الدلالات السياسية لمحاكمة قيادات إخونجية في مصر
حمل الحكم الصادر اليوم من محكمة جنايات القاهرة بحق عدد من قيادات تنظيم الإخونجية في مصر، يتقدمهم القائم بأعمال المرشد الحالي للتنظيم إبراهيم منير المتواجد في لندن، والسابق محمود عزت، إضافة إلى المرشح الرئاسي السابق عبد المنعم أبو الفتوح، دلالات واضحة بشأن تعامل الدولة المصرية مع التنظيم.
الأحكام جاءت في سياق محاولات من جانب جبهتي الصراع على قيادة التنظيم لفتح قنوات اتصال مع الدولة المصرية، والتي تجلت مؤخرا، في رسالة عراب اتفاقات التنظيم مع الأجهزة في أوروبا يوسف ندا المحسوب على جبهة لندن، والبيان الصادر مؤخرا عن جبهة إسطنبول بشأن دعوة الحوار الوطني التي أطلقها مؤخرا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وقضت محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بمأمورية اليوم الأحد، برئاسة المستشار محمد حماد، بالسجن المشدد 15عاما على محمود عزت نائب مرشد تنظيم الإخونجية، و23 متهما آخرين بالإضرار بالمصالح القومية للبلاد، وتولي قيادة منظمة أنشئت على خلاف أحكام القانون.
كما عاقبت المحكمة غيابيا المتهم إبراهيم منير، القائم بأعمال المرشد، ومحمد سيد وهاني هاشم وضياء المغازي وحسين يوسف ولطفي السيد وحسام عقاب وأيمن عقاب وعمر صلاح ومحمود حميد ومحمد ياسر وعطية عاشور بالسجن المؤبد.
منظمة إرهابية
من جانبه قال الباحث والخبير في شؤون منظمات الإسلام السياسي، أحمد بان، الحكم إشارة واضحة إلى أن ملف تنظيم الإخونجية وكل ما يرتبط بها هو شأن قضائي وجنائي فقط، محله ساحات المحاكم والأحكام القضائية.
وأضاف بان، أن الحكم وتوقيته هو بمثابة ترسيخ لقاعدة بأن ملف التعامل مع التنظيم ليس له سياقات سياسية أو يمكن التفاهم بشأنه مع عبر قنوات خلفية.
وأوضح أن التنظيم لم يعد بيده أية أوراق ضغط، وهو ما يعني أنه من الصعب أن توجه دفة الأحداث، مؤكدا أنه رغم أنه تقليديا لا يمكن الربط بين الأحكام القضائية والسياقات السياسية، حتى لا يتهم القضاء بالتسييس، إلا أنه لا يمكن أيضا الفصل بين السياقات المتعلقة بتوقيتات صدور الأحكام والظروف السياسية الراهنة التي تمر بها البلاد.
في المقابل قال اللواء خالد عكاشة، رئيس المركز المصري للفكر والدراسات، أن القضاء المصري مستقل تماما، والأحكام الصادرة عنه لا يمكن أن تأتي في إطار رسائل بين الدولة وأية منظمات أو كيانات، مستدركا بأن الأحكام الصادرة اليوم ترسخ لأن التعامل مع التنظيم هو تعامل قضائي، وهذا ما أكدته الدولة المصرية منذ عام 2014، كون التنظيم مصنفا كجماعة إرهابية وفقا لأحكام القضاء المصري.
ملف قضائي وجنائي
وأوضح عكاشة، أن ما يؤكد التعاطي المصري مع التنظيم كملف قضائي وجنائي فقط هو ما جرى مؤخرا، بشأن الطلبات التي تقدمت بها لعدد من الدولة من بينها قطر وتركيا عبر القنوات الرسمية، والإنتربول الدولي، مدعمة بملفات وافية، لتسلم أعضاء وقيادات بالتنظيم متورطين في أعمال عنف وإرهاب في مصر.
ونفى الخبير السياسي ما يروج له التنظيم عبر إعلامه ولجانه الإلكترونية، بأن دولا مثل قطر وتركيا توسطت لدى مصر بشأن تسوية سياسية مع الإخونجية.
وأكد عكاشة أن الدولة المصرية غير معنية بأي من الرسائل المبطنة الأخيرة من جانب جبهتي الصراع داخل التنظيم لفتح قنوات اتصال، معتبرا أن الأحكام الصادرة اليوم بمثابة ضغط جديد على قيادات التنظيم أمام أعضائها.
ومؤخرا أصدرت جبهة “محمود حسين”، التي تُعرف باسم “جبهة إسطنبول”، بيانا قالت فيه إن “الحوار أداة سياسية وأمر لازم وضروري”، وأضاف “الإرادة الصادقة لإجرائه ينبغي أن تتوفر لها شروط النجاح والاستمرار، وفي مقدمتها توفر حسن النية وبناء الثقة”.
وسبقه بأيام قليلة تجديد القيادي بالتنظيم الإرهابي يوسف ندا دعوته للمصالحة، زاعما في رسالة نشرها موقع “إخوان سايت” التابع لجبهة إبراهيم منير (لندن) ، أن “باب تنظيم الإخونجية مفتوح للحوار والصفح مع النظام الحالي، بعد رد المظالم”.