الاستخبارات الليبية ترصد سوقاً لبيع المهاجرين جنوب غرب البلاد
كشف مصدر عسكري بالقيادة العامة للجيش الليبي، لموقع “الأوبزرفر العربي” أن وحدة الاستخبارات العسكرية رصدت سوقاً لبيع وشراء المهاجرين غير الشرعيين في منطقة صحراوية تتبع مدينة “إدري” الواقعة جنوب غرب ليبيا، إحدى المراكز الرئيسية لعبور المهاجرين.
وفي التفاصيل أوضح أن العملية تبدأ من وراء حدود ليبيا، حيث تقوم عصابات تهريب تتبع قبيلة “التبو” بنقل المهاجرين من دولة النيجر على متن سيارات مخصصة لذلك وإدخالهم إلى ليبيا بمبلغ قدره 500 دولار على كل مهاجر، وعند وصولهم إلى مدينة سبها وبالتحديد مقر الشركة الهندية يتم تسليمهم إلى مجموعة أخرى من قبيلة “المقارحة” لتقوم بتوزيعهم على معسكرات ومستودعات، قبل أن يتم تجميعهم في ساحة تبعد حوالي 6 كلم من وسط مدينة “إدري” وبيعهم إلى وسطاء ليبيين يتكفلون بعد شرائهم بعملية فرز للمهاجرين، أقوياء البنية يتم تحويلهم لاستغلالهم كمرتزقة للقتال في صفوف قوات الوفاق، أمّا من لا يصلح لذلك فيتم نقله لتهريبه نحو أوروبا.
يتمّ بعدها نقل الشخص الواحد بمبلغ 2000 دولار من” إدري” نحو منطقة “عوينة ونين”، ثم إلى مدينة “بني وليد”، وهناك يقع توزيعهم إلى مجموعتين، مجموعة يقع تحويلها إلى مدينة مصراتة وأخرى إلى مدينة زوارة، حيث يتم تسليمهم إلى مهربين آخرين، ويتعلق الأمر بالذين يمتلكون مراكب وقوارب الهجرة إلى أوروبا.
صورة تتكرر من جديد في ليبيا، أين يستمر الاتجار بالمهاجرين القادمين من دول جنوب الصحراء والراغبين في الهجرة إلى أوروبا بحثا عن حياة أفضل، حيث يباع هؤلاء من يد مهرب إلى آخر وفي أسواق للرقيق، مقابل مئات أو آلاف الدولارات.
وبينما تنشغل حكومة السراج في النزاع المسلح حول العاصمة طرابلس، يستمر المهاجرون في عبور حدود ليبيا الجنوبية المفتوحة والبعيدة عن الرقابة على أمل الوصول إلى أوروبا والحصول على مستقبل أفضل، لكن خلال هذه الرحلة يعاني هؤلاء الأمرّين سواء في مراكز الاحتجاز أو خارجها في قبضة العصابات وتجار البشر وعرضة للعنف والاستعباد وحتّى التصفية.
وفي غرب ليبيا، تحوّل احتجاز المهاجرين داخل المعسكرات المراكز إلى أحد أهم المجالات المربحة، ونموذج عمل مغر للميليشيات المسلّحة وشبكات تهريب البشر، لكسب المزيد من الأموال.
هناك، في تلك الأماكن الأشبه بالسجون، لا يمكن التفريق بين بعض المسؤولين الرسميين وبين القائمين على سوق تهريب وتجارة البشر، وكما لا يمكن فهم المهام الموكلة إليهم داخل تلك المراكز، هل هي رعاية المهاجرين وحمايتهم حتى ترحيلهم إلى بلدانهم، أم مفاقمة بؤسهم؟!
وقد أكد تقرير سابق نشرته وكالة أسوشييتد برس أن بعض مراكز الاحتجاز هذه يتولاها مسؤولون على اتصال بحكومة السراج، وأن الأموال الأوروبية الموجهة إلى ليبيا، فاقمت المزيد من البؤس للمهاجرين، بعدما تم تحويل مبالغ ضخمة من هذه المساعدات المالية إلى شبكات متشابكة من رجال الميليشيات والمتاجرين وخفر السواحل الذين يستغلون المهاجرين.
وعلى رأس هؤلاء المستفيدين من هذه الأموال، ورد اسم نائب رئيس جهاز الهجرة غير الشرعية، محمد الخوجة، حيث كشف التحقيق أن هذا الرجل استولى على عقود الغذاء التابعة للأمم المتحدة التي تبلغ ملايين اليوروات وكانت موجهة لإطعام المهاجرين، عبر شركة يسيطر عليها وتدعى “أرض الوطن”، وقال نقلاً عن مسؤولين ليبيين، إنّ 3 مؤسسات حكومية ليبية، بما في ذلك مكتب المدعي العام، كانت تحقق في علاقة الخوجة باختفاء مبلغ 570 مليون دولار من الإنفاق الحكومي المخصص لإطعام المهاجرين في مراكز الاحتجاز في غرب ليبيا.
وبتتبع سيرة الخوجة، يتضح أن نائب رئيس جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، الذي مثل ليبيا في اجتماع دولي حول الهجرة في روما، هو زعيم إحدى الميليشيات المسلحة في طرابلس المشاركة في القتال الدائر الآن ضد الجيش الليبي، وهي ميليشيا “فرقة 11 سريّة الإسناد المالي” وتتمركز في طريق السكة، حيث يوجد مركز احتجاز للمهاجرين سيئ السمعة، يتعرّض فيه المحتجزون إلى انتهاكات بشعة، وتمّ اكتشاف حالات كثيرة من التعذيب والفساد واستعمال نظام الفدية داخله، وفقاً لما ذكر في تقارير أممية وأخرى لمنظمات حقوق الإنسان، ويشرف عليه الخوجة.
وظهر الخوجة بعد 2011، عندما شكلّ كتيبة “شهداء بن عاشور”، قبل أن يصبح أحد أهمّ القادة الميدانيين في ميليشيا “قسورة” التابعة لفجر ليبيا، ثمّ انضم إلى جهاز الهجرة غير الشرعية، ويعدّ من أصحاب الملايين في العاصمة طرابلس، لديه عقود ملابس عسكرية مع رئاسة أركان طرابلس والتي يستوردها من تركيا.
طرابلس- الأوبزرفر العربي