الذي سيحدث بعد الاعتراف الروسي باستقلال دونيتسك ولوغانسك
أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مساء الإثنين، اعتراف بلاده الفوري باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين عن أوكرانيا، ودعا البرلمان الروسي إلى التصديق على القرار.
هذا الاعتراف من شأنه أن يمهد الطريق لروسيا من أجل إبرام اتفاقات تعاون عسكري مع الجمهوريتين بشكل مستقل عن أوكرانيا، يتيح لموسكو إرسال جيشها إلى أراضي الإقليمين.
كما سيمكن لروسيا تبرير تحريك قواتها إلى الإقليمين بذريعة حماية مواطنيها، بعدما منحت مئات آلاف السكان هناك جوازات سفر روسية في السنوات الماضية.
والاثنين، أمر فلاديمير بوتين، بنشر قوات حفظ سلام في دونيتسك ولوغانسك، كما أعلن توقيع اتفاقات تعاون وصداقة مع المنطقتين الانفصاليتين.
وسيكون بالتالي على أوكرانيا إما القبول بخسارة جزء كبير من أراضيها أو الدخول في نزاع مسلّح مع جارتها الأقوى بكثير.
وسبق لروسيا أن استخدمت سيناريو مشابهاً، يصل إلى حد التطابق، في التعامل مع الأزمة الجورجية في أغسطس 2008، حين وقع الرئيس الروسي السابق ديمتري مدفيدف على مرسوم، أعلن بمقتضاه اعتراف روسيا بجمهوريتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، اللتين أعلنتا الانفصال عن جورجيا.
وبحسب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، فإن عملية الاعتراف ذات مغزى لأن الحدود التي يطالب بها قادة الجمهوريتين المدعومين من روسيا وهي دونيتسك ولوغانسك تمتد إلى ما وراء الأراضي التي يسيطرون عليها الآن، وتمتد إلى الفضاء الذي يسيطر عليه الجيش الأوكراني.
ويقول المسؤولون الأوكرانيون إن اعتراف روسيا بجمهورية دونيتسك الشعبية وجمهورية لوغانسك الشعبية قد يسمح لقادتهما بطلب المساعدة العسكرية من روسيا، مما يسهل الطريق أمام هجوم عسكري روسي.
كما أنه من المرجح أن تفسر أوكرانيا ذلك على أنه دخول القوات الروسية إلى الأراضي الأوكرانية وفقا لما أوردته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية.
اتفاقيات مينسك
ومن شأن الاعتراف أن يُبطل إلى حد كبير “عملية مينسك” وهي مجموعة من الاتفاقيات التي وقعتها روسيا وأوكرانيا في عامي 2014 و2015 والتي تضمن بقاء المنطقتين جزءاً من أوكرانيا مع “وضع خاص”.
ودعت اتفاقيات مينسك إلى وقف إطلاق النار بين أوكرانيا والانفصاليين المدعومين من روسيا، في لوهانسك ودونيتسك. وبموجبها، توافق كييف على منح المنطقتين “وضعاً قانونياً خاصاً” مقابل سحب موسكو لقواتها.
ويبدو أن هذا الأمر يعد أحد أهداف بوتين، الذي قال الاثنين خلال اجتماع مجلس الأمن الروسي إنه “لا يوجد مستقبل” لاتفاقيات مينسك للسلام المبرمة عام 2015 والهادفة لحل النزاع.
وأوضح بأن المخاطر تتجاوز أوكرانيا، التي أثارت حفيظة موسكو بمساعيها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.
احتمالية اندلاع حرب
وفقا للأكاديمي والباحث السياسي خليل عزيمة، فإن الاعتراف بالجمهوريتين سيعني تحريك القوات الروسية إلى الداخل الأوكراني، مما يقرب احتمالية اندلاع حرب.
وقال عزيمة من كييف: “نتائج هذا الاجتماع كانت متوقعة، هنا في كييف منذ الأمس توقعوا أنه خلال أيام، سيعلن بوتن اعترافه بهاتين الكيانين، وهذه ضمن خطته البديلة للاجتياح الواسع، والتي بدأت منذ التصعيد في دونباس”.
وأضاف: “هذا الأمر يعني بشكل علني تحريك القوات الروسية إلى إقليم دونباس، بحجة حماية الأقليات، بناء على طلب هذه القيادات. هذا هو نوع آخر من الاحتلال للأراضي الأوكرانية”.
وأكد عزيمة أن اعتراف روسيا دونيتسك ولوغانسك لن يعني شيئا من الناحية الدولية للمنطقتين، فالعالم لن يعترف بهما أبدا، ولكنها الخطوة التمهيدية لدخول أوكرانيا.
ويرى عزيمة أن “دول العالم لن تعترف بالدولتين، ولكن المشكلة إذا أرسلت روسيا القوات لهذه المناطق، عندها ستقوم أوروبا وأميركا بتحديد عقوباتها الرادعة والقوية، وأوكرانيا لن تتفرج على الامتداد الروسي، وستكون هناك مقاومة عسكرية”.
وبالرغم من التفوق العسكري الروسي على أوكرانيا، إلا أن الخبير السياسي المقيم في كييف، أكد أن أوكرانيا ستظهر مقاومة قوية.
وقال عزيمة: “القوات الروسية لن تكون في نزهة بأوكرانيا، فستكون هناك مقاومة قوية، وقد نشهد خسائر كبيرة من الجانبين”.
أما عن حلف شمال الأطلسي “الناتو”، فأكد عزيمة أنه لن يدخل الحرب على الأراضي الأوكرانية، فهو يحشد قواته لحماية حدوده الشرقية، وليس لحماية أوكرانيا.
وأكمل الخبير السياسي: “انهيار السلطة في كييف، تحت تقسيمات مختلفة، سيكون له أثر سلبي على أوروبا، وسيسبب أزمات، وقد يعطي فرصة للإرهابيين أيضا، وقد تكون هناك أزمة على الأمن والسلام الدوليين”.
في غضون ذلك، أبلغ وزير الدفاع الروسي، سيرجي شويغو، الرئيس فلاديمير بوتين، يوم الاثنن، بأن أوكرانيا حشدت قوات كثيرة بالقرب من مناطق الانفصاليين في شرق البلاد، وربما تستعد لمحاولة استعادتها بالقوة، وهو أمر نفته كييف مرارا.
ومن جانبه، قال الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيدف إنه على موسكو الاعتراف باستقلال جمهوريتي لوغانسك ودونتسك “للحفاظ على حياة المدنيين.