الرئاسة الجزائرية تعلن رفضها للتدخلات الأجنبية في الأزمة الليبية
أعربت الرئاسة الجزائرية عن رفضها التدخلات الأجنبية في الأزمة الليبية، وأكدت على أن حلها “يمر عبر حل سياسي داخلي بعيداً عن أي تدخل خارجي”، وشددت على “التضامن اللامشروط مع الشعب الليبي“.
وأصدرت رئاسة الجمهورية بالجزائر بياناً مساء الخميس، نقله التلفزيون الحكومي، أعلن فيه أنه “بتوجيهات من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، تقرر شحن مساعدات استعجالية مكونة من مواد غذائية وطبية وألبسة وخيم ومولدات كهربائية مقدرة بأزيد من 100 طن عن جسر جوي من مطار بوفاريك (وسط) إلى مطار جانت (جنوب) نحو ليبيا”.
وأوضح البيان بأن “القرار يعبر عن التزام الجزائر قيادة وشعباً بالتضامن اللامشروط واللامحدود مع الشعب الليبي من أجل تجاوز الظروف الصعبة التي يمر بها عبر حل سياسي ليبي داخلي بعيداً عن أي تدخل أجنبي”.
وصدر بيان الرئاسة الجزائرية عقب تصويت البرلمان التركي مساء الخميس على إرسال دعم عسكري لمليشيات السراج، في خطوة وصفها المراقبون بـ”التهديد الصريح والخطر لأمن المنطقة برمتها”
وتصاعدت بالجزائر في الأيام الأخيرة التحذيرات الشعبية ومن سياسيين ومثقفين من خطورة الخطوة التركية التي عدوها “تهديداً مباشراً للأمن القومي للجزائر ولدول الجوار الليبي” الخاسر الأكبر من استمرار الأزمة في هذا البلد العربي وانتشار الجماعات الإرهابية فيه، خاصة بعد جلب النظام التركي مرتزقة من سوريا إلى ليبيا حاربوا مع تنظيم داعش الإرهابي.
وكشف وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم، الخميس، عن الدور الذي ستقوم به بلاده لإبعاد شبح الحرب عن ليبيا والمنطقة، موضحاً بأن الجزائر ستقوم في “الأيام القليلة المقبلة” بالعديد من المبادرات في اتجاه الحل السلمي للأزمة في ليبيا، وألمح إلى تكثيف التنسيق مع دول الجوار الليبي مصر وتونس، حينما تحدث عن “مساعدة الليبيين لإيجاد حل لأزمتهم بمساعدة دول الجوار”.
وأكد بوقادوم على رفض الجزائر “التام” لوجود “قوة أجنبية مهما كانت في هذا البلد الجار”، ما يعني وفق خبراء أمنيين أن رفض الجزائر الرسمي للطلب التركي بالانضمام إلى ما أسمته “الحلف مع تركيا في ليبيا”.
وفي تصريح صحفي على هامش إرسال الجزائر مساعدات إنسانية نحو ليبيا، قال وزير الخارجية الجزائري إن بلاده “ستقوم في الأيام القليلة القادمة بالعديد من المبادرات في اتجاه الحل السلمي للأزمة الليبية ما بين الليبيين فقط”.
وقدم تصور الجزائر لحل الأزمة الليبية، وأوضح بأن “الجزائر لها موقف ثابت بخصوص عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول”، مشيراً في السياق إلى أن “لغة المدفعية ليست هي الحل، وإنما في التشاور بين كافة الليبيين وبمساعدة جميع الجيران وبالأخص الجزائر”.
وفسر متابعون تصريح وزير الخارجية الجزائري على أنه “إعلان رفض للقرار التركي التدخل عسكرياً في ليبيا، وبأن أي حل في هذا البلد العربي لا يتم إلا بدول الجوار في إشارة إلى مصر وتونس والجزائر” التي تعتبر الأكثر تضرراً من استمرار الأزمة الليبية وانتشار الجماعات الإرهابية بها.
وذكرت مصادر سياسية وإعلامية جزائرية في الأيام الأخيرة، بأن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون “رفض طلب رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان لزيارة الجزائر قبيل زياته إلى تونس لبحث الأزمة الليبية وطلب الانضمام إلى التحالف العسكري معها”.
وكشفت عن أن “تبون تلقى في يوم واحد اتصالين من أمير قطر وأردوغان في محاولة لاستقطاب الرئيس الجزائري الجديد لحلفهما المشبوه في ليبيا”، مشيرة إلى أن “تبون اعتذر بدبلوماسية لأردوغان عن طلب زيارته للجزائر، وبرر ذلك بأن الظروف الداخلية لا تسمح باستقبال قادة الدول”.
وتوقع عدد من الخبراء الأمنيين عدم “انسياق الجزائر وراء الدعوات التركية للتدخل العسكري في ليبيا”، وأرجعوا ذلك إلى جملة من الأسباب التي تؤكد بحسبهم “جهل أردوغان لطبيعة المنطقة وخصوصيات كل دولة بها”.
ومن بين تلك الأسباب “وجود عقيدة لدى الجيش الجزائري بعدم خروجه خارج الحدود الوطنية، كما يمنع الدستور الجزائري الجيش من المشاركة في أية عمليات عسكرية خارج البلاد”.
أما السبب الثاني “فهو الرفض الجزائري للدورين التركي والفرنسي في الأزمة الليبية والذي ترى فيه الجزائر تهديداً مباشراً لأمنها القومي، ومحاولة منهما للتوقع العسكري على حدودها الشاسعة مع ليبيا وحتى مالي”.
كما أوضح خبراء أمنيون بأن الجزائر واجه منذ تدهور الأوضاع الأمنية في ليبيا ومالي “حرب استنزاف”، حيث فرضت الجزائر منذ 2011 حالة استنفار قصوى على حدودها مع البلدين الجارين، ودفعت بآلاف الجنود والعتاد العسكري، ووضعت إجراءات أمنية استثنائية على الحقول النفطية المتواجدة بالصحراء الجزائرية.
كما واجه الجيش الجزائري محاولات اختراق عدة للجماعات الإرهابية على طول “المثلث الحدودي” مع دول النيجر ومالي وليبيا، وتمكن من ضبط كميات هائلة من الأسلحة الحربية.