اشتعال أسعار الغاز في أوروبا
تجاوزت عتبة 2900 دولار لكل ألف متر مكعب
تواجه البلدان الأوروبية من خطر انقطاع التيار الكهربائي وتقنين الاستهلاك والركود الشديد في حال واصلت روسيا وقف شحنات الغاز مرة أخرى، فيما توقع خبراء اقتصاديون ارتفاع أسعار الغاز بدرجة أكبر عند بدء التعاملات الأسواق، الاثنين، بعد أن أكدت روسيا أن خط أنابيب “نورد ستريم 1″، وسيلتها الرئيسية لتزويد ألمانيا بالغاز، سيظل مغلقاً لفترة غير محددة ما يمثل “انتكاسة جديدة” للدول الأوروبية.
وفقا لبيانات بورصة “ICE” ومقرها لندن، فقد تجاوزت أسعار الغاز في أوروبا عتبة 2900 دولار لكل ألف متر مكعب، عند افتتاح التداول.
وبحسب مؤشر أكبر مركز أوروبي TTF، فقد افتتح التداول للعقود الآجلة لأكتوبر/تشرين الأول، عند مستوى 2810.5 دولار لكل ألف متر مكعب بزيادة وصلت لنسبة 26.6%. وصلت الأسعار بحد أقصى إلى 2917.4 دولار لكل ألف متر مكعب بزيادة بلغت 31.4%.
تسربات نفطية
ويمتد خط الغاز الذي يبلغ طوله 1200 كيلومتر (745 ميلاً) من تحت بحر البلطيق بالقرب من سانت بطرسبرغ إلى شمال شرق ألمانيا، وكان من المقرر إعادة افتتاحه، السبت، بعد أن انتهاء أعمال صيانة تستغرق عدة أيام، بحسب صحيفة “إندبندنت” البريطانية.
ومع ذلك، قالت شركة الطاقة الروسية العملاقة التي تديرها الحكومة (غازبروم) إنها اكتشفت “تسربات نفطية” في أحد التوربينات أثناء الصيانة، ولم تذكر أي جدول زمني بشأن موعد إعادة فتح خط الأنابيب، على الرغم من أن شركة سيمنز للطاقة التي عادة ما تخدم التوربينات قالت إن مثل هذا التسرب لا ينبغي أن يحول دون التشغيل.
كان خط الأنابيب يوفر عادة نحو ثلث الغاز المُصدّر من روسيا إلى أوروبا، لكنه كان يعمل بالفعل بنسبة 20% فقط من قدرته الاستيعابية قبل توقف التدفقات، الأسبوع الماضي، للصيانة.
وأدّى الارتفاع الحاد في تكاليف الطاقة المرتبط بارتفاع أسعار الغاز بالفعل إلى قيام العديد من الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة بتقليص الإنتاج، ودفع حكومات أوروبية إلى ضخ المليارات في خطط مساعدات، لتخفيف الأعباء المالية للأُسر.
الأسعار سترتفع مجدداً
ورجحت صحيفة إندبندنت أن هذه “الانتكاسة” الأخيرة ستجعل الدول الأوروبية تتدافع للعثور على مصادر أخرى للطاقة، وتزيد من احتمالية تقنين الطاقة خلال هذا الشتاء.
ويتوقع محللون أن الأسعار سترتفع مجدداً بعد أن أكدت شركة الطاقة العملاقة المدعومة من الكرملين أن خط الأنابيب سيظل غير نشط.
ونقلت الصحيفة عن ليون إيزبيكي محلل الغاز في شركة “إنرجي أسبكتس” لاستشارات الطاقة والبحوث البحوث المتعلقة بالاقتصاد الكلي ومقرها لندن، قوله “يوم الجمعة… كانت السوق بالفعل بدأت التسعير على أساس عودة تدفق الغاز في نورد ستريم 1. نتوقع افتتاحاً أقوى بكثير لمؤشر تي تي إف الهولندي (مقياس أسعار الغاز في أوروبا) يوم الاثنين”.
وقال جاكوب ماندل، كبير منسقي السلع في شركة “أورورا إنرجي ريسرتش” لتحليل أسواق الطاقة ومقرها أكسفورد، إنّ تأثير الخفض الأخير سيعتمد على قدرة أوروبا على جذب الغاز من مصادر أخرى.
وأضاف: “من الصعب الحصول على الإمدادات، ويصبح أصعب وأصعب استبدال كل جزء من الغاز الذي لا يأتي من روسيا”.
وتابع: “ثمة مجال كبير لاستبدال هذا الغاز (الروسي) بواردات من الغاز الطبيعي المسال في الوقت الراهن، ولكن عندما يصبح الطقس بارداً ويبدأ الطلب في الارتفاع في الشتاء في أوروبا وآسيا، هناك الكثير من الغاز الطبيعي المسال الذي يمكن لأوروبا استيراده”.
خطط الطوارئ
وقال المستشار الألماني أولاف شولتس، الأحد، إن بلاده تستعد لوقف كامل لشحنات الغاز من روسيا.
وألمانيا، أكبر مستهلك للغاز في أوروبا، في المرحلة الثانية من خطة طوارئ ثلاثية المراحل للتعامل مع انخفاض الإمدادات. والانتقال إلى المرحلة الثالثة سيشهد بعض تقنين الغاز في الصناعة.
بينما أعلنت فنلندا والسويد، الأحد، عن خطط لتقديم ضمانات سيولة بمليارات الدولارات لشركات الكهرباء في بلديهما. وتهدف فنلندا إلى تقديم 10 مليار يورو وتخطط السويد لتقديم 250 مليار يورو.
في أعقاب العملية الروسية الخاصة في أوكرانيا، أطلقت أوروبا بشكل سريع خططاً لخفض اعتمادها على الوقود الروسي، والتحول إلى موردين بديلين للغاز وأنواع الوقود الأخرى، والضغط من أجل نشر أسرع لإمدادات الطاقة النظيفة.
وبدأت ألمانيا في تطوير محطات الغاز الطبيعي المسال، لتمكينها من تلقي الغاز من الموردين العالميين والابتعاد عن واردات الغاز الروسي.
وحققت أوروبا الأسبوع الماضي هدف ملء مخزوناتها من الغاز بنسبة 80% حتى أوائل شهر نوفمبر. وتمتلئ مخزونات الاتحاد الأوروبي حالياً بنسبة 81%، وفقاً لبيانات البنية التحتية للغاز في أوروبا، مع امتلاء المخازن الألمانية بنسبة 85%.
ولا يزال الغاز الروسي يتدفق حالياً إلى أوروبا عبر خطوط الأنابيب عبر أوكرانيا، لكن التكهنات تتصاعد الآن حول ما إذا كان يمكن وقف ذلك أيضاً.
في هذا السياق، قال جيمس هوكستيب، مدير تحليلات الغاز في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا بشركة “ستاندرد آند بورز جلوبال بلاتس”، في منشور تويتر: “نحول تركيزنا إلى (الغاز)… الذي يستمر في التدفق إلى أوروبا عبر أوكرانيا. إنها فقط مسألة وقت…”.