الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل في غزة تدخل شهرها السابع
تقرير يرصد خسائر هائلة في كل المجالات والأطفال يواجهون خطر الموت الوشيك
بانقضاء ستة أشهر على جرائم الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، فاقت الخسائر البشرية والمادية التصورات والتقديرات، لتتحول إلى مأساة إنسانية بلا ملامح نهاية في الأفق.
180 يوما من الحرب الدائرة ضد الفلسطينيين ألحقت أضرارا بالبنى التحتية في غزة تقدّر بنحو 18,5 مليار دولار، وفق تقرير جديد للبنك الدولي نُشر الثلاثاء.
ووفق تقييم البنك الدولي غير النهائي للأضرار فإن الرقم يمثّل 97 في المئة من الناتج الاقتصادي المشترك للضفة الغربية المحتلة وغزة في العام 2022.
التقرير الذي تم إعداده بالتعاون مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، خلص إلى أن أضرارا هيكلية لحقت بـ”كل قطاعات الاقتصاد”، وأكثر من 70 بالمئة من التكاليف المقدّرة مردّها تدمير المنازل.
تسونامي ضرب غزة
وقال مسؤول دولي زار قطاع غزة مؤخرا، “وكأن تسونامي قد ضرب قطاع غزة، المشاهد كانت أصعب حتى من المناطق التي تعرضت لزلازل”.
وأضاف المسؤول الدولي، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه: “لقد لحقت خسائر فادحة بالعديد من المناطق من صنع الطبيعة، أما ما حدث ويحدث في غزة فهو من صنع البشر”.
وطبقا لمعطيات وزارة الصحة الفلسطينية، فإنه منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي وحتى 1 أبريل/نيسان، استشهد 32850 شخصا نحو 72% منهم نساء (حوالي 8850) وأطفال (حوالي 13800)، وأصيب نحو 75500 فلسطيني نسبة كبيرة منهم من الأطفال، في الحرب.
وذكرت الوزارة في تقرير مفصل، أن 8100 في عداد المفقودين تحت الأنقاض، لافتة إلى أن الحصول على أرقام دقيقة عن المفقودين صعبة بسبب الهجمات الإسرائيلية المستمرة وعدم كفاية مهمات الإنقاذ.
وبحسب وزارة الصحة، فإن ربع سكان غزة يواجه مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي بسبب تقييد إسرائيل دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة.
المجاعة الشديدة
وبحسب وزارة الصحة: “يواجه الأطفال خطر الموت الوشيك الناجم عن المجاعة الشديدة وسوء التغذية، والأشخاص ذوو الاحتياجات الخاصة معرضون للخطر بشكل خاص خاصة أولئك الذين يحتاجون إلى مكملات غذائية متخصصة والأطفال والرضع الذين يعانون من الاضطرابات الهضمية أو عدم تحمل اللاكتوز وأولئك الذين يعانون من أمراض مزمنة مختلفة”.
وأشارت إلى أن طفلا واحدا من أصل 6 أطفال دون سن الثانية ممن جرى فحصهم في الملاجئ والمراكز الصحية، يعاني من سوء التغذية الحاد.
تهجير متواصل
ووفقا للمعطيات الفلسطينية والدولية، فإن 85% من سكان قطاع غزة، أي حوالي 1.93 مليون نسمة، تم تهجيرهم قسرا بما في ذلك العديد ممن نزحوا عدة مرات حيث تضطر العائلات إلى التنقل بشكل متكرر بحثا عن الأمان.
وقد تم تسجيل نحو 1.4 مليون نازح داخلي في 155 منشأة تابعة للأونروا في مختلف أنحاء قطاع غزة منهم حوالي مليون مسجل في 94 ملجأ للأونروا في الجنوب.
ويعيش في رفح نحو 1.5 مليون شخص وهو أكثر من 6 أضعاف عدد السكان مقارنة بما كان عليه قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
تدمير أكثر من 70 ألف وحدة سكنية
ووفقا لوزارة الصحة الفلسطينية، فإنه يوجد حاليا 150 ملجأ معروفا فقط، من أصل 325 ملجأ تتمتع بنقاط طبية ذات قدرة محدودة.
وأشار مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة “أوتشا”، إلى أن أكثر من 70 ألف وحدة سكنية تم تدميرها في غزة منذ بداية الحرب.
وخلص تقييم جديد أجرته مجموعة التعليم للأضرار التي لحقت بالمدارس في قطاع غزة إلى أن ما لا يقل عن 67 في المائة من المدارس في غزة في حاجة إلى إعادة بناء بالكامل أو إلى أشغال كبيرة لإعادة تأهيلها لكي تعاود عملها.
ويستند هذا التقييم، إلى تحليل لصور الأقمار الصناعية بسبب القيود المفروضة على الوصول، ولا سيما في شمال غزة، والقصف الإسرائيلي المكثف وتكرار انقطاع الاتصالات.
كما يوفر التقييم الأدلة التي تكمّل التقارير والصور وأفلام الفيديو التي حصلت المجموعة عليها في وقت سابق والتي “تبيّن أن القوات الأمنية الإسرائيلية تستخدم المدارس لأغراض العمليات العسكرية، بما يشمل استخدامها كمراكز للاحتجاز والتحقيق وكقواعد عسكرية”.
وإجمالا، فإن نحو 38 في المائة من المباني المدرسية (212 مدرسة) تعرضت “للقصف المباشر” منذ يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، و30 في المائة “لحقت الأضرار” بها، و18 في المائة “من المرجح أو من المحتمل أن الأضرار أصابتها”، و12 في المائة لم ترد تقارير بأن أضرارًا لحقت بها، وفقًا لما ورد في التقييم.
ويقع نحو 84 في المائة من المدارس التي تعرضت للقصف المباشر (94 من أصل 212 مدرسة) في محافظة غزة، تليها خانيونس وشمال غزة ودير البلح.
ومن بين المدارس التي تعرضت للقصف المباشر والبالغ عددها 122 مدرسة، فإن 58 في المائة (112) منها مدرسة حكومية، و29 في المائة (62) مدرسة تابعة لوكالة الأونروا، و13 في المائة (28) مدرسة خاصة.
كما خلص التقييم إلى أن 59 في المائة من المباني المدرسية التي تستخدم كمراكز لإيواء النازحين تعرضت للقصف المباشر أو أصابتها الأضرار، و53 في المائة من المدارس باتت تصنف الآن باعتبارها مدمرة كليًا و38 في المائة منها فقدت ما لا يقل عن نصف مبانيها.
تدمير البنى التحتية والمنشآت المدنية
وحتى 20 مارس/آذار، كانت ثمانية مراكز صحية فقط (من أصل 24) تابعة للأونروا تعمل.
ومن تلك المراكز، هناك مركز في الشمال واثنان في المنطقة الوسطى واثنان في خانيونس وثلاثة في رفح. وتقدم المراكز الصحية خدمات الرعاية الصحية الأولية، بما في ذلك خدمات العيادات الخارجية، ورعاية الأمراض غير المعدية، والأدوية، والتطعيمات، والرعاية الصحية ما قبل الولادة، والرعاية الصحية بعد الولادة، وتغيير الضمادات للجرحى.
وأفاد تقرير جديد صدر الثلاثاء، عن البنك الدولي والأمم المتحدة وبدعم مالي من الاتحاد الأوروبي، بأن تكلفة الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية الحيوية في غزة تُقدر بنحو 18.5 مليار دولار، أي ما يعادل 97% من إجمالي الناتج المحلي للضفة الغربية وقطاع غزة معاً عام 2022.
وخلص التقرير، إلى أن الأضرار التي لحقت بمرافق ومنشآت البنية التحتية تؤثر على جميع قطاعات الاقتصاد، حيث تشكل المباني السكنية 72% من التكلفة، في حين تشكل البنية التحتية للخدمات العامة مثل المياه والصحة والتعليم 19%.
أما الأضرار التي لحقت بالمباني التجارية والصناعية فتشكل 9% من هذه التكلفة.
ويبدو أن معدل الأضرار بلغ حد الثبات بالنسبة للعديد من القطاعات، حيث لا يزال هناك عدد قليل من الأصول سليمة. فيما خَلَّفَ الدمار كمية هائلة من الحطام والأنقاض تقدر بنحو 26 مليون طن قد تستغرق سنوات لإزالتها والتخلص منها.
ويشير التقرير أيضاً إلى التأثير على شبكات الكهرباء وأنظمة إنتاج الطاقة الشمسية، كما يشير إلى انقطاع التيار الكهربائي بشكل شبه كامل منذ الأسبوع الأول للصراع.
ومع تدمير أو تعطيل 92% من الطرق الرئيسية، وتدهور البنية التحتية للاتصالات، أصبح إيصال المساعدات الإنسانية الأساسية للسكان صعباً للغاية.
هجوم حماس
وبحسب مركز دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، فإنه منذ بداية الحرب قتل 1535 إسرائيليا بينهم 600 جندي، فيما أصيب أكثر من 15 ألف إسرائيلي.
ويشير المركز إلى أن 123 ألف إسرائيلي ما زالوا نازحين بعد إطلاق أكثر من 11500 صاروخ من غزة على إسرائيل.
بدورها، قالت القناة 13 الإسرائيلية إنه منذ بداية الحرب أطلق الجيش الإسرائيلي 100 ألف قذيفة دبابة وحوالي 40 ألف صاروخ من الجو وأكثر من 3000 صاروخ من الدفاعات الجوية على قطاع غزة.
وانطلقت شرارة الحرب الأعنف في تاريخ غزة بهجوم غير مسبوق شنّته حركة حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وأسفر عن مصرع نحو 1160 شخصاً معظمهم من المدنيين، بحسب تعداد لوكالة “فرانس برس” استناداً إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
وتعهّدت إسرائيل ب”القضاء” على حماس وهي تشنّ منذ ذلك الحين قصفا مكثّفا، وبدأت هجوما بريا في 27 أكتوبر/تشرين الأول، ما أدى إلى استشهاد 32916 شخصا غالبيتهم من النساء والأطفال، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.
وحوّلت الضربات الإسرائيلية العنيفة والعمليات البرية لجيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة مساحات شاسعة من القطاع إلى ركام تقدّر زنته بنحو 26 مليون طن.