الاتحاد الأوروبي بصدد فرض عقوبات على مسؤولين في لبنان
يعكف الاتحاد الأوروبي على وضع نظام عقوبات لفرضها على سياسيين لبنانيين يرى أنهم “يعطّلون تشكيل حكومة”، لتكون هذه أول عقوبات يفرضها التكتل على مسؤولين لبنانيين، بسبب خيبة الأمل من سوء إدارة النخبة الحاكمة للبلاد، بحسب نقلت وكالة “رويترز” عن دبلوماسيين، الأربعاء.
ويسعى الاتحاد الأوروبي بقيادة فرنسا، لتكثيف الضغط على السياسيين اللبنانيين المتناحرين وسط أزمة مستمرة منذ 10 أشهر، أسفرت عن انهيار مالي وارتفاع شديد في معدلات التضخم، وانقطاع متكرر في الكهرباء، ونقص في إمدادات الوقود والمواد الغذائية، بحسب ما أفادت به “رويترز”.
وأشارت الوكالة إلى أن الاتحاد الأوروبي “لم يبحث أسماء بعينها بعد لاستهدافها بالعقوبات المزمعة”، لافتة إلى أن المجر “استنكرت علناً جهود الاتحاد للضغط على السياسيين اللبنانيين”.
وأكد 6 دبلوماسيين ومسؤولين من الاتحاد الأوروبي، لـ”رويترز” أن “التحضير للعقوبات بدأ بالفعل من خلال العمل على ما يطلق عليه “معايير الاختيار”، وذلك بعدما اتفق وزراء خارجية الاتحاد على التحرك”.
وطالب الدبلوماسيون التكتل بـ”أن يقرر ما إذا كان أو كيف، سيستهدف الجناح السياسي لحزب الله المسؤول جزئياً عن الوضع الراهن في لبنان“.
وأوضحت “رويترز” أن العديد من السياسيين اللبنانيين البارزين لديهم منازل وحسابات مصرفية واستثمارات في دول الاتحاد الأوروبي ويرسلون أبناءهم للدراسة في جامعات هناك، لذلك يُعد سحب هذه الامتيازات وسيلة لدفعهم لإمعان التفكير في الأمر.
وفي السياق ذاته، كشفت فرنسا أنها اتخذت إجراءات بالفعل لتقييد دخول بعض المسؤولين اللبنانيين إلى أراضيها، “لتعطيلهم جهود معالجة الأزمة غير المسبوقة التي تمتد جذورها إلى عقود من فساد الدولة وتراكم الديون”.
فرنسا تهدد
وهدّد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، أخيراً، بفرض عقوبات إضافية على المسؤولين اللبنانيين لمنع “انتحار جماعي”، مع فشل المعنيين في تشكيل حكومة تضطلع بإصلاحات جذرية وتُوقف الانهيار الاقتصادي.
وقال لودريان في تصريحات أوردتها وكالة “فرانس برس”، بعد سلسلة لقاءات عقدها في العاصمة بيروت أبرزها مع رئيسي الجمهورية والبرلمان ميشال عون ونبيه بري، ورئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري إنه “من الملحّ بالفعل إيجاد سبيل للخروج من المأزق السياسي الراهن في لبنان”.
واعتبر لودريان أنه “حتى اليوم، لم يرتق اللاعبون السياسيون في لبنان إلى مستوى مسؤولياتهم، ولم يبدؤوا العمل جدياً لتعافي البلاد بسرعة”.
وحذر من أنه “ما لم يتحركوا الآن بمسؤولية فعليهم أن يتحمّلوا عواقب هذا الفشل”، في حين اتهم المسؤولين بـ”قيادة البلاد إلى الموت”، قائلاً، “أنا هنا تحديداً لمنع هذا النوع من الانتحار الجماعي الذي ينظمه البعض”.
ولم تعلن فرنسا بعد، بحسب “رويترز”، الخطوات التي اتخذتها منفردة أو ضد من اتخذتها، إذ إن بعض السياسيين اللبنانيين يحملون جنسيات أخرى. ويقول مسؤولون فرنسيون إن “قائمة أسماء أعدت بالفعل لكن لم يكشف عنها للإبقاء على حالة القلق والترقب بين السياسيين اللبنانيين”.
وفي سياق متصل، قال دبلوماسي بارز في الاتحاد الأوروبي لـ”رويترز”، إن “الصبر على الطبقة الحاكمة ينفد بشكل متزايد. لا يبدو أنهم يعيرون اهتماماً لمصالح شعبهم””، متوقعاً “اتخاذ قرار خلال 3 أو 4 أسابيع”.
نظام عقوبات
ويحتاج الاتحاد الأوروبي أولاً لوضع نظام للعقوبات يمكّنه من فرض حظر سفر أو تجميد أرصدة الأشخاص المستهدفين، لكن هناك انقسامات بين دول الاتحاد، بشأن العقوبات التي تؤيدها القوتان الرئيسيتان في التكتل وهما: فرنسا وألمانيا.
ونقلت “رويترز” عن المسؤولين قولهم، إن “الدول عادة ما تبقي على حذرها في مراحل التحضير والإجراءات الفنية، لكن فور التوصل لاتفاق سياسي بين حكومات دول الاتحاد سيلتف الجميع حول فرنسا”، فيما أكد دبلوماسي فرنسي بارز أنها “مسألة وقت. لدينا ما نريده”.
وقال جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي للصحافيين: “الشعب يعاني لكن الزعماء السياسيين لا يتحملون مسؤوليتهم في حين ينهار البلد حرفياً”. وأضاف: “نعمل على نهج يجمع بين العصا والجزرة”.
وتوضح ورقة خيارات أعدّها الاتحاد كيف يمكن للبنان أن يستفيد مالياً من مجموعة مختلفة من المساعدات، لكن المسؤولين قالوا إنه ليس هناك ما يشير إلى أن مثل هذه “الجزرة قد تحفز الساسة اللبنانيين وإن الأمر الآن أصبح يقتصر على العصا”.
عقوبات واشنطن
وفي ما يعد إشارة محتملة للاتحاد الأوروبي، فرضت الولايات المتحدة الأميركية، الثلاثاء، عقوبات على 7 مواطنين لبنانيين على صلة بـ”حزب الله” وشركته المالية “القرض الحسن”، وصنفتهم “إرهابيين عالميين”، في خطوة تهدف إلى “مواصلة إعاقة تمويل حزب الله وقدرته على العمل في النظام المالي العالمي”.
وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية، في بيان على موقعها الإلكتروني: “أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية، 7 أفراد على صلة بحزب الله وشركته المالية (القرض الحسن)” على لائحة العقوبات.
وأوضح البيان أن “حزب الله” يستخدم “القرض الحسن”، التي تم إدراجها من قبل مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في عام 2007، “كغطاء لإدارة أنشطته المالية والوصول إلى النظام المالي الدولي”.