اصطفاف جديد لإخونجية ليبيا يفتح الأسئلة عن حقيقة موقفهم من الأزمة في البلاد
أصدرت مصر والمغرب بيانًا مشتركًا الثلاثاء الماضي، رحبتا فيه بالإجراءات المتخذة من قبل مجلس النواب الليبي باعتباره الجهة التشريعية المنتخبة، في إشارة لمنح حكومة فتحي باشاغا الثقة.
ورغم أن ذلك البيان قوبل بترحيب من معظم القوى السياسية والمؤثرة في ليبيا، وتجاهلته حكومة عبد الحميد الدبيبة المنتهية ولايتها، إلا أن ثمة بيان صدر في ساعة مبكرة من صباح الأربعاء، كان مثار تساؤل حول أهدافه.
ذلك البيان أصدره القيادي الإخونجي محمد صوان، الذي أسس قبل أشهر حزبًا جديدًا في محاولة للالتفاف على الليبيين وللفرار من “مقصلة” متوقعة قد تقصي تنظيم الإخونجية من الحياة السياسية في ليبيا.
تحذيرات وتأويلات
وفيما رحب صوان ببيان مصر والمغرب، أكد دعمه للتوافق الليبي الليبي واحترام سيادة القرار الوطني الليبي، بما في ذلك الإجراءات المتخذة من قبل البرلمان.
ودعا القيادي الإخونجي، باقي الدول المهتمة بالملف الليبي إلى دعم هذا التوافق وما نتج عنه كخطوة أولى أساسية لإنهاء الانقسام الحاصل في ظل حكومة موحدة تجمع غرب وشرق وجنوب ليبيا.
وأشاد بجهود الحكومة الليبية ورئيسها فتحي باشاغا ورئيس مجلس النواب في مساعيهم الناجحة لإعادة فتح الموانئ النفطية مصدر الدخل الوحيد للبلاد.
وتباينت آراء المحللين في تفسير بيان القيادي الإخونجي، وخاصة أن ما يعرف بـ”المجلس الأعلى للدولة” الذي يسيطر عليه تنظيم الإخونجية، لم يرحب بالشكل الكافي بحكومة باشاغا.
وحذر المحللون من محاولة الرجل التنصل بشكل مؤقت من التنظيم ومن التصريحات التي أطلقها في وقت سابق ضد القاهرة والجيش الليبي، عبر إظهار صورة معتدلة ومتوافقة مع رؤى البرلمان.
وإلى ذلك، قال المحلل السياسي الليبي معتز بلعيد، إن التجارب السابقة للقيادي الإخونجي صوان تطرح جميع الاحتمالات حول نوايا الرجل من ذلك الموقف، مشيرًا إلى أنها قد تكون مناورة سياسية تهدف إلى تقسيم الآراء بين مؤيد ومعارض؛ كي يضع بادرة إيجابية قد يحتاج لها في وقت لاحق أو لتحقيق مكاسب سياسية.
انقسام الإخونجية
وفيما عبر المحلل السياسي، عن آماله في أن تكون تلك الخطوة بادرة إيجابية في طريق الوفاق الليبي الحقيقي، إلا أنه قال إنها جاءت بسبب الانقسام الحاصل في تنظيم الإخونجية بليبيا؛ فشطر منه يدعم الدبيبة، فيما الشطر الآخر يرى أنه آن الأوان للوفاق الذي يشمل الجميع.
وحول مدى اقتناع الأطراف السياسية الفاعلة في ليبيا مثل حكومة باشاغا والبرلمان بمثل هذا الموقف، قال المحلل الليبي، إن من يعمل في السياسة ليس ساذجا كي تمر عليه مثل هذه الحيل؛ مضيفا “لا أظنها وغيرها تمر”.
تلك الرؤية وافقها المحلل السياسي الليبي أحمد المهدوي والذي أكد أن محمد صوان يريد تغيير سياسته العدائية تجاه مصر، مشيرًا إلى أن موقفه هذا يعد محاولة للابتعاد عن توجهات وأيديولوجية التنظيم، بعد الخلافات الأخيرة وتغيير رئاسة حزب العدالة والبناء الذي كان يترأسه وتشكيله لحزب جديد.
وأشار إلى أن صوان يريد إرسال رسالة مفادها أن الحزب الديمقراطي الذي يرأسه منفتح على جميع الأطراف، وأن سياسته تقوم على المشاركة والحوار مع الجميع؛ خلافًا لما كان متبعًا إبان رئاسته لحزب العدالة والبناء الإخواني.
تكتيك إخونجي
إلا أن المحلل السياسي الليبي رضوان الفيتوري كان له رؤية أخرى، فأكد، أن تنظيم الإخونجية على مدار تاريخه، يعتمد في سياسته على جميع الاحتمالات، مؤكدًا أن التنظيم من جهة مع المليشيات والقوى المسيطرة على طرابلس، ومن الجهة الأخرى يحاول فتح خط مع حكومة باشاغا.
وأوضح الفيتوري، أن تنظيم الإخوان لديه مبدأي التقية و”الغاية تبرر الوسيلة”، مشيرًا إلى أن قياديه السابقين أو الحاليين لا أمن ولا أمان لهم، ومواقفهم لا يعول عليها.
وأشار إلى أن ليبيا شهدت الفترة الماضية عددًا من الاستقالات بتنظيم الإخونجية تراجع أصحابها عنها فيما بعد، مؤكدًا أن مفهوم الاستقالة ليس متواجدًا في المفهوم الإخونجية.
طريق الحل
وكانت مصر والمغرب، أصدرتا الثلاثاء، بيانًا، جددا فيه دعمهما للمبدأ الثابت بأن الحوار الليبي/الليبي دون أي إملاءات أو تدخلات خارجية هو السبيل الوحيد للحل وصولاً إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا بالتزامن.
وثمنا في هذا السياق، اضطلاع مؤسسات الدولة الليبية بمسؤولياتها، بما في ذلك الإجراءات المتخذة من قبل مجلس النواب الليبي باعتباره الجهة التشريعية المنتخبة.