الاحتجاجات العمالية تربك حسابات الحكومة القطرية
بعد تصاعد الاحتجاجات العمالية في قطر، قالت وزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية القطرية، في بيان لها، إنها “فتحت تحقيقاً فورياً في واقعة تأخر دفع أجور عدد من العمالة الوافدة الذين تظاهروا الجمعة “.
وحملت الاحتجاجات العمالية الأخيرة في قطر، العديد من الدلائل والمؤشرات التي تكشف عن ارتباك النظام القطري الذي اضطر مجبرا إلى الاعتراف بها.
أبرز هذه الدلائل تتمثل في موقع الاحتجاجات، حيث وقعت المظاهرات في منطقة مشيرب، الملاصقة للديوان الأميري (المقر الرئيسي للحكم في قطر).
وهناك أيضاً دلالة التوقيت، إذ اندلعت في وقت يتزايد فيه الاحتقان والغضب الداخلي، بسبب سياسات نظام الحمدين، التي ساهمت في استنزاف الاقتصاد القطري وإهدار ثروات الشعب، ورهن إرادة الدوحة للنظام التركي، التي استنزفت 15 مليار دولار من خزائنها مؤخرا لإنقاذ عملتها المنهارة.
وفيما يتعلق يأسباب الاحتجاجات، فقد كانت بمثابة ضربة أربكت الحكومة القطرية، واضطرت للاعتراف بها وأقرت ضمنيا بفشل إجراءاتها المزعومة لحماية حقوق العمال، وهو ما تؤكده تقارير المنظمات الحقوقية الدولية حول انتهاكات حقوق العمال في قطر.
وأخيرا، فضحت تلك الاحتجاجات وسائل الإعلام التابعة لتنظيم الحمدين، وعلى رأسها قناة “الجزيرة”، وزيف شعاراتها، حيث لم تجرؤ على تغطية تظاهرات تقع على بعد دقائق من مقرها في الدوحة.
وكان مئات من العمال الأجانب في الدوحة، قد تظاهروا الجمعة، احتجاجا على عدم دفع أجورهم.
وأظهرت صورا تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي عشرات الأشخاص، يغلقون طريقا رئيسية في حي مشيرب بالدوحة على مرأى من عناصر الشرطة.
ويشكل الأجانب 90% من عدد سكان قطر البالغ 2.75 مليون نسمة، وغالبيتهم من دول نامية يعملون في مشاريع مرتبطة باستضافة الإمارة الصغيرة لكأس العالم في كرة القدم العام 2022.
وبقراءة في تلك الاحتجاجات، يتضح أنها تعكس الوضع الأمني الهش في قطر، حيث تنظيم احتجاجات في ذلك الموقع الحيوي بالقرب من المقر الرئيسي للحكم.
أيضا فإن وقوع احتجاجات في هذا الموقع، ينذر بتنظيم احتجاجات أخرى مماثلة، خصوصا مع تفاقم الانتهاكات العمالية داخل قطر.
أما من حيث التوقيت، فتأتي الاحتجاجات في الوقت الذي يئن فيه الاقتصاد القطري بسبب وباء كورونا المستجد وتراجع أسعار النفط، وسياسات نظام الدوحة التي ساهمت في استنزاف الاقتصاد القطري، مما أسهم في زيادة الاحتقان والغضب الداخلي.
كما تبرز تلك الاجتجاجات فشل ذريع لنظام الدوحة في إدارة اقتصادها، وارتهانه لرئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، حيث دفعت 15 مليار دولار دعما لحليفها التركي لإنقاذ الليرة المنهارة، في وقت لم تقم فيه بدفع أجور العمال الأجانب.
تلك الاحتجاجات لم تكن الأولى التي تشهدها قطر، إلا أنها كانت الأكثر خطورة، الأمر الذي أجبر وزارة العمل القطرية على الاعتراف بها وسرعة التعاطي معها، محاولة للبحث عن حل، إدراكا منها لخطورة تلك التظاهرات في هذا التوقيت وهذا الموقع.
كما أن إقرار وزارة العمل القطرية بعدم دفع أجور العمال المتأخرة، يعد اعترافا بفشل إجراءاتها المزعومة، باستحداث نظام يضمن حصول العمال على أجورهم شهريا، يعمل تحت رقابتها.
وما زالت قطر تضرب أسوأ الأمثلة في معاملة العمال الوافدين على أراضيها، وتركت الباحثين عن الرزق فريسة لفيروس كورونا.
ورصدت العديد من المنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام العالمية قيام النظام القطري بالتضحية بالعمال الأجانب وتعريض حياتهم لخطر الإصابة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، نتيجة ضعف إجراءات حمايتهم وتدني ظروفهم المعيشية.
وأكدت تقارير لـ”فورين بوليسي” و”نيويورك تايمز” الأمريكية و”الجارديان” البريطانية وإذاعة “إر.إف.إي” الفرنسية، إضافة إلى تحقيقات منظمات “هيومن رايتس ووتش” ومنظمة العفو الدولية وميجرانتس رايتس، أن العمال يذهبون كل يوم إلى “إعدامهم”.
وانتقدت منظمة العفو الدولية في وقت سابق تعريض الحكومة القطرية آلاف العمال والمهاجرين في المنطقة الصناعية بالعاصمة الدوحة لخطر الإصابة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد – 19).
وكشفت المنظمة الدولية في سلسلة تغريدات عبر “تويتر” عن: “أن أجزاء من المنطقة الصناعية في قطر، –وهي بمثابة مخيمات سكنية لعدد كبير من العمال المهاجرين- قد تم إغلاقها بشكل مُحكم بعد إصابة مئات من عمال البناء بكورونا”.
وأكدت المنظمة أنه يتوجب على الحكومة القطرية أن تضمن بقاء حقوق الإنسان في جوهر محاولات الوقاية والاحتواء من فيروس كورونا، وضمان حصول الجميع على الرعاية الصحية والوقائية والعلاج لجميع المتضررين، وبدون تمييز.
أيضا فضحت تلك الاحتجاجات مجددا، قناة “الجزيرة” وأخواتها من وسائل إعلام “الحمدين” التي لم تجرؤ على بث أي لقطات للاحتجاجات التي تبعد عن موقعها في الدوحة عدة دقائق فقط.
وآثرت قناة “الجزيرة” أن تغمض عينيها عن الاحتجاجات وتغط في نوم عميق، فهي مشغولة بتدبير المؤامرات وتنظيم حملات لإثارة الفتن ودعم الاحتجاجات في أي مكان إلا على أراضيها.
وتظاهر أمس اسبت، مئات العمال الأجانب في الدوحة، احتجاجا على عدم دفع أجورهم، بحسب السلطات الحكومية.
وتواجه الحكومة صعوبات اقتصادية بسبب وباء كورونا المستجد وتراجع أسعار النفط، وسياسات نظام الدوحة التي ساهمت في استنزاف الاقتصاد القطري.
الأوبزرفر العربي