الداخلية التونسية تؤكد وجود مخططات خطيرة تستهدف حياة الرئيس سعيد
وتحبط هجوم إرهابي ل"ذئب منفرد" كان يستهدف قوات الشرطة
أكدت وزارة الداخلية التونسية الجمعة، إن هناك معلومات عن تهديدات خطيرة على حياة الرئيس قيس سعيد وسلامته. وأعلنت “إحباط هجوم إرهابي لذئب منفرد استهدف قوات الشرطة مساء الخميس”.
وقالت المتحدثة باسم الوزارة فضيلة الخليفي، في مؤتمر صحافي، أن “المخططات تجاوزت حد التصور والتخطيط والتوافق والتقارب بين الأطراف الضالعة فيها”، مشيرةً إلى أنها وصلت إلى مرحلة “جادة تحتم الإعلام والإفادة عنها للرأي العام”.
وأكدت أن “التحريات لا تزال متواصلة في هذا الاتجاه وجارٍ العمل للقضاء على هذا المخطط وتفكيكه”، معتبرة أن هذه “التهديدات تهدف لتقويض الأمن العام التونسي”.
وشددت الداخلية، على أن “جمع المعلومات تم في إطار احترام القانون وفي نطاق سلامة الإجراءات”.
الذئاب المنفردة
وأوضحت الخليفي أنه “تم إحباط، الخميس، عملية إرهابية حاول من خلالها عنصر من الذئاب المنفردة القيام بها ضد التركيز الأمني أمام أحد المقرّات الحساسة، وإصابة رجلي أمن”، مؤكدة القبض على المتهم ومصادرة أداة الجريمة.
وسبق أن نفت الرئاسة التونسية، في أغسطس 2020، تقارير عن محاولة اغتيال قيس سعيد بتسميم الخبز الذي يزود به القصر الرئاسي، في وقت كشفت فيه تحقيقات أولية للشرطة أن الحادث “لم يرتق إلى مخطط اغتيال”.
تمويلات من الخارج
وفي سياق آخر، قالت المتحدثة باسم الداخلية إنه “تم رصد تدفقات مالية لحساب جمعية تحمل اسم نماء تونس لا تتماشى مع نشاطها المصرح به”، وأضافت أن ذلك جاء “إثر تعليمات النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، بخصوص شبهة تسجيل عمليات مالية مسترابة للناشطين ضمن الجمعية”.
وأشارت إلى أن “الأبحاث أفضت إلى إيقاف في المرحلة الأولى 3 أشخاص، وحجز حواسيب وكشوفات بنكية تؤكد تلقي الجمعية تمويلات من الخارج”، مؤكدة أنه “تم إدراج العديد من الشخصيات (..) من ضمنها نذكر صاحب مسؤولية سياسية سابقاً وأحد مؤسسي حزب سياسي وتم التحفظ عليه”.
واعتقلت الشرطة التونسية الخميس، رئيس الوزراء الأسبق حمادي الجبالي، القيادي السابق في “حزب النهضة”، وفق ما نقلت “رويترز” عن صفحته الرسمية في “فيسبوك”، وما أكده محاميه زياد طاهر لوكالة “فرانس برس”.
وقالت صفحته إن فرقة أمنية في سوسة قامت بحجز هاتفه وهاتف زوجته، واقتادته إلى مكان غير معلوم متعللة بأنه “لا يحمل بطاقة هوية”، في حين لفتت الإذاعة التونسية الخاصة “موزاييك إف إم”، إلى أن القطب القضائي لمكافحة الإرهاب في العاصمة أذن بتوقيف الجبالي بتهمة “الاشتباه في تبييض أموال” عبر جمعية خيرية.
وفي منشور لاحق عبر صفحته الرسمية، أعلن محامو الجبالي، أنهم ذهبوا إلى مكان احتجازه بفرقة مكافحة الإرهاب، وأنه أبلغهم أنه “يعتبر نفسه قد تعرض لعملية اختطاف انتهت بجعله في حالة إخفاء قسري”.
تفجير البلاد من الداخل
وتمثل هذه التهديدات طورًا جديدًا في الحرب المفتوحة على الإرهاب في تونس التي انطلقت منذ ولوج التيارات الإخوانية إليها إبان سقوط نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي في 2011.
محاولات فاشلة من الإرهابيين لإرباك الدولة من الداخل خاصة بعد إزاحة الإخونجية من الحكم والانطلاق في المحاسبة والتحقيق معهم، وفق ما يراه مراقبون.
واعتبر خالد الحلواني الخبير الأمني التونسي أن “هذه التهديدات خطيرة جدا على الأمن القومي للبلاد وذات أهداف سياسية من أجل إرباك الوضع والعودة للحكم بكل الوسائل والطرق وتأزيم الوضع”.
وشدد الحلواني، على ضرورة توفير الحماية اللازمة لرئيس البلاد، موضحا أنه “كان من المتوقع أن يقوم الإرهابيون برد فعل بعد إزاحة الإخونجية من الحكم”.
وأشار إلى أن “الجماعة كانت تتستر على تلك التنظيمات الإرهابية وتمولها وتوفر لهم الدعم اللوجستي والمالي”.
وتابع قائلا: “ليس من السهل القبول بمنطق التنحي عن الحكم لذلك ستكون هناك ردود فعل قوية تصل حد تفجير البلاد من الداخل انطلقت ببث الفتنة والإشاعات ثم التهديد بالقتل والاغتيال”.
أطراف خارجية
بدوره، قال الخبير الأمني التونسي عبد العزيز العمدوني (جنرال متقاعد من وزارة الداخلية) إن “هذه المعلومة خطيرة جدا لأنها تمس رأس الدولة”، موضحا أن “قيس سعيد تعرض إلى عديد المحاولات لاغتياله سابقا”.
وأكد العمدوني، أن “محاولة اغتيال الرئيس ليست مسألة سهلة ولا يمكن أن يكون شخصا معزولا أو حزبا سياسيا لوحده وإنما هي عملية خطيرة فيها من يخطط ومن يمول ومن يوفر الدعم اللوجستي”.
ويعتقد العمدوني أن “أطرافا خارجية بمساعدة أخرى من الداخل يحاولون استهداف الرئيس التونسي الذي يحاول إصلاح مسار البلاد وحل برلمان الإخوان وبدأ ينبش في ملفات الإرهاب والاغتيالات وتسفير الإرهابيين”.
وأردف قائلا: “ليس من السهل القبول بمنطق التنحي عن الحكم”، في إشارة منه إلى حركة النهضة التي تم إزاحتها من الحكم في 25 يوليو/تموز المنقضي.
العمدوني أكد أن “الرئيس لمّح سابقا خلال خطاباته عن المحاولات السابقة لاغتياله بأن من يقف وراءها هم أشخاص يتكلمون باسم الدين ويتخابرون مع جهات أجنبية”.
ولفت إلى أن “تونس التي قامت بتطهير وزارة الداخلية من الجهاز الأمن الموازي لحركة النهضة الإخوانية ستتعرض لمحاولات إرهابية كردة فعل عن ذلك”.
وتوقع أن “يشدد قيس سعيد حملته في مقاومة الإرهاب كما سيقوم بجملة من الإصلاحات في قانون الأحزاب والعودة إلى قانون 88 الذي ينص على أنه يمنع تأسيس حزب على أساس عرقي أو ديني”.
السلطات على علم بما يدبرون
وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، حذر سعيّد “من مؤامرات تصل إلى حد التخطيط لاغتيال سياسيين”.
وقال خلال جلسة لمجلس الوزراء إن “بعض الخَوَنة باعوا ضَمائرهم لاستخبارات أجنبية لاغتيال عدد من المسؤولين”.
الرئيس التونسي أكد أن السلطات “على علم بما يدبرون في الداخل والخارج”، ثم توجه بحديثه إلى وزير الداخلية قائلاً: “هناك مكالمة هاتفية تتحدث حتى عن يوم الاغتيال”.
وفي أغسطس/أب الماضي، تمكنت السلطات الأمنية من الإطاحة بإرهابي خطط لاغتيال سعيّد خلال زيارة كان سيؤديها إلى إحدى المدن الساحلية، الواقعة شرقي تونس.
والإرهابي هو تونسي الجنسية ينتمي لتنظيم “داعش”، وتسلل مؤخرا من ليبيا حيث تلقى تدريباته.
وفي يناير/ كانون الثاني 2021، أعلنت الرئاسة التونسية، وجود مخطط لاستهداف الرئيس سعيّد بظرف (طرد) مسموم وصل قصر قرطاج، وتسبب آنذاك في إصابة مديرة الديوان الرئاسي نادية عكاشة بوعكة صحية مؤقتة.
وشهدت تونس منذ عام 2011 وحتى عام 2017 موجة من العمليات الإرهابية الخطيرة، تخللتها عمليات اغتيال سياسي ذهب ضحيتها المعارضان اليساريان شكري بلعيد في السادس من فبراير/شباط من العام 2013، ومحمد البراهمي في 25 يوليو/تموز من نفس العام.