الجيش الروسي يقترب من السيطرة الكاملة على مدينة ماريوبول الاستراتيجية
أصبحت قوات الجيش الروسي قريبة من السيطرة على مدينة ماريوبول جنوب شرقي أوكرانيا، ذات الأهمية الاستراتيجية والتي تعتبر هدفاً استراتيجياً لروسيا تريد السيطرة عليها.
وتوجهت بدلاً من ذلك نحو مدينة ماريوبول، لمحاصرة القوات الأوكرانية المنتشرة في الخطوط الأمامية الطويلة لإقليم دونباس الانفصالي. فما أهمية المدينة بالنسبة لروسيا؟
انتصار على “النيو النازية”
وبالرغم من أن القوات الروسية كانت متفوقة عددياً على القوات الأوكرانية في ماريوبول التي صمدت لأسابيع طويلة، لكنها أصبحت في الوقت الحالي محاصرة بشكل أكبر في منطقتين في ماريوبول، هما مصنع “إيليتش” للحديد والصلب وميناء المدينة، بحسب صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية.
وهو الأمر الذي أكده مستشار عمدة ماريوبول ميترو أندريشنكو، للصحيفة، إذ قال إن القوات الأوكرانية في المدينة لم تستسلم، “لكن جزءاً كبيراً منهم وقعوا أسرى في قبضة القوات الروسية”.
وتريد روسيا فرض السيطرة الكاملة على ماريوبول في أقرب وقت ممكن وهو ما يفسر استخدام القوات الروسية، الجمعة، قاذفات بعيدة المدى لمهاجمة المدينة، وذلك للمرة الأولى منذ بدء العملية الخاصة، بحسب ما أعلنت وزارة الدفاع الأوكرانية.
وفي حال سقوطها ستكون ماريوبول المدينة الكبيرة الوحيدة التي تسيطر عليها القوات الروسية حتى الآن، في “تقدم نادر” في مواجهة القوات الأوكرانية التي أوقفت التقدم السريع لروسيا في المدن الكبرى، وحفزت الغرب على تقديم المساعدة العسكرية، وفق “أسوشيتد برس”.
ويأتي اشتداد المعارك في ماريوبول وسط تقارير تفيد بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يريد أن يحقق انتصاراً في دونباس قبل العرض العسكري الضخم في الساحة الحمراء في 9 مايو بمناسبة ذكرى انتصار السوفييت على ألمانيا النازية في 1945.
كما أن السيطرة على ماريوبول ستكون انتصاراً لروسيا على “النيو النازية” وفق ما تعلن موسكو، إذ تعد المدنية معقل “كتيبة آزوف” التي تقاتل إلى جانب القوات الروسية، وتعتبرها روسيا “ميليشيا من النازيين الجدد”.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعلن حين أمر بالعملية الخاصة في أوكرانيا أن الهدف مما وصفها بـ”العملية العسكرية الخاصة” هو “إنقاذ أوكرانيا من النازية الجديدة”.
حدود أمر واقع
تقول روسيا الآن إن حربها الأساسية تهدف للسيطرة على دونباس وهي منطقة في شرق أوكرانيا تضم إقليمين يسيطر عليهما جزئياً قوات عسكرية محلية تدعمهم روسيا وتريد من كييف التنازل عنهما.
وفي حال فرض السيطرة الكاملة على ماريوبول الواقعة في الطرف الجنوبي من جمهورية دونيتسك المطل على بحر أزوف، سيكون بإمكان روسيا ربط شبه جزيرة القرم التي ضمتها عام 2014، بالأراضي الشرقية التي يسيطر عليها العسكريون في دونباس.
وبحسب “المعهد الأميركي للدراسات الحربية” في حال تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار “على أساس الاحتفاظ بما تم الحصول عليه، يمكن لروسيا أن تحتفظ بمناطق عدة في أوكرانيا”، معتبراً أن الأمر “سيقيم حدود أمر واقع” لصالح روسيا.
وسيضمن الاستيلاء على ماريوبول لروسيا السيطرة الكاملة على بحر آزوف الذي يتفرع من البحر الأسود في جزئه الشمالي، ويتصل به عن طريق مضيق كيرتش، ويطل على الشواطئ الأوكرانية من شماله، وعلى روسيا من شرقه، وشبه جزيرة القرم من غربه.
ومنذ 2014 تسيطر موسكو على ضفتي مضيق كيرتش، إذ تقع الضفة الشرقية للمضيق في شبه جزيرة ترمان الروسية، والضفة الغربية في شبه جزيرة القرم. وفي 2018، بنت روسيا جسراً يمتد عبر مضيق كيرتش ليربط شبه جزيرة القرم بالأراضي الروسية.
وإذا نجحت روسيا في الاستيلاء على ماريوبول والأراضي المحيطة بها، فستسيطر على بحر آزوف بشكل كامل، الذي سيصبح بحراً داخلياً.
مركز صناعي مهم
إذا نجحت روسيا في الاستيلاء على ماريوبول والأراضي المحيطة بها، فستسيطر بذلك على 80% من الساحل الأوكراني على البحر الأسود، ما يمكنها من قطع نشاط أوكرانيا التجاري البحري، وبالتالي زيادة عزلها عن العالم الخارجي.
وذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية أن الاستيلاء على ماريوبول سيمنح روسيا السيطرة على الساحل الجنوبي الشرقي لأوكرانيا، ما يمكّنها من توجيه ضربة كبيرة محتملة لاقتصاد البلاد عن طريق منع أحد أكبر موانئها من الشحن العالمي. فنظراً لتمتعها بأحواض سفن عميقة، تحتضن ماريوبول أكبر الموانئ في منطقة بحر آزوف.
علاوة على ذلك تعد المدينة مركزاً صناعياً مهماً، وتضم أهم مؤسستين لإنتاج الحديد والصلب، هما “إيليتش” للحديد والصلب و”ركس وأزوفستال” لإنتاج الحديد والصلب.
ووفقاً لهيئة الموانئ في أوكرانيا يتم تصدير خمس المعادن الفلزية في البلاد عن طريق ميناء ماريوبول، كما يعني سقوط المدينة سيطرة روسيا على محطة الطاقة زابوروجيا الواقعة في شمال غربي ماريوبول، والتي تنتج نحو 20٪ من الطاقة الكهربائية في أوكرانيا.