الرئيس الأفغاني يتهم باكستان بإيواء قيادات حركة طالبان الإرهابية
شن الرئيس الأفغاني أشرف غني، هجوماً على باكستان المجاورة، التي تتهمها كابول بإيواء قيادة حركة طالبان الإرهابية وتأمين ملاذ آمن لعناصرها، وتقديم المساعدة لهم.
وقال غني: أن ممارسات حركة “طالبان” تثبت أن “لا إرادة لديها” لتحقيق السلام. في الوقت ذاته، حدد رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان 3 شروط، مالية ولوجستية وسياسية، طالب الولايات المتحدة بتنفيذها، كي تتمكّن بلاده من إدارة مطار كابول وحمايته، بعد انسحاب القوات الأجنبية الأخرى من أفغانستان.
تصريحات غني جاءت خلال إلقائه خطاباً لمناسبة عيد الأضحى في قصر الرئاسة بكابول، وسبقه سقوط 3 صواريخ قرب القصر الثلاثاء، في هجوم تبنّاه تنظيم “داعش”، مشيراً إلى استهداف “القصر الرئاسي للطاغوت الأفغاني والمنطقة الخضراء (في كابول) بسبعة صواريخ” من طراز كاتيوشا، كما أفادت وكالة “فرانس برس”.
وأعلن ناطق باسم وزارة الداخلية أن الصواريخ لم تسفر عن إصابات، مشيراً إلى أنها سقطت خارج أراضي القصر الذي يقع وسط “المنطقة الخضراء” في العاصمة المحصنة بجدران عملاقة من الإسمنت والأسلاك الشائكة، كما أن الشوارع القريبة منه مغلقة منذ فترة طويلة.
ويتزامن ذلك مع هجوم واسع تشنّه حركة طالبان الإرهابية في البلاد، مع قرب استكمال انسحاب القوات الأميركية ووحدات حلف شمال الأطلسي (ناتو)، والذي اكتمل بنسبة 95%، كما قال الرئيس الأميركي جو بايدن، مرجّحاً خروج آخر جندي أميركي من أفغانستان، بحلول 31 أغسطس المقبل.
واستؤنفت في العاصمة القطرية الدوحة، خلال اليومين الماضيين، مفاوضات بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان الإرهابية التي باتت تسيطر على مناطق شاسعة من البلاد.
وقال الناطق باسم الحركة، سهيل شاهين، إن نتائج المفاوضات لم تفِ بتوقعات الشعب الأفغاني، متحدثاً في الوقت ذاته عن “بداية جيدة، إذ حققنا بعض النتائج”.
وأشار إلى أن “المفاوضات كانت مكثفة والجلسات متعددة”، مضيفاً أنها تطرّقت إلى “كل المسائل الداخلية لأفغانستان”، علماً أن رئيس “المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية” الأفغاني، عبد الله عبد الله، ترأس وفد بلاده خلال المحادثات.
لا إرادة للسلام لدى حركة طالبان
غني اعتبر أن قرار حكومته إرسال وفد بارز إلى الدوحة، يشكّل إنذاراً نهائياً. وقال: “أوضحت طالبان أشياء كثيرة. أخبرني السيد عبد الله أن لا إرادة للسلام لدى حركة طالبان الإرهابية . أرسلنا الوفد لتوجيه إنذار، وإظهار أن لدينا إرادة السلام وأننا مستعدون للتضحية من أجله، لكن (طالبان) ليست لديها إرادة للسلام، وعلينا اتخاذ قرارات بناءً على ذلك”.
وأضاف: “قدّمت قوات الأمن والدفاع الأفغانية تضحيات كثيرة في السنوات العشرين الماضية، خصوصاً في الأشهر الثلاثة الماضية، للدفاع بصدق عن هذه الأرض وشرف هذا الوطن”. وتابع أنه أمضى الأسبوع الماضي يعمل لإعداد “خطة عاجلة وعملية” لتجاوز الوضع الحالي.
واعتبر غني أن الموقف الحازم للأفغان، خلال الأشهر الثلاثة إلى الستة المقبلة، سيغيّر الوضع على الأرض، مشدداً على أنهم سيصنعون مستقبل بلادهم. وأسِف لقرار حكومته الإفراج عن 5000 سجين من “طالبان”، لبدء محادثات السلام العام الماضي، ووصفه بأنه “خطأ جسيم” عزّز قوة المسلحين.
باكستان تأوي قيادة طالبان
وشنّ غني هجوماً على باكستان المجاورة، التي تتهمها كابول بإيواء قيادة حركة طالبان الإرهابية وتأمين ملاذ آمن لعناصرها، ومساعدتهم. في المقابل، تتهم إسلام آباد أفغانستان بإيواء مسلحي حركة طالبان باكستان، التي تشنّ هجمات على الجيش الباكستاني. وقال غني إن “إسلام أباد لا تريد نظام طالبان على أراضيها”، مستدركاً أن وسائل إعلامها “تناضل من أجل نظام طالبان في أفغانستان”.
أما عبد الله عبد الله، فاعتبر أن أفغانستان تشهد “آخر فرصها” من أجل “تسوية سياسية وسلام دائم”. وأضاف في رسالة لمناسبة عيد الأضحى: “شعب أفغانستان يتوقع تسريع مفاوضات السلام، لئلا تضيع الفرصة”.
واعتبر أن لا عذر لاستمرار العنف، مع انسحاب القوات الدولية، مشدداً على أن حلّ الصراع لا يتم بوسائل عسكرية. وتابع: “حلّ أزمة مستمرة منذ 43 سنة في أفغانستان، يتم من خلال محادثات بنّاءة وذات مغزى، وتسوية سياسية. الإصرار على الخيار العسكري يُظهر عدم الاستفادة من الدروس الضرورية، بعد 4 عقود من الصراع”.
مطار كابول
إلى ذلك، كرّر أردوغان استعداد أنقرة لضمان الأمن في مطار كابول، وإدارته، بعد استكمال انسحاب القوات الدولية، علماً أن بلاده تجري محادثات منذ أسابيع مع الولايات المتحدة في هذا الصدد. لكن “طالبان” حذرت تركيا الأسبوع الماضي من عواقب لخطتها، معتبرة أن ذلك “احتلال، والمحتلون سيُعاملون على هذا الأساس”، كما أفادت “فرانس برس”.
ووفّرت تركيا الأمن في القسم العسكري بالمطار، لست سنوات، في إطار مهمة الناتو. وتأمل أنقرة بأن تساهم مهمة إدارة المطار، في تحسين علاقاتها بواشنطن، التي شابها توتر، لا سيّما بعد شراء تركيا أنظمة دفاع صاروخي روسية الصنع، من طراز “إس-400″، يعتبرها الحلف الأطلسي تهديداً لأمنه، وفق وكالة “بلومبرغ”.
وأقرّ أردوغان متحدثاً في شمال قبرص، بأن لدى “طالبان” تحفظات، مستدركاً أن تركيا ستنفذ المهمة رغم ذلك، طالما أن الولايات المتحدة تفي بثلاثة مطالب محددة. وذكر أن أنقرة “تدرس الآن بشكل إيجابي” فكرة تشغيل مطار كابول، مضيفاً: “نريد أن تلبّي الولايات المتحدة شروطاً معينة”.
وتابع: “أولاً، على الولايات المتحدة أن تقف إلى جانبنا في العلاقات الدبلوماسية. ثانياً، عليها أن تسخّر إمكاناتها اللوجستية لمصلحتنا، وأخيراً، يجب أن تقدّم الدعم اللازم في المسائل المالية والإدارية، إذ ستكون هناك تحديات خطرة. في حال تلبية هذه الشروط، فإننا، تركيا، نعتزم تشغيل مطار كابول”.
وتحدث أردوغان عن “حقبة جديدة” في أفغانستان، مضيفاً: “حركة طالبان التي أجرت محادثات مع الولايات المتحدة، يجب أن تكون قادرة على بحث هذه الملفات بارتياح أكبر مع تركيا… أعتقد بإمكان أن نتوصّل إلى اتفاق”، وفق “فرانس برس”.
روسيا وحركة طالبان الإرهابية
في موسكو، أشاد نائب وزير الخارجية الروسي، زامير كابولوف، وهو الموفد الخاص للكرملين في ملف أفغانستان، بدور “طالبان” في تأمين الحدود مع دول آسيا الوسطى. وقال خلال منتدى على الإنترنت: “طالبان، على الأقلّ الآن، هي عامل إيجابي بشأن ضمان أمن شركائنا في آسيا الوسطى”.
وأضاف أن الحركة ليست قادرة بعد على السيطرة بشكل دائم على المدن الكبرى في أفغانستان. لكنه حذر من أن ميزان القوة يميل إلى حركة طالبان الإرهابية ، معتبراً أن “استيلاءها على السلطة في البلاد سيصبح احتمالاً واقعياً جداً”، من دون تحقيق “تقدم جدي” في المفاوضات حول تقاسم السلطة.
وأشارت “بلومبرغ” إلى حرص روسيا على منع امتداد الصراع في أفغانستان، إلى الدول المجاورة في آسيا الوسطى. والتقى كابولوف في موسكو قبل نحو أسبوعين، وفداً من “طالبان” تعهد باحترام حدود الدول المجاورة لأفغانستان.
وأعلن مسؤولون دفاعيون روس الثلاثاء، أن الجيش الروسي سينفذ تدريبات عسكرية مشتركة مع أوزبكستان، قرب الحدود مع أفغانستان. كذلك عرض الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مساعدة طاجيكستان في التعامل مع القتال المتزايد على حدودها، علماً أن لموسكو قاعدة عسكرية ضخمة في هذا البلد.