الجيش السوري يتقدم نحو طريق دولي استراتيجي بعد سيطرته على ثاني أكبر مدن إدلب
سيطر الجيش السوري الأربعاء على معرة النعمان، ثاني أكبر مدن محافظة إدلب في شمال غرب البلاد، بعد أسابيع من الاشتباكات والقصف العنيف، ليقترب أكثر من تحقيق هدفه باستعادة طريق دولي استراتيجي.
وتواصل قوات الجيش تقدمها شمال معرة النعمان وغرب حلب، يرافقها قصف جوي روسي وسوري أسفر وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مقتل 11 مدنياً.
وتشهد محافظة إدلب ومناطق محاذية لها، والتي تؤوي ثلاثة ملايين شخص نصفهم تقريباً من النازحين، منذ كانون الأول/ديسمبر تصعيداً عسكرياً لقوات النظام وحليفتها روسيا يتركز في ريف إدلب الجنوبي وحلب الغربي حيث يمر جزء من الطريق الدولي الذي يربط مدينة حلب بالعاصمة دمشق.
وأعلن الجيش السوري الأربعاء في بيان جرى بثه على التلفزيون الرسمي أن “تمكنت قواتنا الباسلة في الأيام الماضية من القضاء على الإرهاب في العديد من القرى والبلدات”، وعددّ نحو عشرين بلدة وقرية بينها معرة النعمان.
وتسيطر هيئة تحرير الشام المتطرفة (جبهة النصرة سابقاً) على الجزء الأكبر من محافظة إدلب وتنشط فيها فصائل أخرى معارضة أقل نفوذاً.
ودخل الجيش السوري معرة النعمان الثلاثاء بعد تطويقها بالكامل، وانسحاب الجزء الأكبر من مقاتلي الفصائل منها.
وتسعى قوات النظام حالياً، وفق المرصد، للتقدم باتجاه مدينة سراقب الواقعة أيضاً على الطريق الدولي شمال معرة النعمان، وقد تمكنت من السيطرة على خمس قرى وبلدات.
وتتواصل الاشتباكات أيضاً في ريف حلب الغربي، حيث أفاد الإعلام الرسمي السوري والمرصد عن تقدم لقوات الجيش.
ويرافق الاشتباكات قصف جوي، وفق المرصد، الذي أفاد عن مقتل عشرة مدنيين في غارات قال إنها “روسية” في قرية كفرلاتة جنوب إدلب، كما قتل مدني في قصف جوي لقوات النظام قرب مدينة سراقب شمال معرة النعمان.
ونفت روسيا قصفها للمدنيين، مؤكدة أنها تستهدف “الإرهابيين”.
وانضمت معرة النعمان في العام 2011 إلى حركة الاحتجاجات ضد الدولة في سوريا. وتحولت تدريجياً بتظاهراتها الضخمة إلى أحد رموز الاحتجاج في محافظة إدلب.
وكان عدد سكان معرة النعمان، التي سيطرت عليها الفصائل المعارضة في العام 2012، يبلغ قبل أربعة أشهر 150 ألفاً إلا أنها باتت اليوم شبه خالية جراء موجات النزوح التي شهدتها، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.
وأفاد مصدر صحفي زار معرة النعمان قبل أيام قليلة أنها تحولت إلى مدينة أشباح تنتشر فيها الأبنية المدمرة أو المهجورة.
ودفع التصعيد منذ كانون الأول/ديسمبر بـ388 ألف شخص إلى النزوح من المنطقة وخصوصاً معرة النعمان باتجاه مناطق أكثر أمناً شمالاً، وفق الأمم المتحدة. وبين هؤلاء 38 ألفاً فروا منذ منتصف كانون الثاني/يناير من غرب حلب.
وأفاد المرصد السوري بدوره عن حركة نزوح ضخمة خلال الأيام القليلة الماضية مع اقتراب التصعيد من مدينة سراقب وريفها، والتي كانت ملجأ لنازحين فروا من منطقة معرة النعمان.
وقال وكيل أمين عام الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك خلال كلمة أمام مجلس الأمن الدولي الأربعاء أن 20 ألفاً نزحوا خلال اليومين الماضيين فقط.
وقال “ما لم تتوقف أعمال العنف حالياً، سنشهد على كارثة إنسانية أعظم”، مشيراً إلى أن سكان إدلب، ويقدر عددهم بنحو ثلاثة ملايين، “يشعرون أن العالم كله تخلى عنهم”.
وتُكرر دمشق نيتها استعادة كامل منطقة إدلب وأجزاء محاذية لها في حماة وحلب واللاذقية رغم اتفاقات هدنة عدة تم التوصل إليها على مر السنوات الماضية في المحافظة، وكان آخرها اتفاق هدنة جرى الإعلان عنه في التاسع من الشهر الحالي إلا أنه لم يدم سوى عدة أيام.
واتّهم رئيس النظام التركي رجب طيب إردوغان الأربعاء موسكو بعدم احترام الاتفاقات المبرمة بينهما بشأن إدلب.
وقال، “مع روسيا أبرمنا هذه الاتفاقات (…) إذا كانت روسيا لا تحترم هذه الاتفاقات، إذاً سنفعل الأمر نفسه. للأسف في الوقت الحالي، روسيا لا تحترمها”.
وكانت تركيا، التي تنشر 12 نقطة مراقبة في إدلب، حذرت الثلاثاء من أنها سترد على أي تهديد لتلك النقاط، والتي باتت ثلاث منها محاصرة من قبل قوات النظام.
ومنذ سيطرة الفصائل الإرهابية والمقاتلة على كامل المحافظة في العام 2015، تصعد قوات النظام بدعم روسي قصفها للمحافظة أو تشن هجمات برية تحقق فيها تقدماً وتنتهي عادة بالتوصل الى اتفاقات هدنة ترعاها روسيا وتركيا.
وسيطرت قوات الجيش السوري خلال هجوم استمر أربعة أشهر وانتهى بهدنة أواخر آب/أغسطس على مناطق واسعة في ريف المحافظة الجنوبي، أبرزها بلدة خان شيخون الواقعة أيضاً على الطريق الدولي.
ويرى مراقبون أن قوات الجيش السوري تسعى من خلال هجماتها الأخيرة في إدلب إلى استعادة السيطرة تدريجياً على الجزء الذي يعبر إدلب وغرب حلب من هذا الطريق، لتبسط سيطرتها عليه كاملاً.