الجيش الجزائري يحذر من محاولات التشويش على الانتخابات
حذرت السلطات الجزائرية من محاولات التشويش على الانتخابات، وقال رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق السعيد شنقريحة، الاثنين، خلال لقائه القيادات العسكرية للمنطقة الأولى التي تضم العاصمة، إن “القيادة العليا للجيش أصدرت أوامر إلى كلّ القيادات، بإفشال أي مخطط أو عمل قد يستهدف التشويش على الانتخابات أو التأثير على مجرياتها”، وكذلك “التطبيق الصارم للتعليمات من أجل تأمين وضمان السير الحسن لهذا الاستحقاق الوطني الهام، والسماح للمواطنين بالتعبير عن أصواتهم في جو من السكينة والاستقرار”.
تأتي هذه التحذيرات حسب مراقبين على خلفية ما شهدته الانتخابات الرئاسية الماضية في ديسمبر 2019، والاستفتاء على تعديل الدستور في نوفمبر الماضي، حين أقدم رافضون لإجراء الاستفتاء بعدد من الولايات الجزائرية، على محاولة منع التجمعات الشعبية للحملة الانتخابية.
الحملات الدعائية
دخلت الحملات الدعائية للمرشحين في الانتخابات النيابية في الجزائر المقرر إجراؤها في 12 يونيو الجاري، أسبوعها الثاني والأخير، وسط تجاوب شعبي اختلف تقييمه من وجهة نظر عدد من المرشحين.
وانقسم المرشحون بشأن الانتخابات، إلى فريقين، الأول يراها فرصة لإحداث تغيير سياسي في البلاد، بينما يعتبرها الآخر، جزءاً من مسار انتخابي فُرض على الجزائريين بعد استقالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، تحت ضغط مظاهرات الحراك الشعبي.
وتأتي الانتخابات المبكرة قبل عام عن موعدها، بعد قرار الرئيس عبد المجيد تبون، بحل المجلس الشعبي الوطني “الغرفة الأولى بالبرلمان” نهاية فبراير الماضي، بعدما أقر في وقت سابق، أنه يعاني رواسب المال الفاسد، وسوء استغلال النفوذ.
الأولى بعد التعديلات الدستورية
وتعد هذه الانتخابات هي الأولى بعد إقرار الدستور في نوفمبر 2020، الذي أقر تشكيل اختيار رئيس الحكومة من الأغلبية البرلمانية.
وبموجب التعديلات الدستورية، فإنه يحق لرئيس الحكومة وضع برنامجه الحكومي مستقلاً عن رئيس الجمهورية، ووفقاً لتوجهات حزبه السياسي، على أن يعرض تشكيلة وزراء حكومته على الرئيس، فيما لا يسمح الدستور لـ”الوزير الأول” (رئيس الحكومة) بأكثر من اقتراح واحد لها، وتكون الكلمة الأخيرة للرئيس بالرفض والقبول أو التعديل.
وسبق تنظيم الانتخابات، إصدار قانون انتخابات جديد، يأمل مشرعوه في فتح المجال أمام الشباب والنساء للمشاركة في الانتخابات، والحد من تأثير المال السياسي، وبموجبه تتكفل الدولة بنفقات الحملات الانتخابية للمرشحين الشباب الذين تقل أعمارهم عن 40 عاماً، بقيمة 300 ألف دينار (نحو 2200 دولار) لكل مرشح.
ويشارك في السباق الانتخابي 1483 قائمة، من بينها 646 قائمة تمثل 28 حزباً سياسياً، و837 قائمة تضم “مرشحين أحرار” (مستقلين) يحاولون إقناع الناخبين بالتصويت لبرامجهم الانتخابية، بهدف الفوز بحصة من إجمالي مقاعد المجلس البالغ عددها 407 مقاعد.
وأسقطت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، نحو 1200 قائمة من سباق الترشح بسبب “صلاتها مع أوساط المال والأعمال المشبوهة” استناداً إلى المادة 200 من قانون الانتخابات الجديد.
وتشارك أحزاب الإسلام السياسي التي تضم حزب جبهة العدالة والتنمية، وحركات “الإصلاح الوطني”، و”النهضة”، و”البناء الوطني”، وكذلك “مجتمع السلم” في الانتخابات بصفة منفردة، عكس الاستحقاقات الماضية التي أجريت في عامي 2012 و2017، التي دخلتها تحت تحالفات عديدة.
مقاطعة الانتخابات
في المقابل تقاطع قوى “الحراك الشعبي” الداعية للاحتجاجات التي أطاحت بالرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في 2019، وأحزاب “التيار الديمقراطي”، وأحزاب معارضة أبرزها “حزب العمال” وحزب “جبهة القوى الاشتراكية”، و”التجمع الوطني الديمقراطي”، الانتخابات المقبلة، بدعوى عدم توفر الظروف المناسبة في مناخ يتسم بالتوتر والاعتقالات والتضييق على نشطاء الحراك.
وتعتبر هذه الأحزاب، أن الانتخابات مناورة من النظام لإعادة تدوير نفسه، والإبقاء على نفس الممارسات والآليات القديمة.
على ربيج، المرشح عن حزب جبهة التحرير (الحزب الحاكم سابقاً)، اعتبر أن الانتخابات المقبلة تستجيب لتطلعات الشعب في التغيير منذ انطلاق الحراك الشعبي في 22 فبراير 2019، الذي طالب برحيل البرلمان السابق بسبب تورط نوابه في قضايا فساد، وهو ما استجاب له الرئيس تبون بحل البرلمان.
وضع الأحزاب التقليدية
فاتح خننو، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر، اعتبر أن زيادة عدد “القوائم الحرة”(المستقلة) عن القوائم الحزبية، “دلالة على اهتمام الشباب بهذه المحطة الانتخابية بحكم توفرها على ضمانات النزاهة والشفافية تحت إشراف السلطة المستقلة للانتخابات، بعد تحييد الإدارة السابقة التي طالتها انتقادات واتهامات في المواعيد الانتخابية السابقة بالتدخل لحسم الانتخابات لصالح قوى مؤيدة للنظام السابق”.
وأضاف، أن “الشباب وضع ثقته في القوائم الحرة للترشح بدلاً من قوائم الأحزاب، لأن الأحزاب خلال فترة حكم بوتفليقة لم تكن قادرة على التعبير عن تطلعات الجزائريين”.
وتوقع خننو، فوزاً كبيراً لـ”المرشحين الأحرار”، “لأن الجزائريين فقدوا الثقة في الأحزاب السياسية التقليدية الموالية للنظام السابق والتي فقدت القدرة على تطوير مؤسساتها وخطابها”.
من جانبه، اعتبر الكاتب الصحفي أمين بلعمري، أن القراءة الأولية للحملات الانتخابية، تظهر أن “الأحزاب السياسية لم يكن لها ذلك الحضور القوي في هذه الانتخابات، في ظل المنافسة المحتدمة مع القوائم الحرة التي برزت كرقم صعب في الانتخابات”.
وأضاف بلعمري، أنه في ظل تراجع شعبية الأحزاب الكبرى التي عُرفت بموالاتها للنظام السابق وأبرزها حزب جبهة التحرير (الحزب الحاكم سابقاً)، والتجمع الوطني الديمقراطي، وهما حزبي الأغلبية في المجلس الشعبي الوطني السابق، برزت بعض الأحزاب الجديدة والصغيرة التي يبدو أنها تحاول إثبات وجودها في هذه الانتخابات مثل “الشعب”، و”جيل جديد”، و”جبهة المستقبل” التي تمثل شيئاً من التيار الديمقراطي والوطني.