استمرار الاشتباكات بين طالبان الإرهابية وجبهة المقاومة الأفغانية
سيناتور أمريكي يصف حكومة طالبان ب"مجموعة من السفاحين والجزارين"
أفادت وكالة “تاس” الروسية بأن الاشتباكات بين حركة طالبان الإرهابية وجبهة المقاومة الوطنية في أفغانستان قد تجددت، الأحد، في ولاية بغلان، شمالي البلاد.
ونقلت الوكالة عن مصدر من جبهة المقاومة أن الاشتباكات حدثت صباح الأحد، بوادي اندراب في بغلان، مضيفاً أن مقاتلي طالبان اضطروا إلى الانسحاب إثر تسجيلهم “خسائر بليغة”.
وكانت جبهة المقاومة الوطنية في أفغانستان، التي تضم قوات من المعارضة في إقليم بنجشير الموالية للزعيم المحلي في الإقليم أحمد مسعود، تعهدت بمواصلة قتال طالبان حتى بعد سقوط بازاراك عاصمة الإقليم.
مجموعة من السفاحين والجزارين
على صعيد آخر، قالت مجلة “بوليتيكو” الأميركية، إنه على الرغم من تعهدات حركة طالبان بتشكيل حكومة شاملة في أفغانستان، إلا أن ما أعلنت عنه الأسبوع الماضي، كان عبارة عن قائمة من رجال الدين المتشددين والمقاتلين القدامى.
وأشارت المجلة في تقرير إلى أن حكومة طالبان تضمنت اسماً واحداً على الأقل من الأشخاص المطلوبين لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي “إف بي آي”، وهو الأمر الذي أثار قلقاً واسعاً في واشنطن.
واعتبرت أن طالبان تعمل الآن على تعزيز سيطرتها على أفغانستان، ما يثير تساؤلات بشأن ما إذا كان ينبغي للولايات المتحدة والدول الأخرى الاعتراف رسمياً بحكمها.
وهو الاعتراف الذي سيمنح الحركة حق الوصول إلى كل شيء بدءاً من الأصول المجمدة بالمليارات، مروراً بمقعد في الأمم المتحدة، وصولاً إلى الحصانة الدبلوماسية لممثليها عند سفرهم إلى الخارج.
ووصف السيناتور الجمهوري ليندسي جراهام تشكيل الحكومة الأفغانية الجديدة، بأنه يمثل “مجموعة من السفاحين والجزارين”.
فيما أعرب مسؤول رفيع بإدارة بايدن عن أسفه لأن الحكومة الأفغانية الجديدة تضم “أفراداً موجودين على قوائم الإرهاب”، حسبما نقلت عنهما المجلة.
ورأت “بوليتيكو” أنه من غير المرجح أن يكون هناك أي اعتراف أميركي بحكم طالبان على المدى القريب، لأن مثل هذا الاعتراف سيثير غضب الكونجرس كما أنه سيلحق ضرراً سياسياً بالغاً بالبيت الأبيض.
ولفتت إلى أن إدارة بايدن كانت تلوح باحتمال الاعتراف فحسب، على أمل التمكن من تشكيل سلوك النظام الأفغاني الجديد.
تعقيدات دولية
المجلة توقعت أن يؤدي إحجام الولايات المتحدة الذي وصفته بـ”المُبرَر” عن الاعتراف بالحكومة الجديدة، إلى حدوث ارتباك وتعقيدات في السنوات المقبلة، مع بلد يعتمد سكانه بشدة على المساعدات الخارجية.
ولذا فإنه بمرور الوقت، كما هو الحال مع بعض البلدان الأخرى، قد تجد الولايات المتحدة نفسها تعترف ضمنياً بحكومة طالبان حتى لو لم تفعل ذلك صراحةً، وفقاً للمجلة.
ونقلت “بوليتيكو” عن المحامي السابق بوزارة الخارجية الأميركية والمتخصص في موضوع الاعتراف الحكومي، سكوت أندرسون، قوله: “دولة أفغانستان ما زالت موجودة، ولا تستطيع بقية دول العالم تجنب التعامل معها، وفي مرحلة ما سيتعين على الدول الاعتراف بأن كياناً ما لديه القدرة على التحدث باسم كابول في ممارسة حقوقها أو التزاماتها”.
وتابعت المجلة: “بالفعل يكافح البيت الأبيض لمعالجة مشكلة ضرورة التعامل مع حكام كابول الجدد وذلك حتى مع قيام رجال طالبان بضرب المتظاهرين، وإعدام الخصوم المحتملين، فقد تعرض البيت الأبيض، هذا الأسبوع، لانتقادات حادة بعد أن وصف أحد المتحدثين باسمه، الحركة، بأنها (محترفة) أثناء المفاوضات للسماح للأجانب والأفغان الذين يحملون أوراقاً رسمية بمغادرة البلاد”.
وأوضحت المجلة أن المجاملات الدبلوماسية شيء والاعتراف الدبلوماسي أمر آخر، قائلة إنه في الوقت الحالي، يقول مسؤولو إدارة بايدن إنهم يركزون بشدة على الأزمات الحالية، لا سيما عمليات الإجلاء المستمرة، ولذا فإنه لا يوجد مجال للإجابة عن مثل هذا السؤال السياسي.
وتابعت: “الحقيقة هي أن أي شخص في البيت الأبيض قد يستغرق سنوات، إن لم يكن إلى الأبد، لاتخاذ قرار بشأن مسألة الاعتراف هذه”.
الاعتراف بحكومة طالبان
ونقلت المجلة عن مسؤول كبير لم تسمه في إدارة بايدن، قوله إن “الأمر لا يمثل مجالاً للمناقشة في الوقت الحالي، إذ قال الرئيس بايدن إن مثل هذا الاعتراف يعد أمراً بعيد المنال”.
وأشارت المجلة إلى أن عدم وجود حكومة معترف بها في كابول يسبب بالفعل صداعاً خارج البيت الأبيض، وذلك للعديد من الكيانات التي لم تعد تجد حكومة تستطيع التعامل معها هناك.
ويربط بعض كبار مساعدي بايدن احتمالية الاعتراف المستقبلي بحكومة طالبان بسلوكها، ويتضمن ذلك إيفاء الحركة بتعهدات طويلة الأجل باحترام حقوق الإنسان، خاصة بالنسبة للنساء والفتيات.
فضلاً عن منع الجماعات الإرهابية مثل تنظيم “القاعدة” من استخدام أفغانستان كملاذ آمن، وفقاً للمجلة.
ونقلت المجلة عن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قوله خلال مقابلة مع “طلوع نيوز” هذا الأسبوع، إن “مسألة الاعتراف ستعتمد كلياً على ما ستفعله طالبان، وليس فقط على ما تقوله، فمسار علاقتها معنا ومع بقية دول العالم سيعتمد على أفعالها”.
ولفتت إلى أنه على الرغم من أن قرار الاعتراف متروك إلى حد كبير للسلطة التنفيذية في الولايات المتحدة، إلا أنه من المرجح أن تواجه أي إمكانية للاعتراف بحكومة طالبان معارضة شديدة من بعض المشرعين الأميركيين.
منظمة إرهابية
ونقلت “بوليتيكو” عن جراهام قوله: “سأعارض كل الجهود التي تبذلها إدارة بايدن لإضفاء الشرعية على حركة طالبان كحكومة لأفغانستان، وذلك لأنها منظمة إرهابية، وأي بلد يمنحهم الشرعية هو بذلك يساعد في بدء عهد إرهابي لشعب أفغانستان، ونشر تهديد الإرهاب في جميع أنحاء العالم”.
وفيما اعتبرته المجلة “إشارة أخرى على وجود بعض الاعتبارات العملية”، قال مسؤولون عسكريون أميركيون، إنهم قد يتعاونون مع طالبان لمحاربة عدوهما المشترك “تنظيم داعش في خراسان”.
وتابعت أنه “مع تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني في أفغانستان، في أعقاب استيلاء طالبان على السلطة، فإنه سيتعين على الولايات المتحدة والدول الأخرى اتخاذ خيارات صعبة بشأن حجم المساعدات، إن وجدت، التي يجب تقديمها للبلاد من دون أن يبدو الأمر وكأنه يضفي الشرعية على حكومة طالبان”.
من جانبهم، دعا ممثلو طالبان الدول الأخرى إلى الاعتراف بحقهم في الحكم، وفيما يتعلق بالولايات المتحدة، قال أحد المقاتلين: “حريصون على الحفاظ على علاقات دبلوماسية واقتصادية وتجارية جيدة مع أميركا، على أساس الاحترام المتبادل والمساواة”.
واختتمت المجلة تقريرها بالقول إنه من المحتمل أن تتمثل طريقة عمل الولايات المتحدة لفترة طويلة من الوقت في كابول في وجود مكتب دبلوماسي مخصص لأفغانستان، ولكن ليس بكامل قوته، وفي حال احتفظت طالبان بالسيطرة في المستقبل القريب، فمن غير المرجح أن تعين الولايات المتحدة سفيراً لها في البلاد في أي وقت قريب، لأن إرسال سفير يتطلب موافقة من قبل حكومة مُعترف بها.