبنا وقضيته العادلة، إلى حالات اجتماعية أمرٌ مشين”.

وأشارت الحركة إلى أن المطلوب هو تقدير تضحيات الأسرى والجرحى وعائلات الشهداء، والثمن الذي دفعوه من أرواحهم والسنوات التي أمضوها في سجون الاحتلال، مشددة على ضرورة الحفاظ على حقوق عائلاتهم بدلا من التخلي عنهم في هذا الظرف المصيري من تاريخ القضية الفلسطينية.

قانون الأسرى

وينص قانون الأسرى والمحررين على دفع راتب شهري للأسير في المعتقلات الإسرائيلية. وجاء في القانون: “على السلطة الوطنية أن تصرف لكل أسير راتباً شهرياً يحدده النظام، ويكون مربوطاً بجدول غلاء المعيشة”.

وتصل بعض مرتبات الأسرى، الذين أمضوا أكثر من 20 عاماً في المعتقلات الإسرائيلية، إلى ما يزيد عن مرتب الوزير في السلطة الفلسطينية البالغ 3 آلاف دولار شهرياً.

ويحصل الأسير الذي يمضي 5 سنوات فما فوق على مرتب شهري طيلة حياته. وترتفع قيمة هذا المرتب حسب عدد سنوات الأسر.

ونقل موقع “أكسيوس” عن مسؤول فلسطيني أن الرئيس عباس أصدر قرارا بإلغاء القوانين التي كانت تحول بموجبها المخصصات المالية لعائلات الأسرى والشهداء، في خطوة أبلغت بها السلطة الفلسطينية الإدارة الأميركية مسبقا.

من جهتها، ذكرت القناة الـ12 الإسرائيلية أن السلطة الفلسطينية أبدت استعدادها لتغيير آلية دفع رواتب الأسرى، بحيث تستند إلى أوضاعهم المادية والاجتماعية.

ترحيب أمريكي

وقالت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”، إن الولايات المتحدة رحبت بالمرسوم الذي أصدره رئيس السلطة محمود عباس، يوم الإثنين، والقاضي بإلغاء نظام دفع المخصصات المالية لعائلات الأسرى والشهداء والجرحى الفلسطينيين.

ونقلت الصحيفة الإسرائيلية عن متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية قوله إن “إدارة دونالد ترامب ترحب بالمرسوم الذي وقعه الرئيس الفلسطيني محمود عباس لإنهاء برنامج دفع الأموال للأسرى وعائلاتهم”.

وأضاف المتحدث: “يبدو أن هذه خطوة إيجابية وفوز كبير لإدارة ترامب، ونحن نرحب بأي خطوات لإنهاء هذه الممارسة البغيضة وسنراقب كيفية تنفيذ القانون على مدى الأسابيع والأشهر المقبلة، وسنتحقق من انتهاء هذه الممارسة. ونحن نتطلع إلى التشاور مع السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية بشأن هذا التطور”.

وكانت وكالة الأنباء الفلسطينية قد قالت إن عباس أصدر مرسوما يقضي “بإلغاء المواد الواردة بالقوانين والنُّظم المتعلقة بنظام دفع المخصصات المالية لعائلات الأسرى، والشهداء، والجرحى، في قانون الأسرى واللوائح الصادرة عن مجلس الوزراء ومنظمة التحرير الفلسطينية”.

كما يقضي المرسوم بـ”نقل برنامج المساعدات النقدية وقاعدة بياناته ومخصصاته المالية والمحلية والدولية من وزارة التنمية الاجتماعية إلى المؤسسة الوطنية الفلسطينية للتمكين الاقتصادي”.

وقد شهدت أعداد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية ارتفاعا قياسيا بعد أحداث 7 أكتوبر الماضي.

وبلغ عدد الأسرى في السجون الإسرائيلية حتى شهر يناير 2025، أكثر من 10 آلاف و400 أسير، بما لا يشمل معتقلي غزة كافة، خاصة المحتجزين في المعسكرات التابعة للجيش الإسرائيلي، بحسب هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني.

وأضاف: “يمكننا وقف القانون فقط عندما نصل إلى اتفاق سياسي لإنهاء الاحتلال، أما وشعبنا يواجه حكومة تسعى لاقتلاعه من أرضه وتهجيره، فلا يمكننا إلا أن نقاومها، ومن يقاومها يجب أن يحظى بحماية الثورة، ومن بعدها السلطة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى