التونسيون يحتفلون بذكرى الاستقلال عن فرنسا
تحرير شارع بورقيبة من الحواجز الحديدية كدلالة الخلاص من حكم "الإخونجية"
يحتفل التونسيون اليوم الأربعاء، بالذكرى الثامنة والستين للاستقلال التونسي عن الاستعمار الفرنسي (1881-1956) والتي تُعد إحدى المحطات “المهمة” في تاريخ بناء تونس الحديثة، كونه بات رمزا في تاريخ التونسيين وذاكرتهم، لما حققوه من مكاسب في مختلف المجالات في دولة الاستقلال.
احتفال تونس باستقلالها هذا العام يتزامن مع محاكمات تجري لقيادات وأعضاء من تنظيم الإخونجية متورطين في قضايا إرهابية والتآمر على الدولة التونسية، بعد “العشرية السوداء”، التي كان عنوانها الإرهاب وعمليات الاغتيال، والفساد وتدمير المجتمع.
تحرير شارع الحبيب بورقيبة
وفي رمزية لتخلص البلاد من حكم الإخونجية، تحرير شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة التونسية من الحواجز الحديدية التي تحيط بمقر وزارة الداخلية والتي شوهت جمال الشارع لأول مرة منذ 12 سنة.
وقد اختار الرئيس التونسي قيس سعيد رفع هذه الحواجز في الذكرى الثامنة والستين لعيد الاستقلال، في إشارة إلى تحرر البلاد من براثن الإخونجية ومن سنوات الإرهاب والترهيب والخوف والرعب الذي ساد منذ وصول حركة النهضة الإخوانية للحكم في 14 يناير/كانون الثاني 2011.
التحرر أشار إليه أمس الثلاثاء الرئيس التونسي قيس سعيد حيث قال إنه “يريد أن يستنشق هواء نقيا طاهرا مطهرا من اللوبيات والعملاء والخونة المرتمين في أحضان قوى أجنبية”.
وأكّد أن الاستقلال ليس وثيقة وُقّعت ولكنه من أكبر الأمانات التي يجب الحفاظ عليها، موضّحا أن “الاستعمار عن بُعد ليس أقلّ خطرا من الاستعمار المباشر”.
وبدءا من إزاحته من البرلمان، مرورا بإقصائه من الحياة السياسية، إلى محاسبته وعناصره على جرائم “العشرية السوداء”، كانت مراحل عدة لفظت فيها تونس تنظيم الإخونجية، في قرارات رئاسية بدأت في يوليو/تموز 2021، وجدت تأييدا شعبيا جارفا.
حرب تحرير وطنية
ووفق الباحث في العلوم السياسية، ماهر بوغنيم، فإن تونس تخوض حرب تحرير وطنية ضد الإخونجية وحلفائهم، موضحا أن الرئيس التونسي قيس سعيد في حرب طويلة مع التنظيم الذي لا يزال يتحرك خارج البلاد لتعكير صفو الأمن بالبلاد.
وأكد بوغنيم أن الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة استطاع افتكاك استقلال بلاده، كما استطاع بناء دولة حديثة وأسس تعليما عموميا مجانيا وصاغ مجلة الأحوال الشخصية لتعطي مكاسب هامة للمرأة، وقدم الكثير من أجل تطوير البلاد اقتصاديا واجتماعيا ثم جاء حكم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي الذي انطلق منذ السابع من نوفمبر/تشرين الثاني 1987 إلى 14 يناير/كانون الثاني 2011 والذي سار على نفس منهج بورقيبة”.
دوامة العنف والإرهاب
وتابع بوغنيم: “إلا أن رياح الإخونجية قدمت من الغرب بقيادة رئيسهم راشد الغنوشي الذي كان في منفاه في بريطانيا، وجاؤوا ناقمين منتقمين لسنوات منفاهم وسجنهم، فأرادوا حكم دولة مدنية مثل تونس بالشريعة، وتم الإفراج عن الإرهابيين من السجون لينفذوا مخططاتهم الدموية ظنا منهم أن سنوات حكمهم ستطول”.
وأشار المحلل التونسي إلى أن الإخونجية أدخلوا البلاد في دوامة من العنف والرعب والإرهاب والقتل وسفك الدماء والاغتيالات، ولم تكفهم تونس فقط بل وصل بهم الحد إلى إدخال شبابها في مخططات إقليمية وقاموا بتسفيرهم إلى دول شقيقة مثل سوريا وليبيا بدعوى الجهاد.. واليوم قياداتها وعلى رأسهم الغنوشي وعلي العريض ونور الدين البحيري وعبد الكريم العبيدي يقبعون في السجن”.
قبل أن يستدرك: “لكن كل جرائمهم تم تفكيكها وانطلقت البلاد في محاسبة قيادات الإخوان وتم الزج بهم في السجون لمعاقبتهم على ما اقترفته أياديهم في حق هذا البلد الذي مازال يعاني من إرثهم”.
وأوضح أن “تونس قادرة على أن تنهض من كبوتها خاصة بعد الاستقرار الأمني الذي أصبحت تنعم به بعد أن تم تقليم أظافر الإخوان”.
من جهة أخرى، قال أستاذ التاريخ والمحلل السياسي، عبد اللطيف الحناشي، إن النقاشات عن الاستقلال بعد 14 يناير/كانون الثاني 2011 اتخذت منحى أيديولوجيا للأسف واعتبر البعض أنه “ليس هناك استقلال وليس هناك وثيقة للاستقلال”.
وأضاف الحناشي، أنه “وقع إهمال الاحتفال بهذا التاريخ المهم جدا، وأن هناك قطاعا قام بتقليل هذا الإنجاز الكبير واحتقاره، بل ومحاولة إلغائه تماما من الذاكرة، وهو أمر استمر لسنوات”.
وتابع: “ينبغي أن تكون هذه المناسبة فرصة لتقييم الفترات الماضية تقييما جيدا وإيجاد رؤية وطنية جديدة لتفادي كل الثغرات والعثرات من أجل بناء غد أفضل”.
ووقعت تونس بروتوكول الاستقلال مع فرنسا في 20 مارس/آذار 1956 بعد مسيرة من الكفاح المسلح والنضال السياسي كللت بالحصول على الاستقلال الداخلي، في الأول من يونيو/حزيران 1955، ليوقع البلدان بعدها بأشهر قليلة بروتوكول الاستقلال الذي اعترفت بموجبه فرنسا علانية باستقلال تونس.