الرئيس التونسي: حكومة السراج مؤقتة ونرفض تقسيم ليبيا
إخونجية تونس ينظمون حملة تشهير بموقف سعيد
قال الرئيس التونسي قيس سعيّد، إن حكومة السراج في ليبيا تحمل شرعية مؤقتة، وشدد على ضرورة أن تحل مكانها سلطة جديدة، مجددا في الوقت ذاته رفض تونس لتقسيم ليبيا.
جاءت تصريحات سعيد خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، الاثنين، من باريس.
وأضاف الرئيس سعيد: “السلطة القائمة في طرابلس تقوم على شرعية دولية، ولكن هذه الشرعية الدولية لا يمكن أن تستمر، هي شرعية مؤقتة، ويجب أن تحل محلها شرعية جديدة، شرعية تنبع من إرادة الشعب الليبي”.
وأضاف: “وأقولها من هذا المنبر، ومن باريس، أن تونس لا تقبل بتقسيم ليبيا”.
تصريحات الرئيس التونسي من باريس لم ترق لجماعة الإخونجية في تونس، الذين سارعوا لتظيك حملة جديدة من التشويهات والتحريض ضده على شبكات التواصل الاجتماعي، في محاولة يراها مراقبون تهدف إلى التقليل من دوره وصورته.
وأطلقت حركة النهضة الإخونجية جيوشها الإلكترونية في حملة اعتبرت أن “بروتوكول” الاستقبال لسعيد إهانة للدولة التونسية، ووصفت أيضًا أداءه الخطابي بأنه كان هزيلا.
كما أطلق في المقابل أنصار قيس سعيد حملة مضادة، تعتبر هذه الانتقادات الإخونجية نتيجة لموقف سعيد من الأزمة الليبية، ودعوته إلى عدم احتكار حكومة السراج للشرعية داخلها.
الكاتب السياسي التونسي، بسام حمدي، قال إن قرار سعيد النأي بالنفس عن الصراعات الدائرة في ليبيا جنب نسبيا بلاده من المخططات التي تريد حركة النهضة تمريرها، وهي مخططات المحور القطري التركي الداعم للميليشيات الإرهابية.
وأوضح حمدي، أن خطاب سعيد كان واضحا في التعبير عن الموقف الرسمي التونسي، وإحراج تحركات راشد الغنوشي الداعمة بشكل علني لحكومة السراج المنتهية شرعيتها على الميدان.
وتوقع أن تزيد هذه المواقف المتضاربة من حدة الخلافات بين رئيس الدولة ورئيس البرلمان، خاصة مع سرعة تطور الأحداث داخل ليبيا وتغير الموازين الاستراتيجية في المنطقة.
وتتزامن زيارة سعيد إلى باريس مع تصاعد انتقادات الرئيس الفرنسي لتحركات النظام التركي في منطقة حوض المتوسط وللدور الخطير الذي تلعبه أنقرة في ليبيا.
وتشهد العلاقات بين النظام التركي وفرنسا توترا بالفعل بسبب عدد من القضايا تتراوح من سوريا إلى التنقيب عن النفط في شرق البحر المتوسط.
وسبق للرئيس الفرنسي أن أعرب عن أسفه لصمت حلف شمال الأطلسي “الناتو” الذي يضم أنقرة، عن الهجمات العسكرية التركية على الجماعات الكردية المسلحة في سوريا، حليفة القوى الغربية في مكافحة الجماعات الإرهابية في سوريا.
مصادر مطلعة إن اللقاء الثنائي الذي جمع سعيد بماكرون وقع فيه تطارح قضية التطرف الخطابي لبعض التيارات الإخونجية في تونس، والمضامين العنيفة تجاه الدولة الفرنسية من قبل بعض الكتل البرلمانية.
وضمن هذا الإطار، حملت زيارة سعيد فرصة جديدة لتصحيح المسارات الدبلوماسية بين البلدين حسب العديد من المتابعين، خاصة وأن علاقة زعيم إخونجية تونس راشد الغنوشي برئيس الدولة ليست في أحسن حالاتها وتسيطر عليها حربًا باردة منذ مطلع العام الجاري.
ورغم الطابع الروتيني السابق لزيارات قادة تونس عبر تاريخها الحديث إلى فرنسا، إلا أن هذه المرة ستحمل فصلا آخر من الصراع بين الغنوشي وسعيد، والتي وصلت فيه حده الخلافات إلى شبه قطيعة تامة
وكان الرئيس التونسي قد وجه رسالة للغنوشي في خطابه ليلة عيد الفطر قائلا فيها “إن تونس لها رئيس واحد “وهو الذي يملك حق التخاطب باسمها في الخارج وفق دستور 2014.
ومخاطبا الغنوشي ضمنيا، قال الرئيس التونسي إن “هناك من يريد العيش في الفوضى.. فوضى الشارع والمفاهيم ولكن للدولة مؤسساتها وقوانينها وهي ليست صفقات تبرم في الصباح والمساء”.
جاءت تلك الرسالة تعقيبا على إجراء الغنوشي مكاملة هاتفية حينها مع السراج لتهنئته على ما اعتبره نصرا على الجيش الوطني عندما استولى على قاعدة الوطية العسكرية.
وفجرت تلك المكالمة موجة غضب واسعة ضد الغنوشي ومثل على أثرها للمساءلة أمام البرلمان حول أسرار علاقته بالتنظيم الدولي للإخوان وتحركاته المشبوهة في محيط الجماعات المسلحة الناشطة في ليبيا والمدعومة تركيا وقطريا.
وما بين السخط الشعبي والتحركات المشبوهة والخلافات الداخلية والاتهامات التي تلاحقه بالخلط بين صفته كرئيس للبرلمان ورئيس لحركة النهضة، تستعر النيران بمحيط الرجل من كل جانب، في نقطة يلتقي فيها ضده خصومه وحلفاؤه معا.
الأوبزرفر العربي