افتتاح دورة الألعاب الأولمبية في وسط إجراءات أمنية مشددة في باريس
وسط إجراءات أمنية مشددة، يتنافس أكثر من 10,500 رياضي في الألعاب الأولمبية، باريس 2024، بعد مرور مئة عام على آخر مرة نظمت فيها فرنسا الدورة الصيفية.
ومساء الجمعة، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون افتتاح دورة الألعاب الأولمبية في باريس بعد حفل طغت عليه الأمطار الغزيرة بالكامل، حيث هتفت الجماهير للرياضيين على طول نهر السين وصعد الراقصون أسطح المباني وشدت ليدي غاغا بأغنية فرنسية شهيرة.
بعدها، أشعلت الفرنسية ماري-جوزيه بيريك الحائزة على ثلاث ذهبيات أولمبية ومواطنها تيدي رينير المرجل الأولمبي المعلق بمنطاد هواء ساخن قبل أن تؤدي سيلين ديون أغنية “هيم تو لاف” أو “ترنيمة الحب” في أول أداء مباشر تقدمه منذ سنوات، ما أثار حماس الجماهير.
وارتفع المنطاد الذي يبلغ ارتفاعه 30 مترا في الهواء حاملا حلقة من النار قطرها سبعة أمتار على ارتفاع عشرات الأمتار عن سطح الأرض.
وقال المنظمون إنه سيظل في الهواء من بعد غروب الشمس حتى الثانية صباحا بالتوقيت المحلي يوميا.
عملية أمنية واسعة النطاق
وهذه المرة الأولى التي يقام فيها حفل افتتاح الأولمبياد خارج استاد مما يزيد من الصداع لعملية أمنية واسعة النطاق بعد ساعات فقط من هجوم تخريبي على شبكة القطارات فائقة السرعة في البلاد ما تسبب في فوضى بالسفر في جميع أنحاء فرنسا.
وانطلقت المنافسات يوم الأربعاء الماضي وستمنح أول ميدالية ذهبية من أصل 329 اليوم السبت. وسيقام حفل الختام في 11 أغسطس.
وقال توني استانجيه، رئيس باريس 2024 للصحافيين: “نحن فخورون جدا بالعرض، أنا فخور بالاحتفاء بالرياضة والثقافة بهذه الصورة الرائعة الليلة، كان حفلا هو الأول من نوعه وكانت النتيجة رائعة رغم المطر”.
وبدأ أسطول الزوارق في نقل الرياضيين على مسافة ستة كيلومترات من النهر بجوار بعض أكثر معالم العاصمة الفرنسية شهرة، حيث أعاد الفنانون إبراز بعض الألعاب التي تشارك في الأولمبياد على منصات عائمة.
وقال توماس باخ، رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، مع اقتراب الحفل من نهايته عند سفح برج إيفل “أدعو الجميع: احلموا معنا. مثل الرياضيين الأولمبيين، استلهموا من السعادة التي لا يمكن أن تمنحها لنا إلا الرياضة. دعونا نحتفل بهذه الروح الأولمبية للعيش في سلام”.
وارتفعت سحابة دخان ضخمة بالألوان الأزرق والأبيض والأحمر تمثل ألوان العلم الفرنسي أعلى جسر فوق نهر السين وعزف رجل مجنح الأكورديون ضمن عرض تضمن العديد من الصور التي شملت عرض رقصة كانكان الشهيرة بواسطة راقصات مولان روج على ضفاف النهر.
وقدم العرض صورة أكثر حداثة لفرنسا عندما غنت نجمة البوب الفرنسية-المالية آية ناكامورا، المطربة الفرنسية الأكثر استماعا في العالم، بعضا من أشهر أغانيها بصحبة فرقة موسيقية من الجيش الفرنسي.
وحظي غناء ناكامورا بهتافات كثيرة من الجماهير الموجودة على جانبي النهر، وقد أثارت شائعات مشاركتها جدلا حول الهوية الفرنسية، إذ قال مؤيدوها إنها تمثل حيوية فرنسا الحديثة في حين قال منتقدوها إن موسيقاها متأثرة بالجانب الأجنبي أكثر من الفرنسي.
عملية أمنية ضخمة في باريس
وفي حين جذب الحفل نحو 300 ألف متفرج اصطفوا على ضفاف النهر للاحتفال بالثقافة والأزياء والتاريخ الفرنسي بحفاوة بالغة، شوهد مئات الأشخاص يغادرون مبكرا مع هطول الأمطار.
وانتشر نحو 45 ألف شرطي وآلاف الجنود في عملية أمنية ضخمة في باريس لتأمين حفل الافتتاح. وقام رجال الشرطة المسلحون بدوريات مستمرة على طول نهر السين في قوارب مطاطية بينما كانت قوارب الوفود تمر في النهر.
وبحضور العديد من زعماء العالم وكبار الشخصيات، تم تأمين الحفل من قناصة من فوق أسطح المباني مع إغلاق مجال باريس الجوي وتم مسح مجرى نهر السين بحثا عن القنابل.
وسجل حفل افتتاح الأولمبياد حضور عدد كبير من زعماء العالم، في مقدمتهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر وملك إسبانيا بالإضافة إلى سيدة أميركا الأولى جيل بايدن.
وأشاد وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان بحفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية في باريس، واصفا الحدث بأنه كان آمنا.
وأعرب دارمانين في منشور على موقع “إكس” عن فخره بنجاح تنظيم الحدث الذي يتم الاستعداد له منذ أربع سنوات، مشيدا بقوات الأمن وموظفي وزارة الداخلية الذين ساهموا في تأمينه.
مرحبا في تاهيتي
كان نجوم فرنسيون وعالميون بينهم أسطورة كرة القدم زين الدين زيدان ورافائيل نادال الفائز ببطولة فرنسا المفتوحة 14 مرة وسيرينا وليامز الحاصلة على 23 لقبا في البطولات الأربع الكبرى وثلاثة من الرياضيين البارالمبيين آخر من حمل الشعلة الأولمبية قبل إشعال المرجل الأولمبي.
وسيظل المرجل الأولمبي مشتعلا حتى حفل الختام في 11 أغسطس المقبل.
ومع بداية مرور قوارب الوفود المشاركة، حظي القارب اليوناني، الأول في الترتيب حسب التقليد الأولمبي، بتصفيق حار كما تعالت هتافات أكبر للقارب التالي الذي كان يحمل وفد اللاجئين.
وأطلقت نوافير المياه زخات المياه وسط نهر السين أثناء مرور القوارب، بينما كان الرياضيون يلوحون للجماهير بالأعلام وسط توافد أمني كثيف.
وكشف الرياضيان الأكثر تتويجا بالميداليات الأولمبية في التاريخ مايكل فيلبس ومارتن فوركاد عن الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية.
وفي وقت ما، كان هناك انتقال مباشر إلى حفل الترحيب في الصباح الباكر في مكان ركوب الأمواج، على بعد 16000 كيلومتر في جزيرة تاهيتي بالمحيط الهادئ.
هتافات “فلسطين”
وبعد دورة الألعاب الأولمبية الشتوية الأخيرة في بكين عام 2022، اندلعت الحرب في أوكرانيا وغزة لتقام الألعاب الأولمبية في أجواء متوترة.
وفرضت فرنسا أعلى تأهب أمني رغم أن المسؤولين قالوا مرارا إنه لا يوجد تهديد محدد لحفل الافتتاح أو المنافسات.
وفي الوقت ذاته، قال مسؤولون إن وحدات حماية من النخبة ترافق الرياضيين الإسرائيليين من وإلى مقر المنافسات وتُوفر الحماية لهم على مدار 24 ساعة يوميا طوال الألعاب الأولمبية.
وشاهد مراسلو “رويترز” الوفد الإسرائيلي وهو يسير وسط صيحات استهجان لكن أيضا هتافات كثيرة. وارتفعت هتافات “فلسطين! فلسطين! فلسطين!” بين الجماهير أثناء مرور القارب.
وحظيت وفود فرنسا والولايات المتحدة وأوكرانيا بتصفيق حار.
وتمنى ماكرون، الذي فاز بولاية ثانية قبل عامين، أن تعزز الألعاب الأولمبية إرثه، لكن رهانه الفاشل عن إجراء انتخابات تشريعية مبكرة أضعفه وألقى بظلاله على لحظته التاريخية المنتظرة على الساحة الدولية.