الأمم المتحدة تؤكد أن المجاعة في غزة شبه حتمية وتقتل الأطفال
الاتحاد الأوروبي يسدد جزءاً من مدفوعات "الأونروا"
أكد الناطق باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا” ينس لايركه، خلال المؤتمر الصحافي الدوري للأمم المتحدة في جنيف، من إن المجاعة في غزة “أصبحت شبه حتمية، ما لم يتغير شيء”، فيما أعلنت المفوضية الأوروبية، الجمعة، عزمها سداد جزء من مدفوعات بقيمة 82 مليون يورو لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”
وأشار لايركه اليوم الجمعة، إلى أن الوفيات تشكّل علامات تحذيرية “مقلقة جدا لأن الأمن الغذائي قبل هذا الصراع لم يكن سيئا إلى هذا الحد”.
إلى ذلك، أضاف أن الناس كانوا يملكون الطعام، وكانوا قادرين على إنتاج طعامهم، أما الآن فحتى إنتاج المواد الغذائية أصبح شبه مستحيل في غزة”.
ولفت الناطق باسم مكتب الأمم المتحدة، إلى أنه قبل الحرب التي شنتها إسرائيل في غزة منذ أكتوبر، “كان صيد السمك مصدرا مهما للتغذية والدخل والقدرة على توفير الطعام، وكلها أمور توقّفت تماما”. وختم قائلا “دُمّرت أسس معيشة الناس اليومية”.
المجاعة تقتل الأطفال
بدورها، حذرت مقررة الأمم المتحدة الخاصة بوضع حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فرنشيسكا البانيزي، من إن “المجاعة بدأت تقتل الأطفال بعد 4 أشهر ونصف من العدوان على غزة”، وتحدثت عن مقتل العشرات وجرح المئات أمس الخميس لحظة محاولتهم الحصول على شيء من الطعام، داعية إلى “ضرورة وقف هذا الكابوس”.
في تعليق على موت الناس جوعا وخاصة منهم الأطفال في قطاع غزة، كتبت المقررة الخاصة بوضع حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة فرنشيسكا البانيزي على منصة أكس تعليقا، وصفت فيه الحالة الجسدية التي آل إليها جسم الطفلة أنهار صقر الشنباري، والتي ماتت بسبب الجوع “الناجم عن العدوان الإسرائيلي المستمر على القطاع منذ نحو أربعة أشهر ونصف”.
وقالت فرنشيسكا: “كانت وجنتا الطفلة أنهار من شمال قطاع غزة سمينتان وعيناها لامعتان، ولقد حول العدوان الإسرائيلي المستمر منذ اربعة أشهر ونصف جسمها إلى جلد على عظم”.
وتضيف البانيزي قولها: “لقد ماتت جوعا يوم الثلاثاء، وإنني لم أستوعب بعد حالة الرعب التي مر بها والداها، لعدم قدرتهما على إطعامها”.
وتابعت ألبانيزي قولها: “إسأل نفسك كيف سيكون شعورك بشأن بلد يخضعك وأطفالك للتجويع، بحجز الطعام على الحدود، وقصفه للطعام الذي يتم إنزاله جوا لتجاوز الحصار، ثم يقتل الناس الذين يصطفون في طوابير، أمام شاحنات المساعدات القليلة التي يسمح لها بالمرور.
معايير الأمم المتحدة لتحديد حالة المجاعة
ولدى الأمم المتحدة والوكالات الإنسانية معايير معينة لتحديد حالة المجاعة، إلا أنها حتى الآن لم تعلنها بعد في قطاع غزة رغم الوضع الكارثي.
فمن أجل الإعلان عن مجاعة، تعتمد الأمم المتحدة على وكالاتها المتخصّصة كبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) اللذين تعتمدان من جانبهما على هيئة فنية تُسمى “التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي” (IPC).
وتجري تلك الهيئة تحليلاً لشدّة انعدام الأمن الغذائي على سلم مبني على معايير دولية.
إذ تعد المجاعة حالة من الحرمان الشديد من الغذاء، وتتميّز بمستويات من الجوع والموت والعوز وسوء التغذية الحاد.
كما تعتبر المرحلة الأكثر خطورة في إطار مقياس انعدام الأمن الغذائي الحاد وفق “التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي”، الذي يعدّد خمس مراحل، الأولى (حد أدنى)، والمرحلة الثانية (إجهاد)، المرحلة الثالثة (أزمة)، المرحلة الرابعة (طوارئ)، وأخيراً المرحلة الخامسة (كارثة/ومجاعة).
مرحلة الكارثة
أما بلوغ تلك المرحلة الأخيرة، فيتم حين تستوفي منطقة معيّنة مجموعة من المعايير، كأن يواجه 20 في المئة على الأقل من أُسرها نقصاً حاداً في الغذاء، ويعاني 30 في المئة من الأطفال على الأقل من نقص التغذية الحاد، بالإضافة إلى موت شخصين يومياً على الأقل من كلّ 10 آلاف، أو ما لا يقل عن أربعة أطفال دون سنّ الخامسة من كلّ 10 آلاف طفل، بسبب الجوع أو بسبب التفاعل بين سوء التغذية والمرض.
ففي الصومال على سبيل المثال، حين أعلنت المجاعة رسمياً عام 2011، كان نصف العدد الإجمالي لضحايا الكارثة قد ماتوا جوعاً!
ومنذ تفجر الحرب في القطاع الساحلي الذي يسكنه أكثر من 2.4 مليون فلسطيني، فرضت إسرائيل حصاراً خانقاً مانعة دخول آلاف شاحنات الإغاثة التي تكدست على الحدود مع مصر، قبل أن تسمح بدخول بعضها بشكل شحيح جدا لا يسمن ولا يغني من جوع.
كما استهدفت أكثر من مرة شاحنات إغاثية تابعة للأونروا ما دفع الأخيرة إلى وقف إدخال المساعدات، لاسيما نحو الشمال منذ نحو شهر.
فيما أكدت الأمم المتحدة أن ربع سكان غزة باتوا على بعد خطوة واحدة من المجاعة.
الاتحاد الأوروبي يسدد جزءاً من مدفوعات “الأونروا”
وفيما يتعلق بتمويل “الأونروا“، أعلنت المفوضية الأوروبية، الجمعة، عزمها سداد جزء من مدفوعات بقيمة 82 مليون يورو لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، لكنها قررت زيادة إجمالي المساعدات للفلسطينيين بمقدار 68 مليون يورو هذا العام.
وقالت المفوضية، في بيان، إنها “ستشرع الآن في دفع شريحة أولى تبلغ 50 مليون يورو من إجمالي 82 مليون يورو كان مقرراً دفعها في نهاية فبراير”.
وأضافت أنها ستدفع شريحتين أخريين بقيمة 16 مليون يورو لكل منهما وفقاً لاتفاق مع الوكالة لمعالجة المخاوف الناجمة عن المزاعم الإسرائيلية.
وأعلنت المفوضية أنها ستخصص مبلغاً إضافياً قدره 68 مليون يورو “لدعم السكان الفلسطينيين في المنطقة على أن يتم التنفيذ من خلال شركاء دوليين مثل الصليب الأحمر والهلال الأحمر”.
وقالت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين: “نقف إلى جانب الشعب الفلسطيني في غزة وأماكن أخرى في المنطقة. لا يجب أن يدفع الفلسطينيون الأبرياء ثمن جرائم حركة حماس”.
وأضافت: “إنهم يواجهون ظروفاً قاسية تعرض حياتهم للخطر بسبب عدم حصولهم على ما يكفي من الغذاء والاحتياجات الأساسية الأخرى، ولهذا السبب نعزز دعمنا لهم هذا العام بمبلغ إضافي قدره 68 مليون يورو”.
وبالإضافة إلى منحة التشغيل، خصصت المفوضية أيضاً ما يصل إلى 125 مليون يورو هذا العام لمشروعات محددة تتعلق بمساعدات إنسانية للفلسطينيين، وأكدت الجمعة، التعاقد على أول 16 مليون يورو من هذا المبلغ.