الدستوري الحر يجري مشاورات مع الكتل البرلمانية التونسية للإطاحة بالغنوشي
كشفت رئيسة الحزب الدستوري الحر في تونس عبير موسي عن مشاورات تجريها مع كل من كتل حركة تحيا تونس والإصلاح والمستقل وقلب تونس إضافة إلى اتصالها بشكل غير مباشر مع ممثلين عن الكتلة الوطنية والكتلة الديمقراطية (التيار الديمقراطي وحركة الشعب)، للتقدم بعريضة لسحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي خلال جلسة مساءلته الأربعاء القادم.
وتستأثر هذه الكتل مجتمعة بـ123 نائبا، ما يمثل أغلبية برلمانية تسمح بسحب الثقة من رئيس البرلمان. وتهدف هذه الخطوات إلى تجسيد المواقف المناوئة للغنوشي عبر سحب الثقة منه وإرساء أغلبية برلمانية جديدة وتقديم مشروع لتعديل الدستور.
ويتطلب تحديد جلسة تصويت على سحب الثقة من رئيس البرلمان جمع 73 توقيعا من النواب، بينما يحتاج سحب الثقة منه نهائيا الأغلبية المطلقة أي 109 أصوات من ضمن 217، فيما علقت موسي بالقول “73 إمضاء تتبعها 109 أصوات وننهي حكم الإخونجية ونمضي في طريق الإصلاحات الكبرى”.
وإذا ما انسجمت مواقف الكتل النيابية التي أعلنت إدانتها لتحركات راشد الغنوشي الخارجية خاصة في ما يتعلق بالملف الليبي مع التصويت، فإن عزل الغنوشي سيكون في حكم المؤكد، إلا أن مراقبين يقولون إن حركة النهضة الإخونجية التي يقودها الغنوشي كثفت اتصالاتها بحزب قلب تونس وعدد من المستقلين لعرقلة استبعاد الغنوشي مقابل إشراكهم في الحكومة.
وتقود الجماعة الإخونجية منذ فترة مساعي حثيثة لتوسيع الائتلاف الحكومي عبر إشراك حزب قلب تونس (28 نائبا) وحليفها ائتلاف الكرامة (19 نائبا) إضافة إلى عدد من المستقلين (13 نائبا) في الكابينة الحكومية وهو ما يرفضه شركاؤها في الحكم (حركة الشعب والتيار الديمقراطي) إضافة إلى رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ.
وترفض جميع الكتل النيابية بالبرلمان، باستثناء ائتلاف الكرامة ، التدخل الخارجي في ليبيا والاصطفاف وراء أي محور، كما ترفض أن تكون تونس قاعدة لوجستية لتسهيل التدخل الخارجي في ليبيا عبر الاتفاقيات الاقتصادية والاجتماعية والمالية.
ويرى الحزب الدستوري الحر، الذي يقود مساعي الإطاحة بالغنوشي، أن الإدانة الكبيرة التي عبرت عنها غالبية الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، بخصوص التحركات الخارجية لرئيس البرلمان، يجب أن يتبعها طلب لسحب الثقة منه، وانتخاب رئيس أو رئيسة جديدة للمجلس.
وكانت كتل قلب تونس والإصلاح وتحيا تونس والمستقبل دعت في بيان مشترك يوم 21 مايو الماضي، رئاسة البرلمان إلى احترام الأعراف الدبلوماسية، وتجنب التداخل في الصلاحيات مع بقية السلط، وعدم الزج بالمجلس في “سياسة المحاور” انسجاما مع ثوابت الدبلوماسية التونسية، مطالبة بعرض “المسألة” على أنظار أول جلسة عامة مقبلة للتداول في شأنها من قبل النواب.
وذكرت الكتل أن هذا البيان يأتي بسبب تواتر تدخلات رئيس البرلمان في السياسة الخارجية للدولة التونسية، وإقحامها في النزاعات الداخلية للدول وصراعات المحاور الإقليمية بما يتناقض مع مواقفها الرسمية.
وكان الغنوشي قد هاتف رئيس مجلس الدولة الاستشاري في ليبيا خالد المشري ورئيس حكومة السراج لتهنئته بمناسبة استعادة قاعدة الوطية، وهو ما أثار جدلا واسعا وردود أفعال من قبل أحزاب عبرت في بيانات لها عن رفضها للتدخل في الشأن الليبي والدخول في سياسة المحاور.
واعتبرت أن اتصال الغنوشي بالسراج “يعد تجاوزا لمؤسسات الدولة، وتوريطا لها في النزاع الليبي إلى جانب جماعة الإخوان وحلفائها”، مطالبة رئيس الجمهورية قيس سعيّد بالرد على ما ورد في مواقف راشد الغنوشي، والتي اعتبرتها “مواقف تصب في خانة الاتهامات الموجهة لتونس بتقديم الدعم اللوجستي لتركيا في عدوانها على ليبيا”.
ووجّهت كتلة الحزب الدستوري الحر وثيقة إلى الكتل البرلمانية “المدنية”، تتضمن مقترح خارطة طريق لإنجاز الإصلاحات الكبرى المطلوبة، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، بعد تكوين أغلبية برلمانية مدنية وسحب الثقة من رئيس البرلمان.
ودعت موسي في هذه الوثيقة ما أسمتها “القوى المدنية” لإمضاء العريضة التي يتم التوقيع عليها حاليا “لسحب الثقة من راشد الغنوشي من رئاسة البرلمان وانتخاب رئيس جديد من القوى المدنية”.
وطالبت بـ”إبعاد أعضاء الديوان ورئيسه الذين جثموا على مفاصل الإدارة وحوّلوا المجلس إلى فرع لتنظيمهم السياسي وانتداب كفاءات إدارية عليا”.
وأكدت كذلك على ضرورة “تنقيح النظام الداخلي للبرلمان في اتجاه تحسين الأداء البرلماني، وتحقيق مطالب الشعب التونسي، اقتصاديا واجتماعيا وماليا، عبر الشروع في مناقشة جملة من مشاريع القوانين”. ومعالجة معضلة المديونية واسترجاع التوازنات المالية إلى جانب إصلاح المؤسسات العمومية والصناديق الاجتماعية ومنظومة الدعم وتعصير الإدارة وإبعاد من أسمتهم “الإخوان” من الحكومة و”التخلص من هيمنتهم ومناوراتهم ومسك القوى المدنية بزمام المبادرة، والتراجع عن التعيينات الإخوانية الرامية إلى التحكم في مفاصل الدولة والمس من مدنيتها”.
وذكرت موسي أنه تم تحرير عريضة شعبية “تطالب النواب بسحب الثقة من رئيس مجلس نواب الشعب وقد تجاوزت إلى حدود الجمعة، 80 ألف إمضاء وهي مرشحة لبلوغ 100 ألف إمضاء قبل جلسة الأربعاء.
وعبر الأمين العام لحركة مشروع تونس محسن مرزوق عن دعم حزبه للائحة سحب الثقة من رئيس البرلمان، داعيا كافة الأحزاب الديمقراطية التقدمية إلى الوقوف خلف مبادرة عبير موسي التي كانت وحيدة في بداية المطاف.
وقال مرزوق في تصريحات لوسائل إعلام محلية “ندعم مبادرة الحزب الدستوري الحر لسحب الثقة من راشد الغنوشي وتكوين أغلبية برلمانية جديدة”، مطالبا عبير موسي بالعمل بالاشتراك مع جميع القوى المدنية التقدمية.
وعاب الأمين العام لحركة مشروع تونس ما وصفها بالنزعة الفردية للحزب الدستوري الحر في التحرك لسحب الثقة من الغنوشي قائلا “يد واحدة لا تصفق”.
وتتزامن جلسة مساءلة رئيس البرلمان التونسي مع تنامي زخم عريضة شعبية تطالب بالتدقيق في مصادر ثروة الغنوشي التي يرى أصحاب العريضة أنها تفاقمت بعد عودته إلى تونس سنة 2011.
الأوبزرفر العربي