الاتحاد الأوروبي يدعو لندن الأربعاء إلى “عدم التظاهر بالتفاوض” لتجنّب بريكست بلا اتفاق
دعا مسؤولو الاتحاد الأوروبي لندن الأربعاء إلى “عدم التظاهر بالتفاوض” لتجنّب بريكست بلا اتفاق، وحذّروا المناهضين البريطانيين للمشروع الأوروبي من أنّه سيتوجب عليهم تقديم حسابات إلى مواطنيهم.
تزامناً مع هذه التطورات، صدرت عن السفير البولندي لدى لندن دعوة إلى مواطنيه “للنظر بجدية” في العودة للعيش في بلدهم بعد بريكست.
ونبّه رئيس المفوضية الأوروبية جان-كلود يونكر الى أنّ “خطر +لا اتفاق+ لا يزال واقعياً جداً”، خلال جلسة عامة للبرلمان الأوروبي في مدينة ستراسبورغ الفرنسية، استمرت لأكثر من ثلاث ساعات.
وقال يونكر “قد يكون ذلك خيار المملكة المتحدة، ولكنه لن يكون أبداً خيار الاتحاد الأوروبي”، في كلمة استمرت ست دقائق قاطعه خلالها مراراً النواب الأوروبيون البريطانيون المؤيدون لبريكست والذين وصفهم يونكر متهكماً بأنهم من “معجبيه“.
بدوره، حذّر كبير المفاوضين الأوروبيين ميشال بارنييه أولئك النواب البريطانيين من أنّه سيتوجب عليهم “تقديم حسابات إلى مواطنيهم”.
وقال إنّ “المواطنين البريطانيين، مثل سائر المواطنين الأوروبيين، لديهم الحق في معرفة الحقيقة بشأن عواقب بريكست، كل العواقب التي تتسم بخطورة أكبر (…) وأنتم لا تريدون قولها”.
وقبل ستة أسابيع من التاريخ المحدد لبريكست، 31 تشرين الأول/اكتوبر، قال بارنييه إنّ “الأمر لا يتعلق بالتأكيد بالتظاهر بأننا نتفاوض”، في انتقادات مبطنة لرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون المتهم في بلده بعدم الجدية في المفاوضات.
وفي كلمته، أعلن جان-كلود يونكر الذي يفترض به أن يسلم رئاسة المفوضية في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر لخليفته الألمانية أورسولا فون دير لايين، “لست متأكداً من أننا سننجح، بقي لدينا وقت قصير جداً، لكنني متأكد من أنه يجب علينا أن نحاول”.
بدورها، قللت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، لدى سؤالها من الصحافيين، من تداعيات اللقاء غير المثمر الذي جمع الإثنين يونكر وبارنييه وجونسون. وقالت إنّها لا تزال تعتقد بإمكانية التوصل إلى “خروج منظّم”.
وبعد أكثر من ثلاث سنوات على الاستفتاء الذي اختار فيه 52 بالمئة من البريطانيين الخروج من الاتحاد الأوروبي، لا يزال بريكست يمثّل معضلة.
ويطرح جونسون علناً الخروج من الاتحاد بلا اتفاق على الرغم من تخوف حكومته نفسها من حصول نقص في المواد الغذائية والأدوية وخطر حدوث بلبلة على مستوى الانتظام العام.
وفي السياق نفسه، تبقى القضية الإيرلندية في صلب المفاوضات.
وتطالب لندن بإلغاء “شبكة الأمان” التي أدرجت لمنع إقامة حدود مادية بين إيرلندا الشمالية، وهي مقاطعة بريطانية، وجمهورية إيرلندا.
وفي هذه الحال، يطلب الاتحاد من لندن حلولا بديلة من “شبكة الأمان” التي تبقي المملكة المتحدة في “سوق جمركية موحدة” في غياب حلول أخرى.
وقال بارنييه محذراً إنّ “هذا لا يكفي لكي يوضحوا لنا لماذا يريدون إلغاء شبكة الأمان”، وشرح أنّ وراء هذه الآلية “ضمانات عملية جداً يحتاج إليها كل المواطنين الإيرلنديين”، وهي كذلك من أجل “صحة وأمان المستهلكين في الدول ال27”.
وفي النقاش الذي تلى ذلك، اتهم زعيم مؤيدي بريكست النائب الأوروبي نايجل فاراج ميشال بارنييه بأنه “يسعى منذ البداية إلى حشرهم (البريطانيين) داخل” السوق الواحدة.
وقبله تماماً، تحدثت النائبة الأوروبية الإيرلندية الشمالية من حزب شين فين الجمهوري الذي ينادي بإيرلندا موحدة، مارتينا اندرسون، ورفعت جواز سفرها الإيرلندي وهي ترتدي قميصاً خضراء تحمل اسم جيمس ماكلين، لاعب كرة القدم الإيرلندي الشمالي الذي اختار أن يمثل الجمهورية الإيرلندية في مباريات دولية.
وقالت “نحن الايرلنديين الشماليين في إيرلندا، من حقنا المواطنة الأوروبية”.
تأمل المملكة المتحدة في تحقيق تقدّم كاف في المناقشات لتحويل القمة الأوروبية التي ستعقد في 17 تشرين الأول/أكتوبر إلى مرحلة حاسمة لإنجاز اتفاق جديد.
ولا يمكن لأي اتفاق جديد مع لندن الدخول حيز التنفيذ من دون موافقة البرلمان الأوروبي.
وصّوت النواب الأوروبيون الاربعاء بالغالبية على قرار حول بريكست، هو الأول للبرلمان الجديد الذي انبثق من انتخابات أيار/مايو.
ويتطابق النص الذي اتفقت عليه الكتل السياسية الكبرى باستثناء اليمين المتطرف، مع مواقف البرلمان السابق التي تقضي ببذل كل الجهود الممكنة لتجنب خروج بريطانيا بلا اتفاق والتأكيد من جديد أنّ الاتفاق الذي تم التفاوض حوله “عادل ومتوازن”.
كما يشير النص إلى أنه لن يتم تأييد أي تأجيل جديد “ما لم يكن هناك هدف وأسباب وجيهة لذلك”.
وخلال الجلسة نفسها في ستراسبورغ، حذّر ميشال بارنييه المملكة المتحدة من أنّ التفاوض حول اتفاق تجاري بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي يوجب التزامها إنشاء شروط منافسة عادلة.
وقال إنّ “مستوى الطموحات بشأن اتفاق تجارة حرة مستقبلي (…) يتعلق بوضوح بالضمانات التي سنتفق عليها في المجال الاجتماعي، البيئي، كما في مجال التنافس والمساعدات التي تقدّمها الدولة”.
وأضاف أنّ “هذه العلاقة الاقتصادية يجب أن تكون مصحوبة بالتأكيد بضمانات حول +شروط (منافسة) عادلة+”.
تزامناً مع انعقاد الجلسة، دعا السفير البولندي لدى لندن اركادي رزيجوكي، مواطنيه إلى “النظر بجدية” في العودة للعيش في بلدهم بعد بريكست بسبب التعقيدات الإدارية التي قد تواجههم لتنظيم إقاماتهم الدائمة في بريطانيا.
وحضّ مواطنيه “المقيمين في المملكة المتحدة على التحرّك، والتقدّم بطلب للحصول على وضع الإقامة الدائمة أو التفكير في العودة إلى بولندا”.