الإخونجي الجزائري عبد الرزاق مقري يهاجم تونس بسبب الغنوشي
في أعقاب القبض على رئيس حركة النهضة الإخونجية راشد الغنوشي بقضايا متعلقة بالإرهاب والتهديد ب”الحرب الأهلية”، شنّ القيادي الإخونجي الجزائري عبد الرازق مقري هجوماً على الدولة التونسية، ليفضح طبيعة العلاقة التي تربط بين التنظيمين الإخونجيين في الجزائر وتونس.
وحركت الحمية الإخونجية لدى القيادي الإخونجي السابق في حركة “حمس” الجزائرية عبد الرزاق مقري، الأمر الذي يعكس العلاقة الحميمية بين فلول التيار الإخونجي في المنطقة، لاسيما في الجزائر وتونس.
ويبدو أن تخلص القائد السابق لحركة مجتمع السلم الإخونجية عبد الرزاق مقري من واجب التحفظ بعد تنحيه من منصب القيادة بموجب المؤتمر الثامن الأخير لـ”حمس”، قد شجع الرجل على الخوض في المسألة، دون مراعاة للتقاليد والأعراف الدبلوماسية وسيادة الدول، لما وصف الرئيس التونسي قيس سعيد بـ”الخطر الداهم”.
وقال مقري في تدوينة له على حسابه الرسمي في فيسبوك بأن “اعتداء قيس سعيد والقوى الداخلية والخارجية التي يعمل معها والتي تستعمله ضد حركة النهضة والشيخ راشد الغنوشي تجاوز كل الحدود، وهذا السلوك يمثل خطرا داهما ليس على استقرار تونس فقط بل على الجزائر والمنطقة كلها”.
إساءة للعلاقات بين تونس والجزائر
وأضاف “النظام التونسي الحالي يخفي فشله في خدمة الأشقاء التوانسة في معيشتهم وضمان كرامتهم ومنحهم حريتهم بإشعال نيران الفتنة في كل اتجاه. لا يمثل هؤلاء الظالمون أي رهان مستقبلي فهم أعجز على الثبات أمام التحولات المحلية والإقليمية والدولية القادمة، وإنما يساهمون في إغراق الأمة العربية والإسلامية في ضعفها وتخلفها خدمة لأجندات خارجية عربية وأجنبية معادية للإسلام والمسلمين”.
ولم يراع الإخونجي الجزائري طبيعة العلاقات الرسمية بين البلدين، رغم أنها في الغالب تحظى بالاحترام من طرف القوى السياسية والأيديولوجية في البلدين، مهما كانت الخلافات أو المؤاخذات لهذا الطرف على ذاك أو العكس، لقناعة لدى الجميع بضرورة سد مسالك الأزمات والخلافات.
ولم يأخذ موقف القيادي السابق في حركة مجتمع السلم دعم سلطات بلاده للقيادة السياسية القائمة في تونس، وتأكيد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في أكثر من مناسبة على وقوف الجزائر بجانب تونس، واستعدادها لمساعدتها في جميع الظروف. ولما سئل تبون عن انحيازه للرئيس سعيد، رد بالقول: “نعم قيس سعيد، لأنه الرئيس التونسي المنتخب من طرف الشعب، والمؤسسة التونسية الرسمية الشرعية بقوة الشعب”.
وتعد هجومات مقري هجوما شاملا على النظامين السياسيين في كلا البلدين. فإذا اعتبر الرئيس سعيد “خطرا داهما على تونس وعلى المنطقة”، فإن النظام الجزائري يدعم النظام التونسي الأمر الذي يصنفه في نفس المقام أو أكثر بمنظور أكبر الشخصيات الإخوانية في الجزائر.
وذهب مقري إلى حض بلاده على الانتباه إلى ما “يحدث في جوارها وأعماقها الإستراتيجية، فالنأي بالنفس حينما يؤدي إلى تهديد استقرار الجزائر من خلال ضرب استقرار تونس إما أنه سذاجة أو تحولات ما لم نفهمها بعد”.
وأضاف “راشد الغنوشي، كان دائما صديقا للجزائر وهو قد ضحى بعلاقات إقليمية ودولية حساسة من أجل وقوفه مع الجزائر، في هذه الفترة التي كثر فيها المتآمرون عليها، وعبارة (الشقيقة الكبرى) المقصود بها الجزائر، حركة النهضة هي التي أطلقتها حتى صارت مصطلحا سياسيا دارجا في منطقتنا، كما أن حلفاء قيس سعيد ليسوا أصدقاء للجزائر بل مُناهم إضعاف بلدنا وضرب استقراره”.
من ليس معي فهو ضدي
ويبدو أن تلميحات مقري تشير إلى التيار السياسي والشعبي الداعم لما يعرف بمسار الـ25 يوليو في تونس، وهو ما يعتبر خطأ سياسيا من رجل ظل يحسب وينتسب إلى واحدة من القوى السياسية المهمة في البلاد، بعدما خلق تصنيفا قوامه “من ليس معي فهو ضدي”، فبمنظوره كل من لا يدعم النهضة الإخونجية وراشد الغنوشي، فهو موال لنظام سعيّد بحسب تعبير مقري.
ورغم احتفاظ حركة مجتمع السلم الجزائرية بلقب القوة السياسية الثالثة في البلاد، بموجب إفرازات الانتخابات التشريعية الأخيرة، التي منحت “حمس” 65 مقعدا في الغرفة الثانية للبرلمان (المجلس الشعبي الوطني)، إلا أن متابعين للشأن الحزبي في الجزائر يرون تلك النتائج بمثابة الانتكاسة الشعبية للأحزاب الكبرى. فوعاء الـ65 مقعدا في البرلمان التي حازت عليها “حمس”، لا يمثل إلا نحو 200 ألف جزائري، والأمر ينسحب على بقية القوى.
ولا زالت حمس منذ انتخابات العام 2017 تكابر في الاعتراف بتراجع المد الشعبي للإسلام السياسي في الجزائر، رغم أن أقطابا أخرى من نفس التيار قدمت اعترافها بهزيمة الإسلاميين وحاولت تقديم مبرراتها الداخلية والإقليمية، ولذلك تعتبر نفسها في كل مرة قاطرة الإسلام السياسي في الجزائر، وصاحبة الشرعية في التصرف والتعبير لما يتعلق الأمر به.