اشتباكات عنيفة بين قوات سوريا الديمقراطية و القوات التركية
الرئيس الروسي يحذر من اعادة إحياء داعش
تخوض قوات سوريا الديموقراطية الجمعة اشتباكات عنيفة ضد القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها في محاولة لصدّ غدوان بدأته أنقرة قبل يومين وأجبر عشرات آلاف المدنيين على النزوح من شمال شرق سوريا.
وكلّف الرئيس الأميركي دونالد ترامب دبلوماسيّين أميركيّين ليلاً التوسّط في “وقف لإطلاق النار” بين أنقرة والأكراد بعدما باشر سحب قوة أميركية الإثنين من نقاط حدودية في شمال سوريا بمثابة ضوء أخضر لتركيا لبدء هجومها.
وقال وزير الدفاع الاميركي مارك إسبر الجمعة إنه خلال اتصال هاتفي الخميس مع نظيره التركي خلوصي اكار، “شجع تركيا بقوة على وقف” الهجوم، “لتمكين الولايات المتحدة وتركيا وشركائنا في شكل اكبر ايجاد سبيل مشترك لاحتواء الوضع قبل ان يصبح غير قابل للاصلاح”.
وفي لاهاي، اعلنت وزارة الخارجية الهولندية تعليق تصدير شحنات اسلحة جديدة الى أنقرة.
وقالت الوزارة “قررت هولندا تعليق كل طلبات تصدير المعدات العسكرية الى تركيا في انتظار تطور الوضع”.
لكن ميدانياً، تدور اشتباكات عنيفة منذ الصبح مع محاولة قوات سوريا الديموقراطية التصدي لتقدم القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها التي تشن هجمات على جبهات عدّة في الشريط الحدودي الممتد من رأس العين (الحسكة) حتى تل أبيض (الرقة).
وتتزامن الاشتباكات مع قصف مدفعي كثيف وغارات تركية متفرقة، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي أشار إلى قوات سوريا الديموقراطية تستخدم “أنفاقاً وتحصينات بنتها قرب الحدود لشن هجمات مضادة وعرقلة تقدم” خصومها.
وقال مصدر في قوات سوريا الديموقراطية من داخل بلدة رأس العين “تحاول القوات التركية الهجوم من محاور عدّة لكسر خطوط دفاعنا لكن قواتنا تتصدى لها”.
ونقل مراسلون في منطقة رأس العين سماع أصوات رشقات وقصف مدفعي تزامناً مع تحليق الطيران.
وأحصى المرصد مقتل سبعة مدنيين وتسعة عناصر من قوات سوريا الديموقراطية بالنيران التركية الجمعة لترتفع بذلك حصيلة القتلى منذ الأربعاء إلى 17 مدنياً و41 مقاتلاً في قوات سوريا الديموقراطية.
وأعلنت أنقرة الجمعة مقتل أربعة جنود اتراك واصابة عدد آخر في إطار العملية العسكرية، وفق ما نقلت السلطات والاعلام.
وقالت وزارة الدفاع التركية إن العملية العسكرية “تجري كما هو مخطط لها”.
وغداة سيطرة الجيش التركي والفصائل على 11 قرية حدودية، تمكنت قوات سوريا الديموقراطية، وفق المرصد، من استعادة السيطرة على قريتين ليلاً.
والمنطقة الممتدة من رأس العين حتى تل أبيض على طول أكثر من مئة كيلومتر ذات غالبية عربية بخلاف المناطق الحدودية الأخرى ذات الغالبية الكردية.
وبحسب عبد الرحمن، فإن عشرات من السكان العرب في المنطقة بدأوا القتال مع القوات التركية فور شن هجومها.
ونقل مركز اعلامي مرتبط بالإدارة الذاتية الكردية عن مصدر كردي أن بعض القبائل العربية اصطفت إلى جانب القوات التركية وتحرّك خلايا نائمة لمهاجمة قوات سوريا الديموقراطية.
وجراء التصعيد، باتت بلدات حدودية بأكملها شبه خالية من سكانها. وشاهد مراسل لفرانس برس الجمعة عشرات النازحين لدى وصولهم إلى بلدة تل تمر التي تكتظ تدريجياً بالفارين إليها.
وقال رياض أحمد (56 عاماً) “نحن هنا بلا مأكل أو مشرب ولا فرش لدينا ننام عليها، خرجنا تحت وابل من القصف”.
ولجأ الرجل مع عائلته إلى طابق سفلي من مبنى قيد الإنشاء، خلا إلا من سجادات وشراشف قدمها الجيران لهم. وسأل بحسرة “هل سنبقى هكذا في الشوارع مع اقتراب الشتاء؟”.
وأعربت منظمة أطباء بلا حدود عن قلقها على مصير المدنيين، محذرة من أن التصعيد “سيفاقم من الصدمات التي تكبّدها السوريون خلال أعوام من الحرب والعيش في ظروف محفوفة بالمخاطر”.
وأغلق مستشفى في تل أبيض، كانت تدعمه المنظمة، أبوابه بسبب مغادرة معظم أفراد الطاقم الطبي مع عائلاتهم.
وأعلنت الإدارة الذاتية أنها ستخلي الجمعة مخيم المبروكة للنازحين، الواقع على بعد 12 كيلومتراً من الحدود وتبحث عن موقع بديل لمخيم عين عيسى، لحماية 20 ألف نازح في الموقعين من القصف التركي.
وأطلقت تركيا على عدوانها تسمية “نبع السلام”، وتقول إن هدفها إقامة منطقة عازلة بعمق ثلاثين كيلومتراً، لإعادة قسم كبير من 3,6 ملايين سوري لجأوا إلى أراضيها.
وانضمت روسيا الجمعة إلى قائمة الدول الغربية، والأوروبية خصوصاً، التي حذرت من أن يساهم الهجوم التركي في إعادة احياء تنظيم الدولة الإسلامية الذي لا يزال ينشط عبر خلايا نائمة رغم هزيمته الميدانية على يد قوات سوريا الديموقراطية.
وحذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجمعة من أن الآلاف من مقاتلي التنظيم المتطرف المحتجزين لدى الأكراد قد يستعيدون حريتهم مضيفاً “إنه تهديد حقيقي (…) لست واثقاً أن بإمكان الجيش التركي السيطرة على الوضع أو السيطرة عليه بسرعة”.
وأحبط حراس مخيم الهول في شمال شرق سوريا الجمعة أعمال شغب قامت بها نسوة من عائلات مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية، وفق ما أفاد مسؤولون أكراد.
وكررت قوات سوريا الديموقراطية مؤخراً خشيتها من أن ينعكس انصرافها إلى قتال القوات التركية سلباً على جهودها في حفظ أمن مراكز الاعتقال والمخيمات، كما في ملاحقة الخلايا النائمة لتنظيم الدولة الإسلامية.
وفي مدينة القامشلي، قتل ثلاثة مدنيون في تفجير سيارة مفخخة قرب مطعم مكتظ، وفق قوى الأمن الكردية التي وجهت أصابع الاتهام لتنظيم الدولة الإسلامية.
ودعت فرنسا التحالف الدولي بقيادة واشنطن بعقد اجتماع عاجل كون “المعركة ضد داعش يمكن أن تُستأنف”.
وهذا ثالث عدوان تشنّه تركيا مع فصائل سورية موالية لها في شمال سوريا، بعد هجوم أوّل عام 2016 سيطرت فيه على مدن حدودية عدّة، وثان عام 2018 سيطرت خلاله على منطقة عفرين الكردية.