الإخونجي راشد الغنوشي يمنع النائبة عبير موسي من دخول البرلمان التونسي
كتل برلمانية تطلب تشكيل لجنة تحقق مع جمعيات حولها شبهات إرهابية
في سابقة خطيرة تشهدها تونس، أقدم رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة الإخونجية راشد الغنوشي، على منع عضو البرلمان وزعيمة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، من دخول مكتب البرلمان والحضور لجلسته العامة، ما أثار توتراً واحتقاناً داخل البرلمان، لا زالت تفاعلاته مستمرة حتى الآن.
وقال موظفو البرلمان، الذين أغلقوا الباب في وجه موسي، إن قرار منعها جاء بتعليمات كتابية من راشد الغنوشي، وهو ما نددت به موسي وانتقدت عرقلتها وتعطيلها من أداء عملها، واعتبرته عملية ممنهجة لإقصاء حزبها وإخراس صوت المعارضة، متهمة الغنوشي بتسييس الإدارة لصالحه.
وعقب ذلك، شهد بهو البرلمان فوضى ومشاحنات وتراشقا بالتهم بين موسي ونوابها مع نواب حركة النهضة الإخونجية وكتلة ائتلاف الكرامة، وصلت إلى حد العراك والتشابك بالأيدي.
وفي سياق آخر، تقدمت ثلاث كتل برلمانية تونسية بمشروع إنشاء لجنة تحقيق برلمانية في الجمعيات التي تدور حولها شبهات تتعلق بالتمويل أو الإرهاب، على خلفية الأحداث الأخيرة التي حصلت بسبب فرع الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين في تونس.
وقالت الكتل الثلاثة، وهي كتلة الإصلاح والكتلة الوطنية وكتلة حزب تحيا تونس، إن “الأوان قد حان للوقوف مع الدولة ودعمها وحثها على تطبيق القانون” مشددين على أنه “لا صوت يعلو فوق صوت القانون الذي يجب أن يُطبق على الجميع على حد السواء”.
وقال النائب مبروك كرشيد، إن أعمال لجنة التحقيق البرلمانية ستشمل كل الجمعيات المشبوهة من بينها فرع اتحاد العلماء المسلمين” مشيراً إلى أن هذه الجمعيات أصبحت “تفسد الحياة السياسية”.
وتابع كرشيد خلال ندوة صحافية عقدها رؤساء الكتل، ” ستضمن اللجنة نتائجها في تقرير عند نهاية أعمالها وتتوجه به إلى القضاء”. كما وجه دعوة إلى رئيس الحكومة، هشام المشيشي والرئيس قيس سعيد “للتعامل إيجابيا مع مقترح النواب من أجل مصلحة البلاد”، على حد قوله.
وشهد محيط مقر فرع الاتحاد في تونس خلال الأسبوع الماضي توترا وصدامات بين أنصار الحزب الدستوري الحر الذين يطالبون بغلقه، وأنصار ائتلاف الكرامة المؤيدين له.
ومنذ نوفمبر 2020، يعتصم أعضاء من الحزب أمام مقر الاتحاد للمطالبة بإغلاقه، محذرين في هذا الخصوص من اختراق الدولة التونسية عبر تنظيمات ومراكز ذات خلفية “دينية متطرفة”.
وتقول زعيمة الحزب عبير موسي، إن أنشطة الاتحاد تتعارض مع الدستور والدولة المدنية في تونس، وأن برامج تدريسه غير معترف بها. وقالت في الاعتصام “إنه وكر للإرهاب”.
وتأسس ما يسمى بـ”الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين” بمدينة دبلن في أيرلندا عام 2004، على يد الإخونجي يوسف القرضاوي، وتم نقل مقره الرئيسي عام 2011 إلى العاصمة القطرية الدوحة. ويضم داخله قطاعاً واسعاً من قيادات ونشطاء جماعة الإخوان في العالم.
من جانبه قال رئيس كتلة تحيا تونس مصطفى بن أحمد، “يوجد اليوم جدل حول العديد من الجمعيات، التي تتعلق بها شبهات كثيرة، سواء على مستوى تمويلها أو المضامين التي تنشرها داخل المجتمع، لذلك لابد من ايجاد حلّ لها، وذلك بالتحقيق في هذه الشبهات، من خلال لجنة برلمانية، لن تحل محل القضاء ولكنها ستكون رافد له لأنها ستتوجه في النهاية بنتائج عملها للقضاء كي يحسم في الأمر.”
ويتابع بن أحمد:” أعتقد أن هذا المسلك سيكون منصفاً للجميع، وتحت سقف الدولة، لأننا شهدنا الأسبوع الماضي أحداثا في محيط مقر اتحاد العلماء المسلمين كادت أن تزلق للعنف.”
واعتبر رئيس كتلة تحيا تونس أن ما حصل أول أمس في مطار تونس قرطاج، من نفس الكتلة النيابية التي تسببت في أحداث العنف بالقرب من اتحاد العلماء المسلمين (ائتلاف الكرامة) هو “عملية ترذيل ممنهجة للحياة السياسية وأنه على السلط ألا تكتفي بمراقبة ما يحدث دون تحرك، حيث أن ما حدث كان يمكن أن يؤدي إلى كارثة”.
من جانبه يرى الأكاديمي المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، عبيد الخليفي، أن مسألة إنشاء لجان التحقيق البرلمانية، خاصة فيما يتعلق بالتطرف والإرهاب، أصبحت مضيعة للوقت.
ويقول الخليفي في مقابلة مع سكاي نيوز عربية:” للأسف لدينا اليوم قائمة طويلة بلجان تحقيق برلمانية تشكلت منذ سنوات داخل مؤسسة مجلس النواب دون أن تخرج أي واحدة منها بتقرير واضح ونتائج مقنعة. وخاصة تلك اللجان المكلفة بالتحقيق في التطرف والإرهاب وسياسات حركة النهضة.”
ويتابع الخليفي:” منذ أربع سنوات تشكلت داخل البرلمان التونسي لجنة تحقيق في شبكات تسفير الشباب التونسي لبؤر التوتر بين 2011 و2014، وإلى اليوم لا ندري ما مصير هذه اللجنة ولا نعرف أي شيء عن نتائج عملها، بل إن النهضة عملت بجهد على بث الفرقة داخل اللجنة ونجحت في دفع رئيستها ليلى الشتاوي للاستقالة، عندما كشفت بعض خيوط هذه الشبكات وعلاقتها بالنهضة. وكذلك لجنة التحقيق في أحداث 9 أبريل 2012 التي تشكلت للتحقيق في أحداث عنف نفذتها روابط حماية الثورة وهي ذراع ميلشيوي تابع للنهضة تم حظره لاحقاً بقرار قضائي.”
وكانت وزارة حقوق الإنسان والعلاقة مع الهيئات الدستورية قد أعلنت في يونيو 2020 عن رفع قضايا ضد 435 جمعية تورطت في تمويل الإرهاب، أو تبييض الأموال، وأنه تم حل 42 جمعية، وهي عملية ما زالت متواصلة. كما بدأت في إجراءات حلّ ثمانية أحزاب سياسية لم تقدم تقاريرها المالية، فيما تم توجيه تنبيه إلى 147 حزباً آخرين.
كما قامت اللجنة الوطنية للتحاليل المالية، التابعة للبنك المركزي، بإحالة 710 ملفات شبهات تمويل الإرهاب وغسل الأموال للجهات القضائية المختصة، خلال عامي 2018 و2019 من بين 1245 ملفا تمت معالجتها.
وفي سبتمبر الماضي، أحال وزير الدولة المكلف بالحوكمة ومكافحة الفساد، محمد عبو، في إلى النيابة العامة، ملفا ضد حركة النهضة يتعلق بتبيض الأموال تحت غطاء محطات تلفزيونية.
وكشف الوزير التونسي، أن الدعوى التي رفعها للقضاء تتعلق أيضا بـ”ممتلكات حركة النهضة الإخونجية وسياراتها ومقارها، وكذلك ما تعلق بها في تقرير محكمة المحاسبات من وجود أشخاص متبرعين للحركة بأموال تبين أنهم كانوا متوفين في تاريخ التبرع”.