الأونروا تصف وضع قطاع غزة ب”المروع” وتؤكد عدم وجود مكان آمن فيها
والأمم المتحدة تتهم إسرائيل بارتكاب "جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية"
وصفت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (الأونروا)، اليوم الخميس، الوضع في قطاع غزة بـ”المروع”، مؤكدة أنه لا “مكان آمن في القطاع”، فيما اتهم تحقيق للأمم المتحدة، الأربعاء، إسرائيل بالمسؤولية عن “جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”، تم ارتكابها على نطاق واسع خلال عملياتها العسكرية في القطاع.
وقال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، إن “الرد العسكري الإسرائيلي على 7 أكتوبر(تشرين الأول الماضي)، لم يكن منضبطا ولم يحترم القواعد والقوانين”، مؤكدًا أن “الأونروا ليست مشكلة بل عامل استقرار في المنطقة لكنها غير قادرة على الإطلاع بدورها في الظروف الراهنة”.
وأضاف لازاريني أن “الأمر مؤسف ومحبط للغاية عندما ترى الأطفال داخل القطاع يبحثون في القمامة عن أي شيء يمكنهم أكله أو بيعه”، لافتًا إلى أن “الأمراض تتسل إلى سكان القطاع، مثل شلل الأطفال”.
إسرائيل مسؤولة عن “جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”
وفي السياق، خلص تحقيق للأمم المتحدة، الأربعاء، إلى أن إسرائيل مسؤولة عن “جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”، تم ارتكابها على نطاق واسع خلال عملياتها العسكرية في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، كما حمّل التحقيق حركة “حماس” وست فصائل فلسطينية أخرى، مسؤولية “جرائم حرب”، استناداً إلى هجماتهم ضد الإسرائيليين، واحتجاز رهائن.
وجاء في تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة، أن “السلطات الإسرائيلية مسؤولة عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تم ارتكابها على نطاق واسع خلال عملياتها وهجماتها العسكرية في غزة” منذ السابع من أكتوبر الماضي.
ولا تتعاون إسرائيل مع اللجنة، وتتهمها بـ”الانحياز” ضدها. وتقول اللجنة إن إسرائيل “تعرقل عملها ومنعت محققيها من الوصول إلى مناطق في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة”.
كما خلص التقرير إلى أن الجناح العسكري لحركة “حماس” و6 فصائل فلسطينية أخرى، مسؤولة عن جرائم حرب كـ”توجيه الهجمات المتعمدة ضد مدنيين والقتل العمد والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية أو القاسية وتدمير وحجز ممتلكات العدو والاعتداء على كرامة الشخص وأخذ الرهائن بما فيهم الأطفال”.
وأضاف التقرير الأممي أن “إطلاق آلاف القذائف بشكل عشوائي باتجاه الأحياء والمدن الإسرائيلية التي تؤدي إلى موت وجرح مدنيين يُعتبر كذلك انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان”.
وفي بعض الأحيان شكلت الأدلة التي تجمعها لجان مماثلة من الأمم المتحدة، الأساس للملاحقة القضائية بتهم ارتكاب جرائم حرب ويمكن أن تعتمد عليها المحكمة الجنائية الدولية.
التجويع والتهجير والقتل ضد المدنيين
وعن عمليات الإبادة الجماعية في قطاع غزة، خلصت اللجنة إلى أن السلطات الإسرائيلية مسؤولة عن جرائم حرب، مثل “التجويع كوسيلة حرب أو القتل العمد، وتوجيه الهجمات بشكل متعمد ضد المدنيين والأعيان المدنية والنقل القسري والعنف الجنسي والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية أو القاسية والاحتجاز التعسفي والاعتداء على كرامة الشخص”.
وأضافت “تم استهداف رجال وصبيان فلسطينيين عبر جرائم ضد الإنسانية مثل الإبادة والاضطهاد الجنساني بالإضافة إلى جرائم القتل والنقل القسري والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية أو القاسية”.
وقالت إن إسرائيل اعتمدت استراتيجية تقوم على “إحداث أكبر قدر من الدمار”، وهو ما نجم عنه سقوط أعداد هائلة من الضحايا المدنيين وحدوث دمار واسع النطاق للبنى التحتية المدنية الأساسية في قطاع غزة، وأكدت أن “الاستخدام المتعمد للأسلحة الثقيلة ذات القدرات التدميرية العالية في المناطق السكنية المكتظة يشكّل هجوماً متعمداً ومباشراً على السكان المدنيين”.
ووجد التقرير، أن تصريحات بعض المسؤولين الإسرائيليين “ترقى إلى مستوى التحريض وقد تشكل جرائم دولية خطيرة أخرى”.
وأشارت اللجنة أيضاً إلى المئات من أوامر الإجلاء للسكان في شمال غزة ومواقع أخرى، وقالت إنها “كانت مراراً غير كافية أو واضحة، بل متناقضة ولم توفر الوقت الكافي لعمليات الإجلاء الآمنة. علاوة على ذلك، طرق الإجلاء والمناطق التي اعتُبرت آمنة تم مهاجمتها باستمرار من قبل القوات الإسرائيلية”، وخلصت إلى أن كل هذا “يرقى إلى مستوى النقل القسري”.
حصار وعقاب جماعي ضد السكان المدنيين
كما خلصت إلى أن إسرائيل فرضت “حصاراً كاملاً يرقى إلى مستوى عقاب جماعي ضد السكان المدنيين”، واستخدمت الحصار وحجب ضروريات الحياة كسلاح في سبيل تحقيق المكاسب الاستراتيجية والسياسية. وقالت إن هذا انطبق كذلك على قطع إمدادات المياه والغذاء والكهرباء والوقود وغيرها من المساعدات الإنسانية.
وأضافت “يؤثر الحصار بشكل غير متناسب على النساء الحوامل وذوي الإعاقة مع إلحاق ضرر جسيم بالأطفال ما أدى إلى وفيات لأطفال كان يمكن تفاديها جراء التجويع بما في ذلك المواليد الجدد”.
وتتألف لجنة التحقيق من ثلاثة خبراء مستقلين، من بينهم رئيستها وهي نافانيثيم بيلاي من جنوب إفريقيا والتي ترأست من قبل المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة. وشكل المجلس في جنيف، اللجنة في عام 2021، ولها على غير المعتاد تفويض مفتوح المدة وهي حقيقة انتقدتها إسرائيل وبعض حلفائها.
العنف الجنسي والتعذيب
وفي الضفة الغربية المحتلة، خلصت اللجنة إلى أن القوات الإسرائيلية “ارتكبت العنف الجنسي والتعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية والاعتداء على كرامة الشخص وجميعها تعتبر جرائم حرب”.
وقالت إن الحكومة والقوات الإسرائيلية “سمحت وعززت وحرّضت على حملة هجمات عنيفة من قبل مستوطنين ضد مجتمعات فلسطينية في الضفة الغربية”.
وقالت رئيسة لجنة التحقيق نافانيثيم بيلاي “من الضروري محاسبة كل من ارتكب جرائم. الطريقة الوحيدة لوقف تكرار دورات العنف التي تشمل الاعتداء والانتقام من قبل الطرفين تكمن في ضمان الامتثال الصارم للقانون الدولي”.
وتعتمد نتائج لجنة التحقيق على مقابلات مع ضحايا مصابين وشهود ومئات من التقارير والإفادات وصور الأقمار الصناعية والتقارير الطبية ومعلومات مفتوحة المصدر تم التحقق منها.
وطالبت رئيسة اللجنة، إسرائيل، بإيقاف عملياتها وهجماتها العسكرية على غزة فوراً، وكذلك وقف “الاعتداء على رفح الذي أودى بحياة مئات المدنيين وأدى مجدداً إلى نزوح مئات آلاف الناس إلى مناطق غير آمنة تفتقد الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية”.
كما طالبت حركة “حماس” والفصائل الفلسطينية، بوقف إطلاق الصواريخ فوراً والإفراج عن جميع الرهائن قائلة إن “أخذ الرهائن يُعتبر جريمة حرب”.
ومن المقرر أن تناقش نتائج التحقيق في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف، الأسبوع المقبل.
ولا تزال عمليات الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل ضد الفلسطينيين في قطاع غزة مستمرة، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، حينما أعلنت حركة حماس، التي تسيطر على القطاع، بدء عملية “طوفان الأقصى“؛ وأطلقت آلاف الصواريخ من غزة على إسرائيل، واقتحمت قواتها بلدات إسرائيلية متاخمة للقطاع، ما تسبب بمقتل نحو 1200 إسرائيلي، علاوة على أسر نحو 250 آخرين.
وبدأت يوم الخميس الماضي، جولة مفاوضات جديدة في العاصمة القطرية الدوحة، بوساطة أمريكية قطرية مصرية، لبحث التوصل إلى صفقة تبادل للأسرى في قطاع غزة، في ظل غياب حركة حماس، التي ترفض المشاركة، حيث تؤكد على مطالبها وبأنها قد وافقت على ما تم طرحه سابقا، وبأنها لن تعود للمفاوضات لإعطاء نتنياهو، المزيد من الوقت.