الإرهاب هل ينتهي أم يتجدد بصورة مختلفة؟
د. علي الخشيبان
بعد عشرين عاما على تأسيس جماعة الإخوان المسلمين في مصر وذلك في بداية القرن العشرين، قامت هذه الجماعة وتحديدا في عام 1948 باغتيال رئيس الوزراء المصري آنذاك (محمود النقراشي)، وكان هذا الاغتيال مؤشرا للعنوان الرئيسي لموجة الإرهاب التي تستمر عقودا بعد هذا التاريخ لتجوب المنطقة العربية بأكملها، هذه العملية ولد على إثرها الكثير من العمليات الإرهابية ذات الأشكال المتعددة والتي راح ضحيتها مئات الأبرياء، ولم تتوقف حتى يومنا هذا، فآخر زعماء القاعدة في جزيرة العرب -قاسم الريمي- قُتل قبل أيام في اليمن.
ليس لديَّ شك سواء من الناحية التاريخية أو الأيديولوجية في أن جماعة الإخوان بشقها الإرهابي أحكمت الحبل السري بينها وبين المنظمات الإرهابية التي ولدت في نهاية القرن الماضي أو بداية القرن الحالي وتحديدا منظمة القاعدة الإرهابية وكذلك داعش، وبالعودة إلى التاريخ نجد أن ابن لادن مؤسس تنظيم القاعدة أسهم في دعم العمليات الإرهابية بجميع صورها منذ تأسيسه منظمة القاعدة في عام 1984 حتى مقتله في عام 2011.
وبعد هذا التاريخ بثلاث سنوات تولد منظمة داعش ليظهر زعيمها البغدادي في أول تسجيل صوتي له في الشهر السادس من عام 2014 ليستمر مؤديا النهج ذاته الذي ورثه من ابن لادن مع اختلافات طفيفة في النهج في دعم العمليات الإرهابية، وحتى آخر ظهور للبغدادي في شهر سبتمبر من عام 2019؛ حيث تم تنفيذ الكثير من العمليات الإرهابية التي اتسمت في مرحلة داعش بكونها عمليات تجري على جغرافيا عربية وليس كما كان الحال مع القاعدة.
السؤال المهم اليوم يقول: هل سيتمكن العالم من إيقاف هذا النزف الإرهابي والتدميري الذي يجري تحت عنوان إسلامي مع كل أسف، المؤشرات تقول إن خيارات الأدلجة في العالم العربي بدأت تتراجع، خاصة بعد النتائج المشينة التي حققتها المنظمات الإرهابية التي كانت تدّعي أنها تقف بجانب الإسلام ومن أجل نصرته.
كل ما يقلقنا نحن سكان المنطقة العربية والخليجية بشكل دقيق هو ولادة غير متوقعة لمسار إرهابي جديد يعتمد في تاريخه على ما أنتجته منظمة القاعدة وكذلك داعش، فكلا المنظمتين كانتا وجهين لعملة واحدة، وهذا ما يزيد إمكانية ظهور التجربة من جديد، ولكن لا أحد يمكنه معرفة الصيغة المحتملة لولادة الإرهاب من جديد.
على الجانب الآخر تبذل الدول جميعا جهودا جبارة لمحاصرة مواقع الظهور المحتملة لتنظيمات إرهابية مثيلة لسابقاتها، وتبدو المؤشرات إلى حد كبير إيجابية ولكن تلك الإيجابية قد لا تكون مؤكدة ما لم تسعَ الدول العربية والخليجية بشكل دقيق إلى تحسين وتطوير وتنمية مجتمعاتها وتعزيز اقتصاداتها بما يضمن اختفاء المبررات التنموية والاقتصادية والثقافية التي دأبت المنظمات الإرهابية على استخدامها لتبرير أعمالها.