التهديدات الروسية تدفع ألمانيا لإنهاء أزمة كالينينغراد
شولتز يطالب ليتوانيا والاتحاد الأوروبي برفع القيود المفروضة على نقل البضائع الروسية
طالب المستشار الألماني أولاف شولتز، ليتوانيا والاتحاد الأوروبي برفع القيود المفروضة على نقل البضائع الروسية في كالينينغراد، مشيرًا في ختام قمة الناتو بمدريد، إلى أن العقوبات الأوروبية تجاه روسيا يجب ألا تطبق تجاه الإقليم التابع للأراضي الروسية.
وعقب تصريحات شولتز بساعات، أجرى مسؤولو الاتحاد الأوروبي مباحثات مع ليتوانيا لإعفاء البضائع الروسية المارة عبر كالينينغراد من العقوبات.
يبدو أن تهديدات موسكو باتخاذ إجراءات انتقامية ردًّا على حظر ليتوانيا مرور البضائع الروسية عبر جيب كالينينغراد، قد دفعت ألمانيا لإعادة النظر في حزمة العقوبات المفروضة ضد روسيا.
برلين لمست جدية التهديدات
ويرجَّح أستاذ الفلسفة السياسية رامي خليفة العلي، أن برلين لمست جدية التهديدات الروسية، وتخشى التصعيد والحرب المباشرة بين موسكو وحلف الناتو، وهو ما يفاقم أزمة الطاقة والتضخم في أوروبا.
ويفسّر العلي موقف ألمانيا بأن قرار ليتوانيا استفزاز كبير لموسكو، بالإشارة إلى أن الجيب تابع للأراضي الروسية بموجب اتفاقيات سابقة؛ وهو ما يعني أن العقوبات تعصف بالاتفاقيات، بينما تحرص برلين على تجنب الدخول في مواجهة مباشرة مع موسكو.
ويوضح العلي أن الأمر يتعلق أيضًا بمسألة اقتصادية، فرغم كل التوتر القائم بين روسيا والغرب فإن ألمانيا تبحث عن التهدئة لتأثير ذلك على واردات الطاقة الروسية لأوروبا.
وإقليم كالينينغراد هو مقر للأسطول الروسي في بحر البلطيق، وممر لمنتجات البناء والأخشاب والصناعات الزجاجية والحديد والصلب الروسية.
اتفاقية التعاون بين روسيا وليتوانيا
ومنذ عام 1994، وقّعت اتفاقية تعاون بين روسيا وليتوانيا، للحفاظ على العبور بينهما عبر هذا الجيب الذي تصل مساحته إلى نحو 223 كم.
ولأن تقييد العبور عبر الإقليم بمثابة عزل لروسيا، اعتبرت موسكو القرار “انتهاك للقوانين”، وطالبت الاتحاد الأوروبي بالتدخل لإلغائه، متوعدة بأن روسيا ستتعامل مع ليتوانيا باعتبارها بلدًا لا ينتسب للاتحاد إن استمر الحظر.
ورجح مختصون أن هذا التهديد يعني أن موسكو قد تنسحب من الاتفاقيات المبرمة عام 2002 مع الاتحاد بشأن ليتوانيا، والتي سمحت لها بالانضمام للاتحاد وحلف الناتو، أو تنشئ ممر “سوالكي” بين ليتوانيا وبولندا بديلًا لنقل البضائع، والذي بموجبه تستطيع روسيا عزل دول البلطيق عن أوروبا، ما ينذر بصدام مع الناتو.
وعقب الحظر الليتواني، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن أن بلاده ستسلم بيلاروسيا، المجاورة لليتوانيا، صواريخ طراز “إسكندر إم” القادرة على حمل رؤوس نووية.
وألقى العلي على عاتق الولايات المتحدة إمكانية الدفع لتعديل العقوبات وتراجع ليتوانيا عن الحظر: “فإذا وجدت ليتوانيا طلبًا من واشنطن في هذا الاتجاه، فسوف تستجيب للطلب الألماني، خاصة أن الولايات المتحدة هي التي تقود الاستراتيجية العسكرية والاقتصادية، وتمسك بخيوط اللعبة”.
ويطرح العلي التساؤل: إلى أين يتجه مؤشر واشنطن؟ ويجيب: “هل أظن أن مواقفها الأخيرة في قمة الناتو واجتماع مجموعة السبع تتجه بالفعل إلى مزيد من التصعيد”.
لم نغير موقفنا
وفي المقابل، اعتبرت ليتوانيا موقف ألمانيا “هزيمة”، ونقلت صحيفة “دير شبيغل” الألمانية عن مسؤول ليتواني قوله: “نحن لم نغير موقفنا”.
ومنذ بداية أزمة الإقليم، أبدت واشنطن دعمها لفيلنيوس استنادًا إلى المادة 5 من ميثاق الناتو الخاص بالدفاع عن الدول الأعضاء.
أما عن احتمالية الانقسام داخل التكتل الأوروبي أو الناتو بشأن أزمة كالينينغراد، فيستبعد العلي ذلك، مشددًا على أن الخلاف ليس جذريًّا بين الموقفين الألماني والأميركي، بل يرتبط بالتكتيك، فألمانيا ومعها فرنسا لا تريدان الصدام مع روسيا، وتحافظان على الحوار معها، وفي نفس الوقت تدعمان أوكرانيا وتبحثان عن وسائل إفشال روسيا في الحرب.