الحرب بين أقوى اقتصادين في العالم باتت تهديد للاقتصاد العالمي برمته
تبادلت الولايات المتحدة والصين الجمعة فرض رسوم جمركية عقابية ما زاد من حدة حرب تجارية بين أقوى اقتصادين في العالم، باتت تهدد الاقتصاد العالمي برمته.
فقد زادت بكين الرسوم على بضائع أميركية بقيمة 75 مليار دولار ردا على زيادة الولايات المتحدة الرسوم على بضائعها في الأول من آب/أغسطس. وما كان من الرئيس الأميركي دونالد ترامب الا ان رد بالإعلان عن زيادة جديدة في الرسوم على سلع صينية بقيمة اجمالية تبلغ 550 مليار دولار.
وأثار إعلان ترامب عن زيادة الرسوم الشكوك في فرص التوصل إلى تسوية سريعة في الحرب التجارية بين القوتين الاقتصاديتين، والتي ستشمل بحلول نهاية العام جميع الواردات والصادرات المتبادلة بين البلدين تقريبا.
واتهم ترامب الصين ب”استغلال الولايات المتحدة في مجال التجارة وسرقة الملكية الفكرية وأمور أخرى كثيرة”. وقال “يجب علينا تحقيق التوازن في هذه العلاقة التجارية غير المتكافئة”.
وأعلن ترامب قراراته عبر سلسلة تغريدات كشفت عن زيادة الرسوم من 25 بالمئة الى ثلاثين بالمئة، على بضائع صينية بقيمة 250 مليار دولار بدءا من الأول من تشرين الأول/اكتوبر.
كما زاد رسوما على بضائع بقيمة 300 مليون دولار كانت محددة ب10 بالمئة ومقررا أن تدخل حيز التنفيذ في الأول من ايلول/سبتمبر، لتصبح 15 بالمئة. وقال ترامب “ما كان يجب على الصين أن تفرض رسوما جديدة على بضائع أميركية بقيمة 75 مليار دولار (لدوافع سياسية!)”.
وبينما عملت بكين لمدة ثلاثة أسابيع على الاعداد لردها برفع الرسوم، احتاج ترامب إلى أقل من عشر ساعات ليرد باجراءات انتقامية.
وتثير هذه التبدلات السريعة قلق الشركات الأميركية التي يعتمد الكثير منها على الصين للتصنيع او للحصول على بضائع جاهزة.
وقال ديفيد فرانش من الاتحاد الوطني لتجار البيع بالتجزئة “من المستحيل على الشركات أن تخطط للمستقبل في مثل هذه البيئة”. وأضاف “من الواضح أن مقاربة الإدارة لا تؤتي ثمارها، والرد ليس في فرض المزيد من الضرائب على الشركات والمستهلكين الأميركيين. الى اين سيؤدي بنا هذا؟”.
– أمر بالمغادرة –
جاء هذا التصعيد عشية قمة مجموعة السبع في فرنسا، حيث من المتوقع أن يناقش ترامب التوتر مع الاوروبيين وكندا واليابان، الناتج ايضا عن الرسوم الجمركية.
وأدت هذه المواجهات التجارية الى تباطؤ النمو الأميركي وأوهنت الاقتصاد العالمي. كما ان التهديد الماثل بحصول تدهور خطير تسبب بتراجع البورصات بشكل حاد.
فقد تراجع مؤشر داو أكثر من 600 نقطة، أي 2,4 بالمئة، فيما خسر مؤشر داكس الألماني أكثر من 1 بالمئة.
وناشد ترامب الشركات الأميركية عبر تويتر قائلا “نأمر شركاتنا الأميركية العظيمة أن تبدأ على الفور في البحث عن بديل للصين، بما في ذلك إحضار شركاتها إلى الوطن لصنع منتجاتها في الولايات المتحدة”.
وتابع “لسنا بحاجة إلى الصين، وبصراحة، سنكون في وضع أفضل من دونها”.
ولم يكن واضح على أي صلاحيات يعتمد ترامب في طلبه ذلك من الشركات الخاصة.
وحضت غرفة التجارة الأميركية الطرفين على العودة الى طاولة المفاوضات لايجاد مخرج.
وقال مايرون بريليانت رئيس الشؤون الخارجية في الغرفة “نشاطر الرئيس شهوره بالاحباط لكننا نعتقد ان الحوار المستمر والبنّاء هو الطريق الصحيح للمضي قدما”.
– الصين ترد –
ستشمل الرسوم العقابية الصينية نحو خمسة آلاف سلعة أميركية، وهي موقتة لتتزامن مع الرسوم الأميركية الجديدة التي من المقرر أن تبدأ على دفعتين في الأول من ايلول/سبتمبر و15 كانون الأول/ديسمبر، وفق مكتب الرسوم في مجلس الدولة الصيني.
وأعلنت بكين ايضا انها ستعيد فرض رسوم بقيمة 25 بالمئة على السيارات الأميركية وخمسة بالمئة على قطع السيارات ايضا اعتبارا من 15 كانون الأول/ديسمبر. وكانت الصين قد ألغت هذه الرسوم مطلع العام الجاري كبادرة حسن نية خلال المفاوضات التجارية.
وفرض ترامب رسوما على بضائع صينية بقيمة 250 مليار دولار، بالاضافة الى 300 مليار يتوقع أن تستهدفها الرسوم في الجولات المقبلة.
وردت بكين برسوم على بضائع أميركية بقيمة 110 مليار دولار، أو الى حد ما كامل ال120 مليار دولار من السلع الاميركية التي استوردتها العام الماضي.
وقالت وزارة التجارة الصينية ان زيادة 10 بالمئة ستطال منتجات الكركند وأرجل الدجاج المثلجة وزبدة الفستق و914 سلعة اخرى بدءا من الأول من أيلول/سبتمبر.
أما فول الصويا والنفط الخام وسلع متعلقة بالطاقة فستطالها زيادة 5 بالمئة، فيما ستكون الزيادة على عصير المانغو الأميركي والحافلات الكهربائية والمنتجات الكيماوية 10 بالمئة في منتصف كانون الأول/ديسمبر. وستفرض على الطائرات االصغيرة والمضخات اليدوية ستفرض عليها رسوم بنسبة 5 بالمئة.
وحذر رئيس الاحتياطي الفدرالي الأميركي جيروم باول في خطاب ألقاه الجمعة من أن التوترات التجارية تؤدي إلى تفاقم التباطؤ الاقتصادي، وليس لدى البنك المركزي “كتاب قواعد” للتعامل مع التداعيات.
وأكد ان الاحتياطي الفدرالي سيتخذ الخطوات الملائمة لضمان استمرار توسع الاقتصاد الأميركي. لكنّه حذّر من أنه ليس لديه “كتيب إرشادات” للتعامل مع الحرب التجارية القائمة بين الولايات المتحدة والصين التي تفاقمت بعيد تصريحاته.