الأونروا تحذر: ما يتعرض له الفلسطينيين “جحيم” والقطاع تحوّل إلى “حقل موت”

في ظل التدهور الكبير في الأوضاع الإنسانية عقب استئناف إسرائيل حرب الإبادة الجماعية، حذر المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” فيليب لازاريني، من أن الوضع في قطاع غزة يزداد سوءاً.
ووصف مفوض “الأونروا” ما يتعرض له الفلسطينيين بـ”الجحيم” وأن القطاع تحوّل إلى “حقل موت”.
وأكد لازريني أنه لا مكان آمن إطلاقا في القطاع، وأن “التصعيد” دخل مستوى جديدا مع قتل إسرائيل 15 من الطواقم العاملة في المجال الإنساني.
جاء ذلك في حديث لوسائل الإعلام، حول آخر التطورات الإنسانية بغزة، على هامش مشاركته في “منتدى أنطاليا الدبلوماسي” الذي نعقد جنوبي تركيا، واختتم أعماله الأحد.
وأكد لازاريني على أن سكان غزة يواجهون القصف الإسرائيلي اليومي إلى جانب “المجاعة المتفشية والمتفاقمة، والأمراض، وظروف الحياة القذرة بشكل استثنائي”.
القتل “الممنهج” و“حقل موت”
واعتبر لازاريني أن قتل إسرائيل “الممنهج” لـ15 فردا من المسعفين وطواقم الدفاع المدني نهاية مارس الماضي يمثل “مستوى جديد من التصعيد”، مطالبا بفتح تحقيق دولي مستقل في الواقعة ومحاسبة المسؤولين.
وجدد المسؤول الأممي الإشارة إلى تصريح سابق للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قال فيه إن “غزة تحولت إلى حقل موت”.
وقال تعقيبا على ذلك: “لا يوجد في غزة مكان آمن إطلاقا”.
وفي 8 أبريل/ نيسان الجاري، قال غوتيريش في تصريحات صحفية، إن “غزة تحولت إلى حقل موت” وإن المدنيين عالقون في دوامة موت لا نهاية لها بسبب الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل منذ أكثر من عام ونصف.
وأوضح لازاريني أن فلسطينيي القطاع في “حركة دائمة حيث يعيشون تحت أوامر إخلاء وتنقل متواصلة”.
وذكر أن غزة تواجه القصف اليومي إلى جانب تفشي المجاعة والأمراض وظروف الحياة “القذرة”.
وعن الوضع في قطاع غزة، قال لازاريني: “كنا نعتقد أنه جحيم قبل الهدنة، حيث بلغ القاع فعليا، ومنذ انهيار الهدنة، يبدو أن الوضع قد ازداد سوءا”.
إنهاء الحصار المفروض على غزة
وحذر لازاريني من أن المساعدات الإغاثية في قطاع غزة “شارفت على النفاد بشكل كامل” جراء إغلاق إسرائيل للمعابر منذ أكثر من شهر.
وأضاف: “لم يعد هناك مساعدات لتوزيعها في قطاع غزة، لقد أغلق المعبر منذ شهر، والمساعدات (المتبقية) داخل القطاع شارفت على النفاد بالكامل”.
وشدد المفوض الأممي على أن وكالته تواصل “الدعوة لإنهاء الحصار المفروض على غزة والمطالبة بتدفق المساعدات الإنسانية بشكل حر، ومتواصل، ودون شروط”.
كما أكد على أن وكالته تواصل “المطالبة بالإفراج عن الرهائن”.
تحقيق دولي مستقل في قتل طواقم الإغاثة
وقال المسؤول الأممي إن الاستهداف الإسرائيلي للعاملين في المجال الإنساني يمثل “انتهاكا صريحا للقانون الدولي الإنساني”.
وعد لازاريني قتل إسرائيل لـ15 من الكوادر الصحية والدفاع المدني الفلسطيني “مثالا آخرا يظهر التجاهل المتعمد لسلامة العاملين في المجال الإنساني”.
وتابع: “ما حدث مؤخرا (مقتل 15 من كوادر الصحة والدفاع المدني) يُمثّل مستوى جديدا من التصعيد، لأن هويات هؤلاء الأشخاص كانت معروفة بوضوح”.
واستكمل قائلا عن الواقعة: “لا يمكن لأحد إنكار ما حدث، ويبدو أنهم قُتلوا بشكل ممنهج، واحدا تلو الآخر”.
وشدّد لازاريني على أهمية فتح تحقيق دولي مستقل في هذا الحادث، من أجل كشف الحقيقة ومحاسبة المسؤولين.
وأشار إلى أن “مرتكبي هذه الجرائم لم يُحاسبوا حتى الآن”.
وفي 23 مارس/ آذار الماضي قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي فريقا مؤلفا من 9 عناصر إسعاف بينهم رضوان و5 من الدفاع المدني وموظف تابع لإحدى الوكالات الأممية، عندما استجاب لنداءات استغاثة من مدنيين محاصرين في حي تل السلطان برفح.
وفي 27 و30 مارس، أعلنت السلطات في غزة العثور على جثامين 15 من أعضاء فريق الإسعاف والإطفاء مدفونة في مقبرة جماعية بمنطقة تبعد نحو 200 متر عن موقع توقف مركباتهم التي دمرتها إسرائيل.
وفيما يتعلق بقرار الأمم المتحدة تقليص وجودها في غزة اعتبارا من 24 مارس الماضي، قال لازاريني إن هذا الإجراء جاء لـ”أسباب أمنية”.
وأضاف: “تعرض مقر الأمم المتحدة لحادث مأساوي أدى إلى إصابة العديد من الموظفين الدوليين ومقتل أحدهم، هذه الوقائع بررت القرار”.
وفي 20 مارس الماضي، أعلن رئيس مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع خورخي موريرا دا سيلفا، مقتل موظف أممي وإصابة 5 آخرين بغارة جوية إسرائيلية على غزة، فيما قال المكتب الإعلامي الحكومي بغزة إن الغارة طالت بشكل مباشر دار ضيافة تابعة للأمم المتحدة بغزة.
ولفت لازاريني إلى مقتل أكثر من 400 عامل في المجال الإنساني في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، من بينهم أكثر من 280 من موظفي الأونروا.
“حرب الروايات”
وفي معرض حديثه، تطرق لازاريني إلى ما وصفه بـ”حرب الروايات” الجارية، وقال: “هناك رواية تصدر من إسرائيل، ورواية أخرى تصدر من غزة، وهذه الروايات لا تلتقي أبدًا”.
وأشاد لازاريني بشجاعة الصحفيين الفلسطينيين الذين “يخاطرون بأرواحهم لتغطية ما يحدث يوميًا”، مشيرًا إلى أهمية دعم تغطية الإعلام في غزة بوجود صحفيين دوليين مستقلين على الأرض.
وفي الختام، أكد المفوض العام للأونروا على ضرورة وجود وسائل إعلام دولية فاعلة في غزة من أجل التصدي للتضليل والمعلومات الزائفة والحملات الدعائية.
وبنهاية 1 مارس/ آذار 2025 انتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل أسرى بين حركة حماس إسرائيل، والذي بدأ سريانه في 19 يناير/ كانون الثاني 2025، وتنصل رئيس حكومة اليمين الإسرائيلي الفاشي بنيامين نتنياهو من بدء مرحلته الثانية.
“الجوع الشديد للغاية”
ومع نهاية المرحلة الأولى، وتحديدا في 2 مارس الماضي، فرضت إسرائيل حصاراً على الفلسطينيين وأغلقت معابر القطاع أمام دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية والبضائع، ما تسبب بتدهور غير مسبوق في الأوضاع الإنسانية وفق ما أكدته تقارير حكومية وحقوقية محلية.
والجمعة، حذرت “الأونروا” من اقتراب قطاع غزة من مرحلة “الجوع الشديد للغاية” جراء الحصار الإسرائيلي المتواصل ومشارفة ما يتبقى من الإمدادات الأساسية على النفاد، بحسب بيان لمديرة الإعلام والتواصل في الأونروا جولييت توما.
وترتكب إسرائيل بدعم أمريكي منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، جرائم إبادة جماعية في غزة راح ضحيتها نحو 167 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم من المدنيين والأطفال والنساء.